المستشار السياسي لرئيس الجمهورية ، د. أسامة الباز ، رجل مهذب و احترمه ، ومن عرفوه عن قرب أثنوا عليه تواضعه ، و منهم صحفيون أصدقاء لي التقوا به في أكثر من مناسبة ، و لذا فأنا أنصت إليه جيدا و بإهتمام إذا ما كتب أو تكلم ، و يوم أمس السبت كتب في أخبار اليوم ، شروطه فيمن يريد أن يكون مرشحا لرئاسة الجمهورية !. و ينبغي أن نتفق ابتداء على أن الدكتور الباز ، لم يتطوع للكتابه في هذا الشأن ، من تلقاء نفسه ، فمنصبه السياسي و قربه من الرئيس مبارك ، يمنعانه من الخوض في مثل هذه المواضيع ، إلا بالرجوع إلى القيادة السياسية أو بإيعاز منها ، و سواء كانت هذه أو تلك ، فإنه بالتأكيد ، أتفقا معا فيما سيكتبه ، و ليس ثمة شك في أنه عرض وصاياه و شروطه على الرئيس ، قبل أن يسلمها لأخبار اليوم ، و من ثم فإن شروطه التي وضعها من المفترض أنها جاءت مفصلة تفصيلا ، على مقاس مرشح الحزب الوطني ، على طريقة الشروط االتي تعلنها الجهات الحكومية للمتقدمين في وظيفة ما ، و هي عادة ما تكون شروطا مفصلة على مقاس متقدم بعينه تم الاتفاق عليه مسبقا ، على النحو الذي لا يترك لغيره أية فرصة للفوز بالوظيفة ، مهما كانت مؤهلاته و امكانياته ، و هي طريقة شائعة و معروفة كواحدة من أبرز مظاهر الفساد الإداري المتفشي في مؤسسات الدولة . و مع ذلك فإنني لن أزن كل الشروط التي أوردها الباز على مرشح الحزب الوطني ، الذي كان بالتأكيد في عقل و وجدان د. أسامة الباز في ذات اللحظة التي وضع فيها هذه الشروط ، و لكني سأتخير لضيق المساحة المتاحة لي للكتابة بعضا منها و نرى ما إذا كانت متوفره فيمن يقصده المستشا ر السياسي لرئيس الجمهورية . يرى مثلا أسامة الباز ، أنه يشترط في مرشح الرئاسة أن يكون لديه " خبرة كافية باتخاذ القرارات الحاسمة" ، فيما يعلم الباز أن خبرة المصريين مع النظام السياسي الحالي ، كانت محصلتها النهائية أنه نظام متردد ، يميل إلى التحفظ و التثاقل إزاء المواقف التي تحتاج إلى قرارات جريئة و سريعة و حاسمة ، و اعتقد أن تجربة يوسف والي خير شاهد على ما ندعي ، إذ ظل الرئيس مترددا في اقالة والي لمدة 25 عاما ، رغم ما جلبته سياساته على مصر من كوارث ، أصابت الأمن القومي في مقتل . و يرى الباز أنه "يجب أن يتجنب هذا المتطلع للرئاسة الاعتماد علي قدرته علي إلغاء القرارات أو تعديلها بعد أن يصدرها، لأن المصالح العليا للوطن لا يصح أن تكون محلا لأسلوب الهواة الذين يفتقرون إلي الخبرة. و أذكّر أسامة الباز هنا أن الرئيس مبارك ، كان قد اتخذ قرارا بالغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر ، و بعد عام و نصف عام من هذا الوعد الرئاسي ، قرر الرئيس و كما نقل عنه د. فتحي سرور لوفد نقابة الصحافيين ، تعليق القرار و التراجع عنه ، لأنه زعلان من "طول لسان الصحافيين" بمعنى أنه اعتمد على معايير شخصية محضة في التراجع عن قراره ! و الشرط التاسع الذي وضعه الباز يقول :" ألا يكون المرشح معروفا أو مستعدا للانصياع لقوي خارجية" ، و هذا الشرط يا دكتور أسامة لا ينطبق على النظام السياسي الحالي بأي حال من الأحوال ، فخضوعه للإملاءات الخارجية بات "على عينك يا تاجر" ، و ليست مأساة السفير المصري بالعراق د. ايهاب الشريف ، عنا ببعيد ، و هي معروفة للقاصي و الداني لا يحتاج الرأي العام المصري ، إلى تفصيل أبعادها مجددا. ثم أني لا أجد أي معنى أو مبررا لما كتبه د. أسامة الباز في ذلك الشأن ، طالما أن المادة 76 و اكسسواراتها قد تم تفصيلها ، لحسم المعركة الانتخابية القادمة و اللاحقة لصالح مرشح الحزب الوطني .. إلا إذا كان ما كتبه من قبيل البحث عن شرعية بديلة للرئيس المقبل تعتمد على الطرق المتبعة في الاعلان عن الوظائف ، بعد ان تسرب إليه يقين بأنه لا شرعية له في ظل تعديل دستوري ، شهد قضاة مصر بأن الاستفتاء عليه كان مزورا و باطلا