الرئيس السيسي: محطة الضبعة النووية حلم يتحقق اليوم    جامعة المنصورة تحصد المركز الثاني بين الجامعات المصرية في تصنيف QS العالمي    وزير الري يلتقي عددا من المسؤولين الفرنسيين وممثلي الشركات على هامش مؤتمر "طموح إفريقيا"    عاجل- تحركات جديدة في أسعار الذهب اليوم.. عيار 21 يسجل 5445 جنيهًا    وزير الإنتاج الحربي يشهد مراسم توقيع مذكرة تفاهم لتصنيع المحركات الكهربائية    نقابة الفلاحين تنعي وفاة عاملة بإحدى المزارع، وتطالب بتوفير حماية اجتماعية للعمالة الزراعية    سرايا القدس تستهدف قوات الاحتلال الإسرائيلي بعبوة ناسفة في جنين    مصر وروسيا.. شراكة استراتيجية مزدهرة ب6.6 مليار دولار تجارة و467 شركة روسية في مصر    رونالدو ينافس بنزيما على جائزة جلوب سوكر 2025    الأهلي يحصل على الموافقات الأمنية لحضور 30 ألف مشجع في مواجهة شبيبة القبائل    إنقلاب شاحنة محملة بمواد محجرية بطريق السويس    الإعدام والمؤبد ل 4 عاطلين.. قتلوا شابا لخلافهم على قيمة المخدرات    ارتفاع درجات الحرارة.. الأرصاد الجوية تحذر من تغير حالة الطقس    600 ألف جنيه، إيرادات السادة الأفاضل أمس    تامر حسني يكشف تفاصيل أزمته الصحية بعد خضوعه لجراحة دقيقة في ألمانيا    نورا ناجي عن تحويل روايتها بنات الباشا إلى فيلم: من أجمل أيام حياتي    الصحة: 5 مستشفيات تحصل على الاعتماد الدولي في مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    ما هو فيروس ماربورج وكيف يمكن الوقاية منه؟    الصحة: 5 مستشفيات مصرية تحصل على الاعتماد الدولي في مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات.. و3 منها مراكز تميز عالمية    بسبب تراجع الانتاج المحلى…ارتفاع جديد فى أسعار اللحوم بالأسواق والكيلو يتجاوز ال 500 جنيه    القادسية الكويتي: كهربا مستمر مع الفريق حتى نهاية الموسم    الزمالك يستقر على موعد سفر فريق الكرة لجنوب أفريقيا    هشام يكن: أطالب حسام حسن بضم عبد الله السعيد.. وغير مقتنع بمحمد هاني ظهير أيمن    السياحة العالمية تستعد لانتعاشة تاريخية: 2.1 تريليون دولار إيرادات متوقعة في 2025    وزير الإسكان يستقبل محافظ بورسعيد لبحث استعدادت التعامل مع الأمطار    وزارة التضامن تقر حل جمعيتين في محافظة الغربية    مقتل 6 عناصر شديدى الخطورة وضبط مخدرات ب105 ملايين جنيه فى ضربة أمنية    ضبط 3 متهمين بقتل شاب لخلافات بين عائلتين بقنا    مصرع 3 شباب في تصادم مروع بالشرقية    وزارة الصحة تغلق 11 مركزًا غير مرخص لعلاج الإدمان بحدائق الأهرام    حزب الجبهة: متابعة الرئيس للانتخابات تعكس حرص الدولة على الشفافية    الدفاع الروسية: قواتنا استهدفت منشآت البنية التحتية للطاقة والسكك الحديدية التي تستخدمها القوات الأوكرانية    رئيس الأركان يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته فى فعاليات معرض "دبى الدولى للطيران 2025"    نجاح كبير لمعرض رمسيس وذهب الفراعنة فى طوكيو وتزايد مطالب المد    تعرف على أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مجددا.. ترامب مهاجما مراسلة بسبب جيفري ابستين: أنت سيئة .. فيديو    جلوب سوكر 2025.. إنريكي ينافس سلوت على جائزة أفضل مدرب    محافظ المنوفية: إزالة 296 حالة مخالفة ضمن المشروع القومى لضبط النيل    إقبال واسع على قافلة جامعة قنا الطبية بالوحدة الصحية بسفاجا    بريطانيا تطلق استراتيجية جديدة لصحة الرجال ومواجهة الانتحار والإدمان    صيانة عاجلة لقضبان السكة الحديد بشبرا الخيمة بعد تداول فيديوهات تُظهر تلفًا    منال