انتقد الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، برامج "التوك شو" الفضائية التي قال إن ضوابط الحوار منعدمة في أغلبها، "فالكثير ينطلق من مقدمات لا توصل إلى نتائج صحيحة، وهذا عيب في المقدِّم وفي المتحاورين"، مجددًا دعوته إلى القوى السياسية والوطنية للحوار من أجل عبور بالوطن إلى بر الأمان، بعد أن كان قد طرح مبادرة مع مجموعة من رموز العمل الوطني ل "لم الشمل"، وقال الطيب لبرنامج "مع الطيب" على الفضائية المصرية الذي تبثه الجمعة إنه يحق للشعب المصري الصامد أن يعلق آمالاً كبيرة على الأزهر الشريف؛ لأنه عبر التاريخ كان يقود الأمة في الفترات الحرجة من تاريخه، موضحًا أن الأزهر قاد المقاومة للمحتلين الفرنسيين والإنجليز؛ وبذلك أصبح ضمير الأمة الذي ينبض بآلامها وأمالها. وأوضح أن الله سبحانه وتعالى أراد للأزهر أن يكون وسطًا بالرغم من أنه بُنِيَ ليكون داعيًا لمذهب معيَّن، موضحًا أن سر بقاء الأزهر وقوته حتى يومنا هذا أنه يعبر عن ضمير الأمة كلها، فالأزهر لا يتخندق في مذهبٍ معين، أو مدرسة بعينها، وإنما يحتضن الجميع. وأشار إلى أن الأزهر في هذه الآونة له دور بارز في جمع كل الفرقاء في الوطن، فواجبه ومهمته البحث عن الطريق الوسط الذي يخرج الأمة من الأزمات التي نراها في الساحة وحماية الشعب من التمزقات التي يحاول أن يروجها البعض، فالحوار هو الحل. وأضاف أن الأزهر أقدم جامعة في العالم، وما زال يقدم العلم والخلق للأمة الإسلامية، فالأزهر هو المعهد الوحيد الذي لو دخلت مكتبته لوجدت مئات المخطوطات والمطبوعات التي تعالج موضوع آداب البحث والمناظرة، هذا العلم الذي أتمنى أن يدرس في كل الجامعات المصرية دون استثناء, فعلم البحث والمناظرة، أو علم الجدل، من أهم العلوم في مدرستنا الإسلامية. وأشار إلى أن الباحث إذا رجع إلى كتب التراث الإسلامي لوجد فيها الكثير من: "إن قيل.. قلنا"، وهو دليل على أن الحوار هو منهج أصيل في ثقافتنا، فالجدل في الفلسفة القديمة جدل عقيم؛ لأنه يفيد الظن، ولكن الجدل عند المسلمين لبس ثوبًا جديدًا قدم للحضارة الإنسانية قِيَما عُليَا استفادت به حضارة اليوم، فالجدل عندنا يؤدي إلى اليقين. وأكد شيخ الأزهر أن المسلمين أنقذوا الجدل من الوضع المهين، كما كان عند اليونان، وطوروه وأضافوا إليه حتى استوى على سوقه, فالجدل المحمود كما في القرآن الكريم قال تعالى: {وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل : 125]، {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت: 46].وهذا الجدل هو الذي أوحى لأئمة المسلمين في المعقول والمنقول إلى أنْ ينشئوا علم آداب أو قواعد وضوابط البحث والجدل والمناظرة.