قلب هذا الوطن يأن الآن من دموع أهالي المسجونين الذين طال غيابهم وراء القضبان.. قلب هذا الوطن يرتجف الآن من أنات المعذبين في السجون. .. قلب هذا الوطن يطلب منكم الآن أن تفرجوا عن كل المعتقلين بدون محاكمات، وأن تطلقوا سراح كل الذين أمضوا فترات العقوبة المحكوم عليهم بهابدون تمييز.. قلب هذا الوطن موجوع بوجيعة الآلاف من أبنائه، بل من خيرة أبنائه، الذين دفعوا الثمن غالياً، وأكثر من مرة، على ذنب اقترفوه، وفارقوه، أو على آثام ألصقت بهم إن حقاً أو زورا! قلب هذا الوطن يفرح لو أنكم أعدتم مئات الأسر إلى الحياة بعد أن غابت عنهم أي قدرة على الحياة! وعين هذا الوطن تدمع دماً على ألوف قضوا السنين الطويلة في غياهب السجون، وفي عذاب الاعتقال، وفي وحشية التعذيب، ألوف بعضهم أبناء كان الأمل فيهم كبيراً ليعولوا أسرهم، وبعضهم آباء فقدتهم أسرهم، وكلهم أبناء لأمهات ثكلى من دون موت، وحزانى يتشحن السواد على مصابهم في فلذات أكبادهم. تلك الألوف في السجون تركت وراءها عائلات يعلم الله وحده كيف تعيش، وكم عانت، وكم استذلت. تلك الألوف داخل السجون، طوال كل تلك السنين، امتدت إليهم يد الأمراض ففتكت بأغلبهم، كثير منهم الآن مشلول، وكثير منهم أصابه الدرن، وكثير منهم أصابته أمراض لم يسمع بها الطب من قبل. كل تلك الألوف في السجون تحتاج - قبل أي شيء آخر- إلى قلوب رحيمة تداوي جراحهم، تحتاج إلى قلب الوطن كله يمسح عنهم أحزانهم، يضمهم إلى صدره، شفوقاً بأبناء إليه يؤوبون، وإلى أحضانه يشتاقون. ألا يكفي هؤلاء جرح ضميرهم الذي أستيقظ فاعترفوا بذنبهم، وأعلنوا - بشجاعة لم يسبقهم إليها أحد- خطأهم على الملأ. ألم يأن لمثل هؤلاء أن تفتح لهم أبواب السجون ليعودوا من "رحلة" معاناة نسأل الله ألا يكتبها على أحد من عباده؟. هذا الوطن أكبر من ألا يقبل عودة الذين شردوا إذا ما عادوا، هذا الوطن أكبر من تخوفات تقارير أمنية غير منصفة، أو حسابات سياسية غير عاقلة! لهذا الوطن قلب يتسع لكل أبناءه، لا يفرق بين أحد منهم، يغفر زلاتهم إذا زلوا، ويفرح بهم إذ يرجعون إليه. فهل لهذا الوطن المكلوم من يداوي جراحه؟