عوض تترأس الاجتماع ال23 لصندوق حماية البيئة وتستعرض موازنة 2026 وخطط دعم المشروعات البيئية    المايسترو هاني فرحات أول الداعمين لإحتفالية مصر مفتاح الحياة    مهرجان مراكش السينمائى يكشف عن أعضاء لجنة تحكيم الدورة ال 22    حريق هائل يلتهم أكثر من 170 مبنى جنوب غرب اليابان وإجلاء 180 شخصا    اليوم.. أنظار إفريقيا تتجه إلى الرباط لمتابعة حفل جوائز "كاف 2025"    أبناء القبائل: دعم كامل لقواتنا المسلحة    إطلاق أول برنامج دولي معتمد لتأهيل مسؤولي التسويق العقاري في مصر    ندوات تدريبية لتصحيح المفاهيم وحل المشكلات السلوكية للطلاب بمدارس سيناء    جيمس يشارك لأول مرة هذا الموسم ويقود ليكرز للفوز أمام جاز    «اليعسوب» يعرض لأول مرة في الشرق الأوسط ضمن مهرجان القاهرة السينمائي.. اليوم    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم 2026 بعد صعود ثلاثي أمريكا الشمالية    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سوريا وغزة.. الحرية والعزة
نشر في المصريون يوم 18 - 11 - 2012

لن أوجه أى قدر من اللوم والعتاب لأى منتقدٍ يصرخ بوجهى قائلاً: كفانا شعاراتٍ رنانة وهتافاتٍ طنانة وعنترياتٍ ما قتلت ذبابة.. وانظروا إلى رقابنا تُنحر ودمائنا تُنهر وفلذات أكبادنا يتساقطون كفراشٍ أُوقدت له مصائدُ النيران، لن أعترض على من يجادلنى بحجة الثمن الذى دفعته الشعوب للتخلص من استعمارٍ جائر؛ أو من حاكمٍ مستبدٍ فاجر ثم كان ما جنته بعد هذه الأثمان الفادحة حصاد الهشيم، ولن أتذمر ممن يتساءل عما تفعله القوى الوطنية والثورية والإسلامية بشعوبها العربية حتى لو كان بحسن نية؛ إذا كانت أوضاع تلك الشعوب لم تتحسن وليس لديها بريق أملٍ أن تتحسن؛ فهى لم تستفد من تصرفات تلك القوى سوى العناء وهى التى دعمتها وحمت ظهرها وقدمت لها الفداء.
فنحنُ لسنا بدعًا من الأمم ومن قبلنا قال قومُ موسى عليه السلام لنبيهم الكريم الكليم: {أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا}، وشعوبنا تمر بها العقود وتتعاقب عليها العهود وهى لم تر سوى الركود والجمود والخمود، فهى معذورة إن ضجت وملت وسأمت؛ وأنحت باللائمة على من يسعون لتغيير هذا الواقع المر؛ وإن كانت لا تتوانى قط عن التعاطف مع حق الشعب السورى فى الحرية والعدالة والكرامة، وحق الشعب الفلسطينى فى كسر الحصار وقهر الاستعمار.
كلُ ذلك حقٌ وصدق؛ ولكن ألا يدفعنا هذا الواقع المرير إلى التشبث بالأمل ونحن ليس لدينا شيءٌ نخسره إلا الأغلال؛ إلى من يزعم أن الثوار والمقاومين جلبوا على شعوبهم الموت والخراب؛ نقول لهم وهل كانت تلك الشعوب فى أمانٍ وسلامٍ ورفعة وازدهار لولا هؤلاء المقاومين والثوار؟ نحن شعوبٌ تموتُ مجانًا بلا ثمن؛ واسألوا ضحايا المبيدات المسرطنة وضحايا عبارة السلام وضحايا صخرة الدويقة وضحايا قطار الصعيد؛ فإنسانيتنا مُهدرة وحيواتنا مُكدرة وكراماتنا مُبعثرة؛ وتهاوننا فى حقوقنا جعلنا بين الأمم مسخرة.
يقول الله عز وجل {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمْ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِى بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً (النساء78)}، فليست صواريخ الفصائل الفلسطينية ولا قذائف الجيش السورى الحر هى التى نحملها مسئولية همجية الصهيونى المعربد فى غزة ولا وحشية المستبد القمعى فى سوريا؛ وتلك الوحشية والهمجية لا تبرران القعود والاستسلام لهذا البغى والقهر؛ بل هما أكبر حافزٍ على المقاومة. وقديمًا قال المتنبي: "إذا لم يكن من الموتِ بُدٌّ ** فمن العار أن تعيش جبانًا".
