ارتفاع أسعار 39 نوعًا من الأدوية واختفاء أكثر من 200 نوع نقيب صيادلة الإسكندرية: الشركات الأجنبية جعلت الدعاية هى المتحكمة فى المريض المصرى أسامة غيث: صاحب الدخل المنخفض لا يمكن أن يتحمل عبء أسعار الدواء المرتفعة رئيس جهاز حماية المستهلك: يجب على أجهزة الدولة عدم رفع أى أسعار إلا بعد دراسة متأنية شهد سوق الدواء فى مصر خلال الأيام القليلة الماضية ارتفاعًا ملحوظًا فى أسعار بعض الأدوية ونقص بعضها، وذهب البعض إلى القول بأن هناك ارتفاعًا في أسعار المواد الخام بسبب ارتفاع سعر الدولار مما أدى إلى احجام الشركات عن تصنيع بعض الأدوية والبعض الآخر يرى أن زيادة أسعار بعض الأدوية زيادة طفيفة لا تذكر وهى فى مصلحة المريض بدلًا من اختفائها وبين هذا وذاك يعانى المريض فى الحصول على الدواء وهذا ما يتناقض تمامًا مع أهم مبادئ حقوق الإنسان وهو الحق فى الصحة والحصول على الأدوية الضرورية بأسعار فى متناول الجميع. نتساءل: هل حقا ما يتردد أن أسعار الأدوية فى مصر لم ترتفع منذ سنوات طويلة؟، وهل تخسر شركات الأدوية المصرية؟ ولماذا لا تلجأ وزارة الصحة إلى التصنيع المحلى لسد الفجوة الدوائية ومن ثم الحد من سيطرة الشركات الأجنبية الكبرى على صناعة وسوق الدواء المصرى؟ وللإجابة على هذه التساؤلات كان لا بد من طرحها على القائمين والمعنيين بصناعة الدواء فى مصر. فى البداية يقول الدكتور جمال عبدالوهاب نقيب الصيادلة بالإسكندرية إن القول بأن أسعار بعض الأدوية زادت فى حدود الطبيعى وهذه الزيادة بقبول وتوافق المريض مؤكدا أن بعض العاملين فى مجال الدواء و الإعلام هما السبب الرئيسى فى افتعال الأزمة لأغراض سياسية، فمثلا سعر قطرة العين كان 3 جنيهات وأصبح 3.25 جنيه وهذه لا تعد مشكلة لأن سعرها من عشرين عاما لم يتغير والمريض يفضل هذا الارتفاع البسيط وهو أفضل بكثير من عدم وجود الدواء فى الصيدليات متسائلا لماذا لم يستطع أحد أن يعترض عندما كانت الاستثمارات الأجنبية تضغط على النظام السابق لكى ترفع سعر أدوية الشركات الأجنبية لكن نأتى اليوم ونقف أمام دعم الصناعة الوطنية لكى تطور من نفسها ويكون لديها القدرة على المنافسة لتوفير الدواء مشيرا إلى أن الدواء المصرى سعره أرخص من كل دول العالم. ويؤكد عبدالوهاب أن هناك شركات تكسب مليارات الجنيهات فى الصنف الواحد من الأدوية أى بنسبة لا تقل عن 80% وعن بدائل الأدوية وهل بها مادة فعالة مثل الأدوية الأساسية يقول عبدالوهاب لا بد من تغيير هذه الثقافة لأن الشركات الأجنبية جعلت الدعاية هى المتحكمة فى المريض المصرى لكى تضعف الصناعة الوطنية مؤكدا أن الأدوية البديلة بها نفس المادة الفعالة. وعن تأثير ارتفاع سعر الدولار فى زيادة أسعار استيراد المواد الخام للأدوية يقول عبدالوهاب كل المواد الخام لا تأتى فى يوم وليلة وكل شركة لديها مخزون يكفيها بما فيها تعبئتها وتغليفها فى مدة لا تقل عن عام فلا يجوز أن يأتى أحد ويتحدث عن أنه استورد مواد خام بسعر دولار اليوم نافيا أن تكون هناك أزمة فى الدواء المصرى لكن هناك بعض الأشياء المهمة التى تخص المريض وبالتالى نرفعها إلى الإدارة المركزية التى تسعى جاهدة لحلها لمنع الاحتكار مؤكدا أن مصلحة المريض من أولى اهتمامات نقابة الصيادلة بعيدا عن المزايدة السياسية و أن رصيدنا هو خدمة المريض وليس لنا أى مصلحة أخرى غير ذلك مشددا على أنه إذا وجد زيادة فى سعر أى نوع من الأدوية بصورة لا تتناسب مع المواطن المصرى سوف نقف له بالمرصاد، مطالبا كل شخص أن يتخلى عن