أما الثورة.. فلا..! مقال كتبته ونشرته جريدة المصريون فى أغسطس عام 2009م.. بينت فيه علة رفضى للثورة فى ذلك الوقت، فقدمت أسباب تاريخية معلومة فى التاريخ العربي بالثورة العربية الكبرى التى أشعلها الشريف حسين ضد الخلافة العثمانية بصداقته للضابط بريطاني اشتهر باسم لورانس العرب والذي لعب به فى خدعة كبرى هو وماكماهون وزير خارجية بريطانيا آنذاك من أجل انفصال بلادنا العربية عن تركيا وتنصيبه ملكًا على بلاد العرب، فلما لم يف له بما وعده اضطره إلى قبول إمارة شرق الأردن مرغمًا؛ أفضل من لا شيء، ناهيك عما آلت إليه الخلافة العثمانية بتركيا وانهيار دولة الخلافة على يد مصطفى كمال أتاتورك بمساعدة يهود الدونمة المتأسلمين بتركيا، وسقوط بلادنا العربية لقمة سائغة فى قبضة المحتل الأجنبي الفرنسي والبريطاني تنفيذًا لاتفاقية سايكس- بيكو، وغير ذلك من أحداث مريرة رأيت أن أتجاوزها الآن. لقد كانت مثل هذه الأسباب مما حملنى على كتابة ذلك المقال، ناهيك منها أيضًا أسبابًا واقعية آنية، ربما كانت أيضًا مقنعة فى وقت كتابة المقال، فقد كنا جميعًا كتابًا وصحافيين وبعضا من الإعلاميين نطالب بالتغيير؛ فطنت الأصوات وتعالت وأزت برفض التوريث وضرورة الإصلاح وتغيير المواد سيئة السمعة بدستور 1971 المعدل لغرض التوريث..! أما وقد قامت الثورة فى 25 من يناير 2011م واحتشد لها المصريون فى كل بقاع مصر.. فى المدن الكبرى وغيرها، بل وفى القرى والنجوع، كان علينا أن نلحق بالثوار، فلا شك أن الثورة بهذه الصورة السلمية تشجع على تحقيق حلمنا جميعًا فى التغيير السريع بدلًا من خطوات المطالبة بالإصلاح والتغيير التى قد تطول سنين.. وكانت ثورة تغنى بها البعيد الأبعد قبل القريب الأقرب..! ولما كنت دائمًا على حذر من تهليل الأجانب الأبعدين لما نحققه من انتصارات، فكثير من تهليلهم أو صمتهم قد يغرى البعض فى المضي إلى النهاية دون أن يدرى العواقب والفخاخ التى تنتظره فى نهاية الممر، فقد حدث أن تعرقلت مسيرة ثورات الربيع العربي فى تونس وليبيا ومصر، ناهيك عما يحدث من تدمير تام فى سوريا، وقبل ذلك كله ما حدث من تفكيك للعراق ومؤسساتها، فلم تتمكن حتى الآن من إعادة بناء مؤسساتها العسكرية والشرطية وما يعتور دوران حمار الرحى الطائفي والحزبي من مخاطر لا تحمد عقباها. لا شك أن أحدًا لا يختلف فى أن المستفيد الوحيد من كل ذلك هو الكيان الإسرائيلي المحتل الغاصب فى فلسطين. كما لا يعقل أن يترك الخواجات الفرصة تفوتهم، فهناك فرصة سانحة للانقضاض لتمرير سايكس - بيكو جديدة بأساليب ظروف المرحلة وتناسب التكنولوجيا العالمية الحديثة والنجاحات الكبيرة التى حققتها تكنولوجيا النانو تكنلوجى. وعمومًا، لما كانت خطوات بناء المؤسسات قد بدأت فعلًا بالاستفتاء على الدستور الجديد وإقراره؛ بات من الضروري الآن وقبل غد المطالبة بالتقدم فى طريق التنمية وزيادة الإنتاج وتطهير مؤسسات الدولة من براثن الفساد المعشش فى أوصالها،.. فقط ألا تكون هذه السياسة الإصلاحية والتطهيرية تكأة للبعض من هنا أو هناك للعبث بالدولة المصرية مرة أخرى،..! إن أملنا ورجاؤنا فى الله تعالى كبير.. فقط أن يظل المصريون على يقظة تامة.. فلا أحد أحق منا فى بذل الجهد والتضحيات من أجل مصر والخروج بها من عنق الزجاجة والاحتباس الثوري الكاذب الذى يتلفع به كثيرون ممن مصالحهم مع حمار الرحى والحلقة المفرغة.. فليحذر الكاذبون، فلن يلدغ المصريون إن شاء الله تعالى مرة أخرى. فطريق التضحيات وإن كان طويلًا إلا أنه أفضل ألف مرة من الجري وراء الأسلاب والسراب..! (والله غالب على أمره) ***** [email protected]