من كتاب التاريخ المقرر دراسته على أولادنا في المرحلة الثانوية وتحديدا الصف الأول الثانوي في طبعته المنقحة للعام الدراسي 2037 ميلادية 1459 هجرية في الباب الأول منه وعنوانه ( ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011 م ) الفصل الثاني بعنوان ( المرحلة الانتقالية ثم مرحلة البناء : أولى مراحل ما بعد الثورة ) المقدمة ( الصفحة 45 ) اقتبست لكم هذا النص وفيه : اعلم عزيزي الطالب أن ثورة الخامس والعشرين من يناير كانت هي أهم حدث مر على بلادنا في تاريخها الحديث , حيث انتقلت بها مصر من مرحلة الدول المتأخرة والديكتاتوريات العريقة إلى مرحلة الديمقراطية وحكم الشعب لنفسه وبناء نهضة حديثة تعود بها مصر لسابق عهدها من ريادة وتقدم لصفوف الأمم , وكما درست من قبل فقد استطاع الشعب المصري بوحدة صفوفه وإخلاصه وعزيمته وإصراره على خلع الرئيس الرابع لجمهورية مصر العربية ( والتي تم إنشائها بعد إنتهاء عهد الملكية في مصر عقب انقلاب للجيش عام 1952 م ). حيث تولى ( محمد حسني مبارك ) في الفترة من (1981- 2011 م) والذي كان واحدا من أسوأ طغاة العصر الحديث , ليس في مصر فحسب بل في العالم بأسره , لم يكتفي بقمع شعبه وسلبه حريته بل عمد إلى تخريب الوطن بكامله وتجريفه وتجفيف منابعه , فكان أداة من أدوات الولاياتالمتحدةالأمريكية قبل تفككها وانهيارها حيث كانت دولة عظمى تمتلك الإقتصاد الضخم والأسلحة الفتاكة. كما كان أداة بيد العدو الصهيوني يستخدمه في محاربة مصر والعالم العربي والإسلامي و القضاء على أي بادرة تقدم فيهم والذي كان في ذلك الوقت يملك دولة تسمى إسرائيل و كانت تحتل البقعة الغالية والنفيسة من أرض العرب وهي أرض فلسطين والأقصى الشريف قبل أن يحررها العرب من براثن ذلك المحتل الغاشم ويقضون على هذا الكيان السرطاني وينتهي من الوجود بعد حرب مجيدة في عام (2020 م) (شهر رمضان 1442 ه ) ( وهو العام ذاته الذي تم فيه إنشاء اتحاد الدول العربية الإسلامية والذي توسع بعد انتهاء الحرب ليصبح الاتحاد العالمي لكافة الدول الإسلامية في العالم ) وكانت مصر فيها هي القائد والمحرك لها, والفضل كل الفضل يعود لتلك الثورة العظيمة والتي كانت شعلة النور التي أضاءت حياة المصريين ونقلتهم من عصر إلى عصر, وفتحت لهم آفاق التقدم والازدهار لتصبح مصر الآن ( كدولة منفردة ) هي الدولة الثالثة عالميا اقتصاديا وعسكريا بعد الاتحاد الأوروأسيوي والذي يشمل دول أوروبا وشمال وغرب آسيا , ويحتل المركز الثاني عالميا. بينما يظل ( الاتحاد العالمي للدول الإسلامية وعاصمته مصر) محافظا على تصدره قائمة دول العالم أجمع وهو رائد الحضارة على كوكبنا وحامل مشعل العلم والثقافة منذ انشائه وحتى الآن وهو في توسع دائم , حيث تنضم له دول جديدة كل عام , بعد أن انتشر دين الإسلام بشكل مذهل وعجيب واصبح هو الدين الأول في العالم ومكن الله له في الأرض , وكانت شرارة البدء في ذلك كله هي ثورات الربيع العربي والتي بدأت بتونس ثم مصر ولحق بهما باقي الدول العربية والإسلامية , وكان لمصر الدور الأكبر في توحيد صف الدول الإسلامية وإنشاء الاتحاد العالمي لدول الإسلام , فكانت ثورة الخامس والعشرين آذانا ببدء عصر جديد ومجيد عادت به مصر لسابق عهدها حينما كانت الحضارة الفرعونية هي أول وأعرق حضارة عرفتها البشرية وكانت مصر دوما هي واسطة العقد في عصور الخلافة الإسلامية الأولى الزاهرة , إلا أن أول خمس سنوات تلت تلك الثورة المجيدة والتي عرفت باسم المرحلة الانتقالية ثم مرحلة البناء كانت من أصعب ما مر على مصر طوال تاريخها الحديث , فبعد وحدة وقوة لصفوف الشعب المصري طوال ثمانية عشر