على مدار 15 عاما، عكف جوزيف بروييتو على مد يد العون للأفراد الراغبين في إنقاص أوزانهم. عندما يصل المرضى البدينون إلى عيادته المتخصصة في إنقاص الوزن في أستراليا، يكونون عازمين على فقد بعض من أوزانهم. وفي معظم الوقت، على حد قوله، يتمكنون من تحقيق ذلك، من خلال الالتزام ببرنامج العيادة الذي يتيح لهم فقد الأرطال الزائدة من وزنهم. ولكن بعد ذلك، دون استثناء تقريبا، يبدأون في اكتساب الوزن مرة أخرى. وفي غضون أشهر أو سنوات، يذهب الجهد المبذول بأكمله سدى، ولا يلبث أن يعود المريض إلى البدانة مجددا. ويقول بروييتو "إنهم أفراد يكونون متحمسين جدا لإنقاص أوزانهم ويخسرون بعضا من أوزانهم معظم الوقت دون عناء كبير، غير أنهم لا محالة، يكتسبون وزنا زائدا بشكل تدريجي". يدرك الباحثون بحسب "نيويورك تايمز" و "وكالات " أن البدانة تكون موروثة داخل الأسر، وتشير أبحاث أجريت مؤخرا إلى أنه حتى الرغبة في تناول الأطعمة عالية السعرات الحرارية ربما تكون متأثرة بالوراثة. غير أن تحديد نسبة البدانة الموروثة ونسبة البدانة التي تحدث نتيجة تعلم عادات غذائية من الأسرة أمر من الصعوبة بمكان. إن الأمر الواضح هو أن بعض الناس يبدون ميالين لاكتساب وزن زائد، فيما يبدو آخرون محصنين ضد اكتساب وزن زائد. في سلسلة من التجارب المتضمنة أفكارا جديدة التي نشرت في التسعينات من القرن الماضي، أجرى الباحثان الكنديان كلود بوتشارد وأنجيلو تريمبلاي دراسة على 31 زوجا من التوائم الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و29 عاما، الذين أحيانا ما كانوا في حالة من البدانة المفرطة، وفي أحيان أخرى اتبعوا أنظمة غذائية لإنقاص الوزن. (لم يكن أي من أزواج التوائم عرضة لخطر البدانة اعتمادا على كتلتهم الجسدية أو تاريخ أسرهم الوراثي). في إحدى الدراسات، تم إخضاع 12 مجموعة من التوائم لمراقبة على مدار الأربع والعشرين ساعة في سكن جامعي. وعلى مدار ستة أيام في الأسبوع، تناولوا 1000 سعر حراري إضافي يوميا، وفي أحد الأيام، سمح لهم بتناول الطعام بشكل طبيعي. وكان مسموحا لهم بالقراءة وتشغيل ألعاب الفيديو ومشاهدة التلفزيون، لكن كانت التمارين الرياضية مقتصرة فقط على السير يوميا لمدة 30 دقيقة. وعلى مدار فترة الدراسة التي امتدت 120 يوما، استهلك التوائم 84000 سعر حراري أكثر من احتياجاتهم الأساسية. كان من المفترض أن يترجم هذا الكم الزائد من السعرات الحرارية في صورة زيادة في الوزن بنحو 24 رطلا (بمعدل 3.500 سعر حراري لكل رطل). غير أن البعض اكتسب أقل من 10 أرطال، فيما اكتسب آخرون نحو 29 رطلا. توافق مقدار الوزن المكتسب وشكل توزيع الدهون بأجزاء الجسم بين الإخوة، لكنه تباين بشكل هائل بين المجموعات المختلفة من التوائم. على سبيل المثال، اكتسب بعض الإخوة ثلاثة أضعاف الدهون التي اكتسبها آخرون حول منطقة البطن. وعندما أجرى الباحثون دراسات مماثلة مقترنة بممارسة تمارين رياضية على التوائم، وجدوا أن الأنماط مقلوبة، من خلال فقدان بعض مجموعات التوائم أرطالا أكثر من تلك التي فقدها آخرون اتبعوا النظام الغذائي نفسه. وكتب الباحثون أن النتائج تشير إلى نوع من «الحتمية البيولوجية» التي يمكن أن تجعل شخصا ما عرضة لاكتساب أو فقدان الوزن. لكن في الوقت الذي يوجد فيه إجماع واسع النطاق على أن بعض مخاطر البدانة موروثة، فإن التعرف على سبب وراثي محدد طالما كان يشكل تحديا. في أكتوبر (تشرين الأول) 2010، أشارت دورية «نيتشر جينيتكس» إلى أن الباحثين قد أكدوا حتى الآن على 32 تنوعا جينيا مرتبطا بالبدانة أو مؤشر كتلة الجسم. وتم تحديد واحد من أكثر تلك التنوعات الجينية شيوعا في أبريل (نيسان) 2007 من قبل فريق بريطاني يدرس العوامل الوراثية المرتبطة بالإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري. وبحسب تيموثي فرايلينغ من معهد العلوم الحيوية الطبية والإكلينيكية بجامعة إكسيتر، فإن الأفراد الذين حملوا متغيرا يعرف باسم «إف تي أو» FTO كانوا معرضين بدرجة أكبر لخطر الإصابة بالبدانة، ويزيد الاحتمال بنسبة 30 في المائة إذا كانت لديهم نسخة واحدة من المتغير «إف تي أو»، وبنسبة 60 في المائة إذا كانت لديهم نسختان من المتغير. وهذا المتغير «إف تي أو» يعتبر شائعا بدرجة غريبة؛ يعتقد أن نحو 65 في المائة من الأفراد من أصل أوروبي أو أفريقي ونسبة تتراوح بين 27 و44 في المائة من الآسيويين يحملون نسخة واحدة على الأقل من هذا المتغير. ولا يدرك العلماء مدى تأثير المتغير «إف تي أو» على اكتساب الوزن، غير أن الدراسات التي أجريت على الأطفال تشير إلى أن المتغير يلعب دورا في العادات الغذائية. وفي دراسة أجريت في عام 2008 برئاسة كولين بالمر بجامعة دندي في أسكوتلندا، منح أطفال المدرسة الأسكوتلنديون عصير برتقال وفطائر من المعجنات الحلوة، ثم سمح لهم بتناول العنب والكرفس وشرائح البطاطا والشوكولاته. وكانت كل الأطعمة خاضعة لمراقبة دقيقة، ومن ثم، أدرك الباحثون على وجه التحديد الكمية التي تم استهلاكها من كل نوع من الأطعمة. وعلى الرغم من أن كل الأطفال تناولوا كمية الطعام نفسها، بالغرام، كان من المرجح بدرجة أكبر أن يتناول الأطفال الذين لديهم المتغير «إف تي أو» الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون وكم أكبر من السعرات الحرارية. لم يكونوا يأكلون بنهم، ولكنهم استهلكوا، في المتوسط، نحو 100 سعر حراري أكثر من الأطفال الذين لم يحملوا هذا الجين. زاد عدد أرطال الدهون لدى هؤلاء الذين لديهم المتغير الجيني عن غيرهم ممن لا يحملون هذا المتغير بمقدار أربعة أرطال.