منذ محاولة محمد علي في مصر توحيد مصر وبلاد الشام تحت قيادته وانتهاء بمحاولة جمال عبدالناصر.. والحركة الصهونية ووزارات المستعمرات والخارجية البريطانية والفرنسية ثم الامريكية ترصد هذا التحول الكبير في خارطة الشرق الاوسط.. وكان وعد بلفور وفق وثيقة كامبل بزمان ركناً اساسياً في هذه المراجعة.. وحاولت اوساط عربية عديدة مقربة من دوائر المخابرات البريطانية وضع العلاقة مع العراق في مواجهة الدور المصري المتصاعد.. وتكشف دراسات الباحثة البريطانية ماري ويلسون بالاستناد لوثائق الوكالة اليهودية والمخابرات البريطانية الكثير من اسرار الخوف اليهودي - البريطاني من دخول او زج »القاهرة« في الشرق الاوسط وكيف حاولت الاوساط اليهودية البريطانية استباق الدور المصري بخلق هويات اقليمية شرق المتوسط وتسويق مصر كثقافة فرعونية غازية للشرق ووضع العلاقة مع العراق ايا كان الحكم فيه في مواجهة ذلك, وهو ما يفسر تردي العلاقات بين حكومات وانظمة مشرقية مع القاهرة بصرف النظر عن الطبيعة الاجتماعية المشتركة والحكومات من العهد الملكي المصري الى عهد السادات ناهيك عن العهد الناصري.. كما يفسر العلاقة الجيدة بين كل اشكال الحكم التي توالت او شاركت في حكم العراق من العهد الملكي الى الشيوعيين والبعثيين وبين اشكال الحكم في بلدان مشرقية اخرى كان يحركها القلق السابق من الدور المصري. هذا عن الجذور الصهيونية ودور المخابرات البريطانية في تغذية الخطاب المأجور ضد القاهرة.. ومن المؤسف ان جانباً من هذه الاصطفافات اخذ ابعاداً لاحقة من الزاوية الاقليمية والطائفية بل ان احدهم حاول تفسير جزء من الحساسيات الاقليمية باضفاء طابع »وطني« عليها حيث انتشرت الناصرية في صفوف الفلسطينيين من جهة وفي صفوف السنة العرب من جهة اخرى وخاصة في سوريا ولبنان مقابل انتشار اليسار والبعث »الذي صار مشرقيا« في صفوف الاردنيين كما في صفوف العلويين والدروز في سوريا. -------- صحيفة العرب اليوم الاردنية في 31 -7 -2005