عاد البرازيليون يرقصون السامبا في الاسماعيلية، فقد امتعنا الدراويش في الشوط الثاني من مباراتهم مع المصري بفاصل من لعب الزمن الجميل عندما كان يدربهم محسن صالح. ألهب سيد معوض وأحمد فتحي الجانبين ووفرا الكرات العرضية الخطيرة في عمق منطقة جزاء أبناء بور سعيد، ولعب محسن أبو جريشة كما لم يلعب من قبل، نراه مرة في وسط الملعب يمرر الكرة لزملائه ومرة أمام مرمى الحارس محمد فتحي كأنه قلب دفاع، وفجأة نراه كالصقر يهدد مرمى ايمانويل بالقدم والرأس. ايمانويل يثبت نظريا أن حارس المرمى يساوي خط دفاع بأكمله، فلولاه لخرج المصري مهزوما بثلاثة أهداف على الأقل. الجديد في الاسماعيلي تلك الصواريخ الموجهة التي تنطلق من كل مكان في الملعب، انه شئ جديد على الكرة المصرية أن يملك اللاعب طموح التصويب، فأمام الدفاعات المغلقة ليس هناك حل إلا هذه الطريقة، ورأينا كم هدد بها لاعبو الاسماعيلي عرين المصري، رغم أنها لم تسفر عن أهداف، لكن لابد مع توالي المباريات وقدرة الجهاز الفني للاسماعيلي على ضبط أقدامهم أن تتطور وتصبح هي كلمة السر في حصد البرازيليين لنقاط الفوز. كل هذا كوم.. ودفاع الاسماعيلي كوم آخر.. فلم أشعر في أي لحظة بالقلق، لقد أثبت عمرو الدسوقي أنه "حكاية".. لاعب متمكن، واثق من نفسه، امكانياته الفنية والبدنية عالية، لا يفلت منه مهاجم، ومعه الليبرو "اوكا" الذي ينتظره شأن كبير، فهو لاعب لا يسرح أبدا، يعرف ما يفكر فيه المهاجم، يلعب بثقة كبيرة، لا يقع في غلطات "عماد النحاس" التي تسببت في كوارث في الاسماعيلي عندما كان يلعب فيه، وفي المنتخب الوطني، وأمس كاد يتسبب في هدف في مرمى فريقه، عندما مرق منه لاعب اسمنت السويس وضحك عليه! روبرت اكوروي لاعب كبير، أعطى نكهة للعب الدراويش، يتحرك الى الاماكن المناسبة، يجيد التصويب القاتل، وكاد يفعلها من ضربة ثابتة لولا براعة ايمانويل، تنقصه فقط اللياقة واعتقد أنها ستأتي بتوالي المباريات وبتدريبات مكثفة للياقة البدنية، ويبدو أن الجهاز الفني للاسماعيلي بدأ يركز على ذلك، ولهذا وجدنا الاسماعيلي ينهي المباراة كأننا نرى 11 لاعبا جديدا نزلوا إلى الملعب! لا زلت معترضا على الاستعانة بابو جريشة الكبير في آخر 3 دقائق، إنها لا تكفي لأن نحكم عليه ولا تعطيه الثقة ليعود الى مستواه الكبير، ولا تناسب تاريخه، وتوقعت مثلا أن يلعب ربع ساعة على الأقل عندما بدأ التسخين، ولكنني فوجئت بالدفع بمحمود شيكو ثم عبد الله السعيد وهما تغييران غير مؤثرين. أشيد أيضا بالنيو لوك الذي بدا عليه محمد جودة، ما شاء الله.. ما هذه اللياقة العالية والمزاج والجري في كل مكان في الملعب والكرات القاتلة التي يمررها. ينقصه فقط أن تعود ماكينته التهديفية عندما كان في الأهلي، وأن يضبط قدمه نحو المرمى، وأن يتخلص من عصبيته التي تكلفه الانذارات.. ضبط القدم يحتاجه أيضا عمر جمال صاحب الامكانيات الفنية العالية، والذي علمت أن الأهلي وضع عليه "العين".. ويارب استر! أما هذا الحمص اللذيذ فهو فعلا رمانة الاسماعيلي.. لا يكل ولا يمل.. ارتفاع في المستوى لم نشهده من قبل.. لقد أصبح أفضل لاعب في مصر في مركزه خاصة أنه يتمتع بلياقة لاعبي كوت ديفوار والكاميرون ونيجيريا، وبذكاء وحرفنة اللاعب البرازيلي، تصويبات تعرف طريق المرمى، ويحرز