مصلحته الشخصية وينظر إلى مصلحة البلد فمصر لها حق علينا جميعا. ريهام المهدى، مديرة مبيعات بإحدى شركات الأدوية تقول: فيما يخص الأدوية التى زاد سعرها هذا شىء طبيعى لأن كل المواد الخام من الأدوية التى تستخدم حتى فى التصنيع المحلى تستورد من الخارج ويكون العامل المؤثر الأساسى للمواد الخام هو الدولار وفى ظل ارتفاع الدولار يرتفع معه سعر استيراد المواد الخام. وتضيف المهدى أن هناك شركات قدمت لوزارة الصحة تسعيرة أسعار دواء جديدة مدعومة بوثائق تثبت أن سعر التكلفة أكبر من ذى قبل وبعض الشركات بالفعل أخذت موافقات وبدأت طرح الأدوية بالأسعار الجديدة لكن المنتجات التى اختفت من السوق نتيجة أن بعض الشركات لم تستطع الحصول على موافقات كما أن هذه الشركات لم تحقق ربحا لأن تكلفة تصنيع الدواء أعلى من بيعه. وعن كيفية مواجهة ارتفاع سعر بعض الأدوية واختفاء بعضها تقول المهدى من المفترض أن أى ملف يريد أن يدخل تسعيرة جبرية جديدة يجب أن يدرس فى منتهى السرعة من جانب وزارة الصحة كما أتمنى أن يوضع بند فى قانون الأدوية تلزم وزارة الصحة إذا لم تُرد تسعير منتج معين من الأدوية أن تقوم هى بتصنيعه وتوفيره للمواطنين. وعن الأدوية البديلة للأدوية الأصلية تؤكد المهدى أن وزارة الصحة لا ترخص الأدوية إلا إذا كانت متأكدة أن كفاءتها لا تقل عن 90% من كفاءة الدواء الأصلى. من ناحية أخرى، تقول الدكتورة يسر عبدالجواد مديرة صيدلية يوجد بالفعل حوالى 30 نوعا من الأدوية زادت أسعارها عن ذى قبل كما يوجد 15 نوعا آخر دخلوا تسعيرة بمعنى أن سعرهم سوف يتغير خلال الأيام القادمة لكن لا نعلم قيمة الزيادة كما أنه يوجد أكثر من 200 نوع من الأدوية ناقصة فى السوق، وأن فرق الزيادة فى سعر بعض الأدوية بسيطة لا تؤثر على أغلب المواطنين لأن سعر الأسبوسيد مثلا ب 1 جنيه من عشرين عاما و لم يتغير سعره حتى وقتنا هذا وأكيد تكلفته عالية. وتشير يسر إلى أن الأدوية البديلة بها نفس المادة الفعالة الموجودة فى الأدوية الأساسية لكن أغلب الناس لا يرضون بالبديل فى حالة عدم وجود الدواء الموجود فى الروشتة ويرجع السبب فى ذلك إلى نفسية المريض الذى لا يقبل إلا بما هو موجود فى روشتة الطبيب، وبعض الأدوية زاد سعرها بنسبة 25% ومن بين هذه الأدوية: (إندروميسين مضاد للالتهاب من 4.5 جنيهات إلى 5 جنيهات- كاندستات سبراى للفطريات من 8 جنيهات إلى 10 جنيهات أوكسيميت نقط أنف من 1.25 جنيه إلى 2 جنيه ميدودرين أقراص للضغط من 3.5 جنيه إلى 7 جنيهات فوليك أسيد فيتامين للحوامل من 2.5 جنيه إلى 4.75 جنيه ريفو أقراص مسكن من 8 جنيهات إلى 10 جنيهات - أما ألبان الأطفال المدعمة ومنها بيوميل, ناكتيليا, ليبتوميك أسعارها من 17 جنيها إلى 18 جنيها وهى ألبان مدعمة وللأسف الشديد غير موجودة فى السوق وتوجد بدائل لها لكنها غير مدعمة وبأسعار عالية تقتصر على فئة معينة من الناس ومنها بيبيلاك بأنواعه ايسوميل سيميلاك وتتراوح أسعاره من 40 جنيها إلى 62 جنيها ). وفى سياق ذى صلة يقول أسامة غيث الخبير الاقتصادى ومدير تحرير الأهرام للأسف الشديد مصر لا تصنع المواد الخام اللازمة لصناعة المستحضرات الطبية ومعظم المواد الخام فى الشركات العالمية يتم استيرادها من الهند والصين مشيرا إلى أن صناعة الدواء فى مصر تواجه مشكلة لأن سعر صرف الدولار يؤثر بشكل مباشر فى تكلفة إنتاج الدواء، وأنه يجب حساب تأثير المادة الخام فى السعر الإجمالى للدواء فهناك أجور ومرتبات وهناك نفقات تشغيل مختلفة يتم سدادها بالجنيه المصرى