تثور الآن عدة أسئلة عن حكم القانون الدولى المعاصر فى اتفاقيات السلام التى أبرمتها الدول العربية وخاصة مصر مع الكيان الصهيونى، وما موقف القانون الدولى منها، وخاصة بعد أن طالبت كافة القوى الوطنية فى الشارع السياسى المصرى الرئيس المصرى من تحديد موقفه من هذه الاتفاقيات، لذلك رأيت من واجبى كمتخصص فى القانون الدولى أن أضع بين القراء الكرام حكم القانون الدولى المعاصر فى كافة اتفاقيات السلام مع الكيان الصهيونى، والرأى القانونى فيها أنها باطلة بطلاناً مطلقاً أى منعدمة، أى أنها فعل مادى لا يرتب عليها القانون الدولى أى آثار قانونية، لما يأتي: 1 – أرض فلسطين كاملة من النهر إلى البحر وقف إسلامى لا يجوز التصرف فيها منفردًا من قبل أحد حتى لو كان هذا التصرف صادرًا من الفلسطينيين أنفسهم، فهذه الأرض ملك كافة المسلمين فى العالم كله ولا يجوز التصرف فيها لأنها أرض مباركة فيها ثالث الحرمين وهمزة الوصل بين مكة والمدينة والمنورة. 2- القاعدة الأساسية فى القانون الدولى أن معاهدات الصلح لا يمكن أن تكون وسيلة لاكتساب الأقاليم نتيجة لتحريم استخدام القوة أو التهديد بها فى العلاقات الدولية (م / 2 / 4) من ميثاق الأممالمتحدة. 3- تعارض معاهدات الصلح المتضمنة لتنازلات إقليمية مع المادة (103) من ميثاق الأممالمتحدة والتى نصت على أنه (إذا تعارضت الالتزامات التى يرتبط بها أعضاء الأممالمتحدة وفقا لأحكام هذا الميثاق مع أى التزام دولى آخر يرتبطون به فالعبرة بالتزاماتهم المترتبة على هذا الميثاق) لذلك فإن كافة معاهدات الصلح التى أبرمها العرب مع الكيان الصهيونى باطلة فى نظر ميثاق الأممالمتحدة لأنها تعارض الالتزامات والقرارات الصادرة عن الأممالمتحدة، وهى كثيرة جدًا ومنها إلغاء قرار التقسيم وطرد الكيان الصهيونى من الأممالمتحدة لمدة أكثر من عشر سنوات بقرارات متتالية من الجمعية العامة للأمم المتحدة لأنه ليس دولة محبة للسلام، أى أنه فقد شرطاً من شروط العضوية بالأممالمتحدة، كما أن هذه المعاهدات تخالف مبدأ تحريم الاستيلاء على أراضى الغير بالقوة وهو مبدأ عام وقاعدة آمرة من قواعد القانون الدولى العام، لا يجوز مخالفتها ولا حتى الاتفاق على مخالفتها من قبل أشخاص وآليات القانون الدولى العام وحتى أطراف العلاقة الدولية. 4 - بطلان معاهدات الصلح التى تؤدى إلى تنازلات إقليمية طبقا للمادة (52) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات الدولية لعام 1969م التى تنص على:( تعتبر المعاهدة باطلة بطلانا مطلقا إذا تم إبرامها نتيجة التهديد باستعمال القوة واستخدامها بالمخالفة لمبادئ القانون الدولى الواردة فى ميثاق الأممالمتحدة). ومما لا شك فيه أن معاهدات الصلح بين العرب والكيان الصهيونى تدخل فى دائرة البطلان المطلق المنصوص عليه فى هذه المادة لأنها أبرمت تحت تهديد الاحتلال العسكري، فعقب كل هزيمة للعرب تظهر مبادرة سلمية جديدة، وهو ما يفعله الكيان الصهيونى فى فلسطين مخالفة بذلك المبادئ العامة فى القانون الدولى أى القواعد الآمرة فى القانون الدولى المعاصر، وكذلك مبادئ وأحكام ميثاق الأممالمتحدة، وهذا ما نصت عليه المادة (53) من قانون المعاهدات، معاهدة فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 والتى تنص على أنه ( تعتبر المعاهدة باطلة بطلاناً مطلقاً إذا كانت وقت إبرامها تتعارض مع قاعدة آمرة من قواعد القانون الدولى العام وتعتبر قاعدة آمرة من قواعد القانون الدولى العام كل قاعدة مقبولة ومعترف بها من الجماعة الدولية كقاعدة لا يجوز الإخلال بها ولا يمكن تغييرها إلا بقاعدة لاحقة من القواعد العامة للقانون الدولى لها ذات الصلة)). لذلك فكل المعاهدات التى أبرمت بين العرب والكيان الصهيونى وحتى الفلسطينيين طبقا للقواعد السابقة تعتبر باطلة طبقا لقواعد القانون الدولي. وكذلك المادتان (64) / (71) من قانون المعاهدات تؤكدان استحالة تطبيق معاهدات الصلح التى تتضمن تنازلات إقليمية أو حقوقا إقليمية لبطلان هذه المعاهدات بسبب مخالفتها لقاعدة تحريم استعمال القوة فى العلاقات الدولية أو التهديد باستعمالها. فتنص المادة (64) من قانون المعاهدات على أنه ( إذا ظهرت قاعدة آمرة جديدة من قواعد القانون الدولى العام فإن أى معاهدة قائمة تتعارض مع هذه القاعدة تصبح باطلة وينتهى العمل بها)). وتنص المادة (71) من قانون المعاهدات على إبطال أى معاهدة تتعارض مع قاعدة آمرة من قواعد القانون الدولى العام فنصت على أن (1- فى حالة المعاهدة التى تعتبر باطلة طبقا للمادة (53) يكون على الأطراف: (一) أن تزيل بقدر الإمكان آثار أى عمل تم استنادًا إلى أى نص يتعارض مع قاعدة آمرة من قواعد القانون الدولى العامة. (二) وأن تجعل علاقاتها المتبادلة متفقة مع هذه القاعدة الآمرة)). 3- فى حالة المعاهدة التى تعتبر باطلة وينتهى العمل بها طبقا للمادة (64) يترتب على إنهائها :-(一) إعفاء الأطراف من أى التزام بالاستمرار فى تنفيذ المعاهدة. (عدم التأثير على أى حق أو التزام أو مراكز قانونية للأطراف تم نتيجة لتنفيذ المعاهدة قبل إنهائها بشرط أن تكون المحافظة على هذه الحقوق والالتزامات والمراكز بعد ذلك رهينة اتفاقها مع القاعدة الآمرة الجديدة ) ننتهى إلى أن القانون الدولى المعاصر لا يعترف باتفاقيات السلام التى أبرمها العرب مع الكيان الصهيونى وخاصة مصر لمخالفتها قواعد عامة آمرة فى القانون الدولى العام، ويؤكد ذلك أن حدود الكيان الصهيونى فى الأممالمتحدة هى الحدود التى نص عليها قرار التقسيم الملغى من قبل مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة قبل إعلان الكيان الصهيونى دولة بأربعة أيام فقط، كما أكدت ذلك أيضا فتوى الجدار العازل التى اعتبرت الكيان الصهيونى خارج نطاق قرار التقسيم قوة احتلال.