لم أكن أدري أن انتقادي للمهندس عدلي القيعي سيدخلني عش الدبابير التي قامت بغزو غير مسبوق لبريدي الالكتروني! وللحق فان الدبابير التي هاجمتني من النوع "الجبلي" المتوحش، الذي يتغذى على التعصب الأعمى بلا تحليل موضوعي، ويتلفظ بعبارات لا تسمعها إلا في جلسات الدخان الأسود بالباطنية وترب الغفير! إنها دبابير لا تعرف كيف تقرأ وتحلل وتتقبل الرأي الآخر، فهي من النوع الذي رمى بالطوبة الشهيرة التي أخرجت مصر من تصفيات كأس العالم بعد أن أعيدت تلك المباراة الشهيرة التي لعبناها مع زيمبابوي وخرجنا منها فائزين، وفي المباراة المعادة التي أقيمت في فرنسا عجزنا عن تكرار ذلك الفوز! هؤلاء صموا أذانهم عن كل نقد موضوعي وجعلوا من الأهلي ناديا مقدسا لا يجوز الاقتراب منه، وإلا فان القلم الذي يفعل ذلك سيعتبر فاشلا جاهلا باحثا عن الشهرة ومؤلفا خطيرا! بعضهم بحث في المجلات الرياضية المصرية فلم يجد اسمي، فاعتبر أن ذلك دليل قوي بأنني غير مؤهل للكتابة في الرياضة وانني بلا اسم في المحافل الرياضية. ومع تقديري لهذه الصحف، فان الصحافة العربية – وخاصة في الخليج – تفوقت على صحفنا بمراحل تقنيا ومهنيا، وصارت الكتابة فيها أمنية لا ينالها أي كاتب أو صحفي محدود الامكانيات أو بلا اسم، لكننا للأسف لا زلنا ننظر تحت أقدامنا، ونظن أننا الأفضل والأروع والرواد، تماما مثل حكاية تليفزيون الريادة التي خدعونا بها وصدقناها إلى أن رأينا حجمنا الحقيقي عندما شاهدنا مستوى الفضائيات العربية! ظاهرية المحلية في مصر ليست كروية فقط للأسف الشديد بل هي صفة ملازمة في كل أنشطتنا الحياتية، فنحن لا نقرأ إلا الصحف المصرية ولا نرى إلا ثقافتنا، ولا نبحث إلا عن أخبارنا والتي ضيقها أولو الأمر فجعلوها خاصة بأسعار الطماطم والخضار واللحمة والعلاوة الدورية وفاتورة الكهرباء والغاز.. الخ! وأقول لك يا أخي العزيز الذي اتهمتني بأنني بلا تاريخ رياضي، انني لا ازعم ذلك ولا أدعيه ولا احتاج إليه لأكتب.. لكني أقول لك سرا في اذنك، اننا نوهم أنفسنا في مصر بأننا أصحاب تاريخ رياضي، إنه وهم ليس أكثر وإلا فأعطني الدليل..! ستقول لي نحن أول دولة عربية وأفريقية شاركت في كأس العالم، وكان ذلك في أول مسابقة وقد أقيمت في ايطاليا عام 1934.. سأرد عليك: مع من كانت التصفيات؟.. مع فلسطين..! مع احترامي وتقديري وحبي لهذا الجزء العزيز من وطننا العربي، فإنه لم يكن يوما كيانا كرويا! ثم بعد 56 سنة بالتمام والكمال شاركنا للمرة الثانية في كأس العالم.. هذا هو كل تاريخنا.. وعلينا أن ننظر الى السعودية كم مرة شاركت ولا تزال تشارك في دورة لكأس العالم، كذلك المغرب وتونس والكاميرون، وغيرهم كثر، ومع ذلك فهم واقعيون جدا لم يرتكنوا إلى الحديث عن التاريخ والريادة والقوامة والعبقرية والحضارة الضاربة في جذور الزمن! ربما ستعتبر يا صديقي أن التاريخ الذي نفتخر به هو ذلك اللقب الهلامي الشرفي الذي ناله الأهلي من الاتحاد الأفريقي وذكره الخبير الدانماركي في رسالته "نادي القرن".. وبصراحة أنا لا أصدق، فالمعيار عندي هو ما قيمة ذلك في تاريخنا الكروي كله؟! يا صديقي العزيز.. اجيبها لك على بلاطة.. نحن لم نعد روادا في أي شئ.. والسبب لسنا نحن كبشر ولكن لأن الطبيعة أثبتت دائما أن الزهور تموت عندما تحجب عنها الشمس، والكائنات تختنق عندما تمنع من التنفس بحرية! ومع ذلك فأنا سأقول لك بصراحة شديدة أيضا، إنني فخور بأنني عشت معظم تجربتي الصحفية في صحافة الخليج، حيث تتاح لك الامكانيات المهنية العالية، والقدرة على أن تطور نفسك باستمرار، والمعيشة المحترمة التي يحتاجها الصحفي لكي يكون محايدا وموضوعيا وشجاعا وشفافا ومتفرغا لاكتساب المزيد من فنون هذه المهنة الراقية. أما هذا الشتام الذي أورد عبارات مثل "متخلف.. معقد.. الشمحطي الكبير" فلا أدري كيف أرد عليه، سوى أنني في طريقي عبر شارع صلاح سالم لأخذ كوبري 6 اكتوبر من ناحية "العباسية مول".. كنت اسمع هذه العبارات من بعض طلقاء هذا "المول" الذين يخرجونهم بعض الوقت للفسحة! وذلك الدبور الذي أراد أن يلدغ مصداقية وانتشار تلك الصحيفة "المصريون" أقول له إنه لا يمكن أبدا مقارنة انتشارها الواسع جدا عالميا بصحف رياضية محدودة التوزيع، مرتجعاتها أكثر من المطبوع منها!.. أما المصداقية فذلك دليله هذا الانتشار المتصاعد يوميا. لا يفوتني أن أحيي هنا موضوعية الابنة أو الأخت هدى قدري.. لقد ذكرت اسمها.. لأنني وجدت نفسي أمام عقل ناضج مرتب وفكر مهذب ومناقشة موضوعية.. ليت كل مشجعي الرياضة مثلها.. كلامك على العين والرأس يا هدى، وشكرا على رأيك. [email protected]