ولا ترتفع مع ارتفاع سعر الدولار على الإطلاق وبالتالى يجب الأخذ فى الاعتبار تأثير سعر صرف الدولار لكن يجب عدم المغالاة فى القول بإن سعر صرف الدولار يؤدى إلى ارتفاعات كبيرة فى أسعار الدواء ولكن المشكلة ترتبط بأن نظام تسعير الدواء السائد فى مصر جعل هناك أدوية مسعرة منذ سنوات طويلة عندما كان سعر الدولار منخفضا للغاية علاوة على أن النظام السابق سمح بتحريك بعض الأسعار على مدار السنوات الماضية للمستحضرات الطبية فى حين لم يسمح بتحريك لباقى المستحضرات وبالتالى فإن التكلفة الاقتصادية للإنتاج لم يتم مناقشتها مع شركات إنتاج الدواء فأصبحت تخسر بالفعل فى إنتاج العديد من الأدوية وهذا بدوره يؤثر بالدرجة الأولى على ميزانية القطاع العام لأن شركات القطاع العام هى الأقدم فى السوق والشركات الاستثمارية جاءت فى مرحلة تالية وبالتالى المتأثر الأكبر من تثبيت سعر الدواء لسنوات طويلة هو القطاع العام فيجب دراسة الأمر من كل جوانبه ويجب عدم ترك الحرية لشركات الأدوية أيا كانت لأن ترفع سعر الدواء وفقا لميولها أو أهوائها لأن المستهلك للدواء المصرى دخله منخفض ولا يمكن أن يتحمل عبء أسعار الدواء المرتفعة ولا يؤخذ كلامى هذا على أننى أطالب بدعم بل يجب أن يكون هناك هامش ربح معقول مع تكلفة اقتصادية وأن يتم ذلك عن طريق جهة مختصة بوزارة الصحة تتولى هذا الأمر حتى نحافظ من ناحية على شركات صناعة الدواء وبالذات شركات القطاع العام ومن ناحية أخرى نحافظ على مصالح المستهلك لأن الدواء المستورد من الخارج مرتفع التكلفة فى السوق الداخلية عندما يتم إتاحته و يؤكد غيث أن كثيرا من الأطباء و بسبب علاقاتهم بشركات الأدوية العالمية والمزايا التى يحصلون عليها من هذه الشركات بصور متعددة دائما يكون تركيزهم على كتابة الأدوية المستوردة والمنتجة بمعرفة الشركات العالمية. وعن وضع الحلول للخروج من أزمة الدواء فى مصر يقول غيث: يجب أن يتم ضبط الأمر بشكل عملى حفاظا على المصلحة العامة وهى أمور تحتاج إلى تدخل بمفهوم اقتصادى مرن حتى يتم ضبط سوق الدواء المصرى من لجنة التسعير بوزارة الصحة خاصة أن الحكومة تتحدث منذ سنوات عن توسيع نطاق التأمين الصحى واستفادة فئات جديدة من المواطنين والتأمين الصحى جزء كبير من تكاليفه هو الدواء. من جانبه، يقول اللواء عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك يجب أن نوضح أن التفتيش على الصيدليات من اختصاص الإدارة المركزية للصيدليات أما فيما يخص جهاز حماية المستهلك فما يعنينا هو الأدوية التى تباع خارج الصيدليات فأى منتج فيه زيادة أسعار مما يشكل معه زيادة عبء على المواطنين نحن ضده. يؤكد يعقوب أن الأدوية مجهولة المصدر أو المهربة التى تباع فى غير الصيدليات يقوم الجهاز بحملات لضبطها كما أن اللجنة العليا لمراقبة الأسواق و فحص الشكاوى بالتنسيق مع مندوب وزارة الصحة يقومون برصد الشكاوى ويتم توجيه الأجهزة الرقابية لفحصها. ويهيب يعقوب بأجهزة الدولة عدم رفع أى سعر إلا بعد دراسة متأنية و مدى تأثير هذه الزيادة على دخل المواطنين وألا يتم تحريك أى أسعار قد تنتهى فى آخر اليوم أن تمنع حصول المريض على دواءه الطبيعى بسبب أنه ليس فى إمكانه شراء هذا الدواء. وفى النهاية ناشد يعقوب المواطنين أن يبلغوا فورا إذا وجدوا أن السعر الذى يبيع به الصيدلى غير السعر الموجودة على العبوة وذلك على الخط الساخن لجهاز حماية المستهلك على رقم (19588) ونحن بدورنا نقوم بالاتصال بوزارة الصحة لاتخاذ كل الإجراءات القانونية الفورية.