من أوضاع صعبة لا تتوقعها.. إنني أنصح الكابتن حسن شحاتة بأن يضمه للمنتخب، فهو أفضل من كثيرين عنده ولن أقول اسماء حتى لا يزعل أحد! هنا لا بد من اشاره سريعة لخالد القماش الذي انضم مؤخرا الى الجهاز الفني للاسماعيلي.. لقد ظهرت بصماته بسرعة، ويعجبني فيه أنه لا يحب الجلوس أثناء المباراة، ويظل على الخط يتحرك هنا وهناك حتى أنك تتخيل أنه من فرط حماسه قد يدخل الملعب.. وعلينا ألا ننسى أنه تلميذ محسن صالح وحصل معه على بطولة الدوري. ومثلما عاد البرازيليون، عاد الاعصار الزملكاوي ليقتلع أبناء الغريب في السويس، ويرد لهم الصاع صاعين بعد أن أضاعوا عليه 5 نقاط في الموسم الماضي.. هذا أول فوز للزمالك في الدوري العام منذ 7 شهور، وقد جاء عن طريق اللعب الجميل وعودة الروح.. وأهمس في اذن خصمه اللدود بأن يحذر الزمالك عندما تعود اليه الروح، فمستوى لاعبيه هو الأفضل في مصر. ولا زال في جراب الحاوي فاروق جعفر الكثير من الثعابين التي يجهزها للمباريات القادمة، والتي ستجعل هذه المدرسة البرازيلية الثانية في مصر تمتعنا أكثر فأكثر! أما صاحب اللقب " الأهلي" فلا يزال في حالة انعدام وزن، بل لعب أمام أسمنت أسيوط أسوأ مبارياته على الإطلاق، وهذا معناه أن هناك أمرا ما في الفريق لا نعلمه.. هل هو زهق من الفوز المستمر، أم زهق من التحام الموسم وعدم حصول الفريق على راحة، هل هناك مشاكل من النجوم تجري من وراء الستار، خاصة أن فريقا متخما بالنجوم كالأهلي لابد أن يواجه تذمرا من الذين لا يلعبون مثل نادر السيد مثلا الذي أتوقع له أن يحتفل باعتزاله وهو جالس على الخط بعد أن كان الحارس رقم واحد في مصر.. محمد عبد الله مثلا هل يكون مصيره مثل مصير خالد بيبو الذي كان أمس في المصري الحاضر الغائب! بصراحة لقد فاز الأهلي بطلوع الروح وبمساعدة الحكم الذي يبدو أنه تأثر بثورة جمهور الأهلي عليه عندما تجرأ وطرد حسام عاشور، فقام بطرد حارس أسمنت السويس رغم أن بركات سقط من تلقاء نفسه وليس بفاول من الحارس الذي كان متجها للكرة وليس لساق بركات الذي كان طوال المباراة يسقط كثيرا!.. ثم قام بطرد مدافع أسمنت بعد فترة تردد، عندما تهيأ لانذاره على كرة لا تستحق الانذار، فسمع من جمهور الأهلي يطلب منه طرده لأنه حاصل على انذار في بداية المباراة، وراجع حمدي شعبان الانذارات التي في جيبه وتأكد مما يقوله الجمهور.. فأدرك أن اسهال الانذارات الذي انتابه خلال المباراة سيجعل ليلته "نيلة" لو اكتفى بالتحذير، ولم يكن أمامه حل سوى أن يخرج الكارت الأحمر! وبعد أن أصبح فريق الصعايدة الغلابة تسعة فقط تقدم الفراشة الطائرة وهو لقب جديد أطلقه معلق المباراة في التليفزيون المصري على أبو تريكة ليحرز الهدف اليتيم.. والعجيب أن اللاعبين التسعة كادوا يتعادلون من كرة أفلت فيها اللاعب النيجيري من عماد النحاس، ولولا يقظة الحضري لكانت الكرة في المرمى! لا أعرف من قبل هذا الحكم لكن مستواه لا يهيئه للتحكيم في مثل هذه المباريات.. وعلى جمال الغندور أن يوبخه بشدة وان كنت أنصح بوقفه أو انهاء خدماته!.. فالأهلى أكبر من أن يجامله ويسانده حكم بالانقضاض على الفريق الآخر بالانذارات والطرد.. تحية لفريق الصعايدة الذي أحرج بطل الدوري وكشف سوء مستواه وكاد يتعادل لولا هذا الحكم! [email protected]