لأنها على يقين من عجزها عن الحصول على حصة معتبرة من التصويت الشعبى، فمن ضمن ما طالبت به مؤخراً الأقلية النخبوية الخائبة الرئيس مرسى أن يضمنه شخصياً لها، هو أن يضغط لصالحها على الأغلبية الإسلامية المتوقعة فى البرلمان القادم، لكى تعدل لها الدستور! من العجيب أن هذه الأقلية ذاتها ظلت لشهورٍ طويلة قبل عدة سنوات، تفترى كذباً على الإسلاميين كافة، بموضوع إرضاع الكبير، بينما هذه النخبة العاجزة فى الحقيقة اليوم، لا تود ترك الحضانة السياسية التى منحتها بعيداً عن الإرادة الشعبية، حصة فى تأسيسية صياغة الدستور لا تناسب حجم ما تعكسه البتة كأقلية، بل وتطالب الفصيل الشعبى الأكبر أن ينزل على رغبتها ليعتمد لها النظام الانتخابى الذى توده، وهكذا مع تعديل الدستور كما أسلفنا وغير ذلك من مطالبات عبر اقتراحات ساذجة توالت وتتوالى، من نوعية مجالس رئاسية وحكومات توافقية وبرلمانات «كوكتيل» متساوية، وهى بذلك تريد أن تظل فى طور الحضانة على حجر السلطة السياسية، لا تبغى فطاماً ولا تريد فصالاً عن «البزازة». لذلك فلن أتعجب يوماً، حين أرى «كاريكاتيراً» سياسياً، يضع أحدهم والبزازة فى فمه على حجر سياسى من الإخوان، وآخر على حجر سلفىٍّ، بينما يقف زملاؤهما من تلك النخبة المبتسرة فى انتظار الرضعة. صدقونى أبداً أنا لا أسخر من هذه الفئة العاجزة، مثلما يفعل الكذابون فى إعلامها مع الخصم السياسى وحاشا أن أفعل، ولا أريد ممن يقرأ ما أكتبه عنها، إلا فقط أن يراجع مواقفها السياسية الساذجة العاجزة ليدرك يقيناً، أنى أنعتها بما فيها فقط، ولا أسبها بما لم تأتِ به. وفى المقابل لا أتأخر أبداً عن نقد الذات والاعتراف وجهراً بأخطائنا كإسلاميين، ولكننا لا نكذب مثلهم، بل طبطبنا عليهم بسذاجة، فأضعنا معهم عامين من عمر الثورة، ومن عمر مصر للأسف. الأستاذ محمد أنور السادات يطالب النائب العام بالتحقيق وكشف ملابسات زيارة سرية لقائد فيلق القدسالإيرانى اللواء قاسم سليماني، للقاهرة تمت فى الفترة من 26 إلى 30 ديسمبر الماضي، والتى التقى فيها حسب قوله الذى أتمناه صحيحاً بجد، مسئولين مصريين ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين داخل أحد الفنادق الشهيرة بالقاهرة، وأشار إلى أنه فى هذا اللقاء تم مناقشة أساليب السيطرة على الأجهزة الأمنية فى مصر، خاصة أن اللواء سليمانى خبير فى هذا المجال، وكان قد نجح فى فرض سيطرة النظام الإيرانى الإسلامى على أجهزة الأمن فى إيران بعد الثورة على الشاه. إلى هنا، فأتعجب مما قاله السادات، وخاصة أن المفترض فيه أنه رجل سياسة، فما الضير فى ذلك يا أستاذ أنور؟ فالتبادل فى مجال الخبرات بل و«المعلومات» كذلك، لا تتخلف عنه إلا دولة بلهاء، أليس كذلك أيها «السياسى» المصرى حتى وإن كنت معارضاً؟ فرغم ما نزعمه من حلولٍ مصرية خالصة لإعادة هيكلة مؤسسات الدولة كلها، والانتقال بأجهزة الدولة وتحريرها من نظام مبارك، فإنه وبفرض صحة ما ذكره السادات، فذلك يستلزم منى تحية تقدير لهؤلاء المسئولين المصريين، لانفتاحهم على الخبرات الدولية فى هذا المجال، فإعادة هيكلة منظومة الأمن المصرى كلها، هو عمل مستحق تأخرنا فيه، الأقلية النخبوية لا تتمناه، إما لفسادها أو لأنانيتها بتقديم مصالحها السياسية على استحقاقات الوطن. يقول أحدهم إنه على الشعب أن يختار فى 25 يناير المقبل، إما دولة القانون أو دولة المرشد، وفى الحقيقة الشعب اختار دولة القانون بالفعل حين اختار الشرعية، وأن علينا بالفعل أن نطبق القانون بحيث ينتفى التعويق وتنتظم قطاعات الدولة وأحوالها على الأصعدة كافة وتنتظم معايش الناس اليومية، فأرجوكم أيها الإسلاميون، أن اتركوهم يوم 25 يناير القادم، لينزلوا إلى التحرير، فلن يأتوا بجديد، فقط لا تلتفتوا إليهم، ولا تتحدثوا عنهم، ولكنى أرجو دولة الشرعية والقانون، وعبر قانون ينظم المظاهرات ولا يصادر حقًا، أن تطبق هذا القانون وكل قانون، بدءًا من صبيحة السادس والعشرين من يناير، وأن تتصدى لأى خروج عن الشرعية، الآن وكل يوم. وفى المقابل، أدعو الأغلبية أن تدعو كل الأحزاب ومؤسسات المجتمع الأهلى بل والمواطنين كافة، إلى مناقشة قانون تنظيم المظاهرات الجديد، ولكن تحت عنوان رئيس «تظاهر ولا تُعَوِّق»، نعم عبر عن نفسك أيها المعارض وعن رأيك بل وعن احتجاجك، فهذا حقك فى مجتمع الحرية، ولكن لا تُعَوِّق معايش الناس، ومن يريد من القوى السياسية خلاف ذلك، فعليه أن يواجه أهل مصر الطيبين بأغلبيتهم ويقول لهم «بل أريد أن أعوق حياتكم واقتصادكم وبلدكم». لم يبقَ لهؤلاء، إلا أن يرفعوا يافطة على مقر حضانتهم تحمل شعاراً «الأطفال المبتسرون يريدون إسقاط الشعب». [email protected]