كثيرًا ما سمعنا المتهكمين يصفون صواريخ الفصائل الفلسطينية بأنها كرتونية، حتى طيرت وكالات الأنباء فى أرجاء العالم مشاهد الهلع والفزع الصهيونى من تلك (الكرتونية) مصداقًا لقول الله عز وجل {سَنُلْقِى فِى قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ}؛ ففى تلك الحرب العبثية المجنونة غامر الغادر نتنياهو وتحالفه بما ظنه رحلة برية سيضمن له الانتصار الساحق السريع فيها رفع أسهمه الانتخابية؛ فإذا به يضطر بعد عدة أيامٍ من مغامرته لاستدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط؛ بعد أن رأى جرذان شعبه الغاصب يتسللون لواذًا إلى الملاجئ، بعد أن فشلت قبته الحديدية التى زعموا له أنه أقوى وأحدث نظام دفاعى عالمي؛ ففشلت فى صد 60% مما أطلق عليها من صواريخ كرتونية؛ لتبشرنا بأن العين قد تهزم المخرز؛ أو بالأقل تصمد له فتخزيه وتبدد أوهامه.
لستُ ساذجًا لأفرط فى التفاؤل فأسوقكم لأحلامٍ وردية؛ أو أبشركم بانتصاراتٍ مما قال فيها شوقي: "ظَفَرٌ فى فم الأمانى حلوٌ *** ليت لنا منه قُلامة ظُفْرِ"؛ فأنا على يقين أن المقاومة الفلسطينية أمامها طريقٌ طويلٌ ووعرٌ وشاق من كفاحٍ مرير وقوده تضحياتٌ عملاقة؛ ولكن الواقع الإقليمى والدولى يجزم بأن هذا هو الطريق الوحيد؛ الذى من العبث على الفلسطينيين أن يواصلوا مهزلة سلوك سواه من الطرق الخربة الخائبة؛ كما أوقن أن المقاومة السورية الباسلة وإن لاحت لها بشائر النصر قريبة بإذن الله؛ فإنها سترث تركة ثقيلة من الأرض المحروقة وجحافل الضحايا من قتلى وجرحى ومعاقين وذويهم من الأيتام والأرامل والثكالى والمشردين؛ ناهيك عما ينتظرهم من جيوش الفلول والمرتزقة والمتسلقين وما يُحاك لهم من مؤامرات؛ تُطبخ لهم من الآن فى عواصم إقليمية ودولية؛ ولكن فى مصائر الشعوب لا توجد لدينا اختيارات، والزعيم الإنجليزى التاريخى "ونستون تشرشل" رئيس وزراء بريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية؛ خاطب شعبه قائلاً "ليس عندى ما أعدكم به إلا الدموع"، وبكى الإنجليز وبكت كل أوروبا معها لمدة ثمان سنوات عصيبة بدل الدموع دمًا، فقدوا فيها خمسين مليون قتيلاً وأضعافهم من الجرحى والمشردين، ودمرت مدنهم الجميلة العريقة وبنيتهم التحتية، ولكنهم لم يرضوا بالبديل المر وهو الاستسلام والخضوع لفاشية الديكتاتور النازي، وفى النهاية انتصرت أوروبا لتخرج بعد هذه المحنة القاسية لتقود قاطرة التقدم والنماء فى العالم.
أدعوكم لتشاركونى الإحساس بفرحة طبيبٍ ساقوا له ذات ليلةٍ شابًا دهسته شاحنةٌ فطحنت عظامه ومزقت أوصاله وأفقدته وعيه ولم تُبق له سوى أنفاسٍ بطيئة تكادُ تنقطع، فسارع هذا الطبيب فى يأسٍ لتضميده وتجبيره؛ وإيقاف نزفه وإنعاش قلبه؛ وسهر عليه ليالى وأياما؛ وأسابيع وشهورا وسنوات وهو لا يُحرك ساكنًا؛ ثم فوجئ به ذات ليلة فى رقدته التى طالت يُحرك أصبعًا أو يفتح عينًا، سينتفض الطبيب راقصًا من فرط الفرحة؛ وسيخذله من حوله بأنه يُبالغ ويخدع نفسه؛ وليست القضية كما يتصورون فسعادته ليس بشفاء تامٍ قد تحقق بل ببوادر أملٍ لحالة لم يرج شفاؤها.
اللهم يا من أمرك بين الكاف والنون .. قيّض الحرية لسوريا .. واكتب العزة لغزة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.