ليست عيناك بل روحك هي التى تعكس لك صورة العالم ، تضفى مرايا الروح طابعها الخاص على المشاهد والمرئيات وتصبغ الدنيا بما يسرى في مسامها من سجايا . ترى أرواح الشباب العالم بنظرة ورديه متفائله مقبلة على الحياه، و لأن القلب خالي من الهموم والإرادة وثابة والنية صافيه يعتقد الشباب اْن باْيديهم تغيير وجه الدنيا وإعادة تنظيم خريطة العالم و تجميله و دفعه إلى الاْمام و لذلك فهم وقود الثوره و التغيير في كل زمان و مكان . يستمتع الشاب بكل ما في الحياه من جمال فما زالت الحواس حاده والنفس متشوقه, يرى الزهور بديعه نفاذة العبير، ولا يلاحظ أشواكها, يشجيه تغريد الطيور في الصباح وروعة السماء المرصعه بالنجوم في الليل ولايأبه بحرقة الشمس أو ظلمة المساء , صعود الجبال و تحمل المشاق يبدو لة أمرا مثيرا ممتعا , الجهد و التعب ضريبة يسيرة يدفعها الشاب راضيا في مقابل أن يشبع شغفه اللا متناهي لاكتشاف الحياه و سبر أغوارها عندما يصل الإنسان إلي قمة النضج و يبدأ في هبوط الجبل من الناحيه الأخري في اتجاه النهايه المحتومه تبدو له ذكريات الصبا و الشباب مطبوعه بنفس اللون الوردى و تجري فيها دماء الشباب الحاره كما كانت وقتها, يتذكر تلك الأيام الخوالي و يسميها " الزمن الجميل " زمن الماضي حين كان لكل شئ طعم و معني ، و حين كان الناس " ناس " ، و هنا يقع الإنسان في خطأ معرفى شائع ومتكرر، فكل زمان له جانبيه متاعب و عيوب، يقابلها مسرات و مميزات و الناس دائما تنويعة بشرية بكل ألوانها من أقصي الخير إلي أدني الشر ليس العيب في الزمان و لكن في الذائقة التي تتذوقة، و في النافذة التي تنفتح علية و المرايا التي تعكس صورتة، هذة الظاهرة تتكرر عبر العصور و الأجيال فهناك بردية فرعونية يتحسر فيها الحكيم علي فساد الزمان و استهتار الشباب و انعدام الأمل في الإصلاح و الشاعر الجاهلي لبيد يقول ذهب الذين يعاش في أكنافهم و بقيت في خلف كجلد الأجرب و ظل أبناؤه و أحفاده يتذكرون هذا البيت و يترحمون عليه و يقولون و ماذا لو رأي زماننا ! كان ذلك منذ قرون ! الروح لا تشيخ خاصة إذا تحلت بالإنصاف فلم تصبغ كل شئ باللون القاتم لتنفس عن غضبها و إحباطها , و الحياه كانت و ستظل دائما جميلة مترعة بأسرارها و متعها الخالصة إذا بحثنا عنها في كل شئ , و تنبهنا إلي تخليص مرايا الروح من النفايات و المخلفات المزعجة لتعكس لنا دوما صورا حقيقية و ليست مشوهة , صورا فيها الكثير من الخير و الرحمة و الجمال أجمل زمان هو زماننا لأننا نحياة و الحياة هى أثمن منحة من الخالق عز و جل مازال هناك متسع من الوقت لتحقيق الأحلام و فعل الخير و نثر بذور السعادة من حولنا مازال أمامنا فرصة لتأمل البحر و السماء و الجبال و المروج و الطيور و الناس الطيبة , حتي المتاعب و المشكلات هي حوافز قوية للإبداع و التحقق , أما المشقة و الجهد فما أروعها حين توصلنا لتحقيق أهدافنا انظر للحياة بروح متفائلة و تغنى بقول الشاعر كن جميلا تري الوجود جميلا !!