يوما قبل انتصار الثورة وخلع الطاغية , تحولت تلك الوحدة لتشرزم وفرقة واستقطاب حاد لم تشهده مصر من قبل. وقد بدأ ذلك بأخطاء كارثية قامت بها قيادات الحركات والتيارات السياسية في هذا الوقت والتي لم تعتد العمل السياسي الجاد , بعد أن أمم الطاغية المخلوع كل صور العمل السياسي في مصر , حيث لم يتفقوا فيما بينهم على مطالب واضحة ومحددة للثورة , وكانت النخبة السياسية حينها من أسوأ ما يكون , حيث لم تكن تحركهم سوى مصالحهم وأطماعهم ونظرتهم الضيقة للأمور وضيق أفقهم , مما جعل الفترة الانتقالية الأولى المتمثلة في حكم قيادات الجيش لمصر تطول لتصل لعام ونصف العام قبل أن يصل الرئيس الخامس ( محمد مرسي ) للحكم في أول انتخابات حرة نزيهة تشهدها مصر منذ عصر الفراعنة. وكان هو مرشح جماعة الإخوان المسلمين ورئيس حزبها السياسي حزب الحرية والعدالة ( وهي جماعة دعوية إسلامية تهدف لإصلاح المجتمع من خلال العمل في كافة المجالات ومنها المجال السياسي ) وكان ترشيحه هو بداية تصاعد الاستقطاب السياسي والايديولوجي الحاد والذي كان هو السبب الرئيس في كل المشاكل والنكبات التي لاقتها مصر بعد ذلك , وبعد أن ساهمت جماعة الإخوان المسلمين بشكل كبير وهام في إنجاح الثورة بعد مشاركة أفرادها منذ اليوم الأول لها بشكل غير رسمي ثم مشاركة الجماعة بكل صفوفها وقيادتها بشكل رسمي منذ يوم الثامن والعشرين من يناير فكانت هي رأس الحربة للثورة ومركز دفاعها الأول , إلا أن خلط الجماعة بين دورها الدعوي والإصلاحي للمجتمع والذي يقوم على مبدأ التدرج والذي برعت فيه منذ انشائها على يد الإمام المؤسس حسن البنا عام 1928 م وقامت فيه بأجل وأعظم الأدوار لمصر والعالم الإسلامي بأسره , ثم قرار قياداتها بالخلط بين هذا الدور العظيم وبين العمل الحزبي وعدم مراعاة طبيعة تلك الفترة الحساسة من عمر مصر وإصرارهم على ترشيح واحد منهم لمنصب رئيس الجمهورية ثم تحالفهم مع التيارات السلفية في مصر والتي كانت تعمل بالسياسة للمرة الأولى في تاريخها وكان من الطبيعي أن ترتكب الكثير من الأخطاء الجسيمة والتي تحملت عاقبتها الجماعة وهي من اضطلعت بهذا الحمل الثقيل و كان أكبر من القدرة السياسية لها , حيث كانت خارجة للتو من مرحلة طويلة من العمل السري أجبرتها عليه سنوات طوال من المعاناة الشديدة من بطش طغاة تعاقبوا على حكم مصر عصفوا بالجماعة ونكلوا بها وعزلوها عن محيطها المجتمعي. فبالرغم من عمل الجماعة الدؤوب بين صفوف المجتمع ودورها المجتمعي العظيم الذي كانت تقوم به , إلا أن البطش الأمني جعل العمل المؤسسي في الجماعة يتسم بالسرية والغموض بين صفوف باقي المصريين , والذين لم يكونوا وقتها يعلموا الكثير عن أبجديات العمل التنظيمي والمؤسسي داخلها , مما زاد في الفرقة بين الجماعة من جهة وبين كثير من أتباع التيارات الأخرى وكثير من صفوف المواطنين العاديين خاصة بعد وصول الجماعة من خلال أحد أفرادها لسدة الحكم , وساهم في إذكاء نار تلك الفرقة نخبة سياسية وإعلامية ارتبطت بأواصر وشيجة مع نظام الطاغية المخلوع وكانت أحد أزرع الفساد به , فتعرضت الديمقراطية الوليدة والرئيس المنتخب حديثا بإرادة شعبية لأكبر حملة تكذيب وتشويه وتضليل إعلامي على مر التاريخ وساندهم في ذلك قيادات سياسية فاسدة تحالفت مع فلول ومجرمي النظام المباركي وتحالفت معهم قيادات بالسلطة القضائية والتي كانت أيضا أحد أهم أركان نظام الرئيس الرابع (مبارك ) ( آخر طغاة وفراعنة مصر ) وأحد أدواته في تثبيت حكمه طوال ثلاثين عاما , فكانت المحكمة الدستورية ( قبل حلها ) والتي قد صنعها نظام مبارك وعين قضاتها بنفسه هي أكبر معول لهدم كل خطوة تخطوها الثورة نحو بناء مؤسسات بالدولة وانشاء ديمقراطية حديثة , وقد اتخذ الرئيس محمد مرسي أول رئيس مصري بعد الثورة خطوات عديدة للقضاء على أذرع تلك الدولة المباركية العميقة , ولكن ساهمت هذه الحرب الضروس من قبل الإعلام والقضاء والنخبة السياسية الفاسدة ناهيك عن الانقسام الحاد في الشعب المصري على تأخر جني مصر ثمار ثورتها العظيمة وإطالة المرحلة الانتقالية بها عدة سنوات حتى استطاع الرئيس محمد مرسي أن يكسر هذا الاستقطاب الحاد بخطوات توافقية جادة , اقترب فيها من عموم الشعب واصلح فيها كثير من الأخطاء التي أرتكبتها جماعة الإخوان المسلمين وقياداتها حيث قام بفصل الجانب الحزبي عن الجانب الدعوي في الجماعة , واستقل حزب الحرية والعدالة تماما عنها , وأعاد بناء هياكله وتنظيمه داخليا , واعتذر للشعب المصري عن كل الممارسات الخاطئة السابقة. كما أصبحت مؤسسة الرئاسة مؤسسة مصرية مستقلة لا تتبع أي جماعة ولا أي فصيل بل هي مؤسسة لكافة المصريين تعمل وفق آلية واضحة وبشكل مؤسسي منظم , كما أنهى حالة التخبط والارتباك التي بدأت بها فترته الرئاسية , واقترب أكثر من الشعب المصري بعد جلسات مصارحة ومكاشفة فضحت فيها كل ممارسات القيادات السياسية التي برزت في ذلك الوقت ومارست أسوأ وأبشع الأدوار للقضاء على الديمقراطية الوليدة وسعت جاهدة لإحداث فوضى شاملة في البلاد وإسقاط الرئيس المنتخب بإرادة شعبية. ومن الأسماء التي برزت في تلك الحقبة ومارست ذلك الدور كانوا هم المرشحين السابقين على مقعد الرئاسة بعد الثورة وهم : الرئيس السابق لحزب الكرامة اليساري الناصري ( حمدين صباحي ) والليبرالي الذي انسحب من سباق الرئاسة مبكرا حينما تأكد من ضعف شعبيته وعدم قدرته على المنافسة : الرئيس السابق لوكالة الطاقة الذرية في الفترة من ( 1997-2009 ) ( محمد البرادعي ) ومعهم وزير خارجية الرئيس الرابع المخلوع ( مبارك ) في الفترة من ( 1990- 2001) والأمين العام السابق لجامعة الدول العربية في الفترة من (2001- 2011 م ) ( عمرو موسى ). و ساعدهم في ذلك وتحالف معهم قيادات إعلامية وقضائية فاسدة في مصر , حتى تمكن الرئيس الخامس محمد مرسي من فضح مؤامرتهم أمام الشعب وقام باتخاذ خطوات قانونية عادلة أنهت هذه الفتنة التي حاولوا صنعها مستغلين تلك الفترة الحرجة التي سبقت إقرار الدستور المصري , وساعده في إنهاء الفتنة تأييد شعبي استطاع أن ينجح في الحصول عليه بعد عام كامل من العمل الجاد والمخلص في بناء المؤسسات بروح جديدة متماشية مع روح الثورة , كما اتخذ العديد من الإجراءات العاجلة لتحسين حياة المواطن المصري , والقضاء على كل صور الفساد , بدأت بعدها مصر مرحلة من التوافق برزت فيها أحزاب سياسية لعبت دورا هاما في المعارضة الشريفة ( قبل أن تصل لاحقا للحكم ) والتي حققت جوا من التنافس المحترم والجاد كما استطاعت أن تكون الأغلبية المعبرة عن نبض الشعب في أول برلمان تم انتخابه في عهد ( الرئيس محمد مرسي ) وهي أحزاب الوسط و حزب مصر القوية و قامت تلك الأحزاب بالتعاون مع حزب الحرية والعدالة وحزب النور أقوى الأحزاب حينها وبالاشتراك مع عدة أحزاب أخرى وليدة في تكوين عدة حكومات إئتلافية استطاعت أن تنهض بمصر من كبوتها , وقبل انتهاء الفترة الرئاسية للرئيس محمد مرسي عام ( 2016 م ) وهي الفترة التي سميت بالمرحلة الانتقالية وتلاها مرحلة البناء كانت مصر قد وضعت أقدامها على عتبة النهضة الشاملة والتي أوصلتها أخيرا لتلك المرحلة التي نعيشها الآن من تقدم ورخاء } . انتهى الاقتباس ...وبدأ الحلم بتحقيق ما ورد فيه . أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]