كان يقف بين صفوف حجاج القرعة دون حراسة ودون ضجيج، يبحث عن حقائبه الملقاة أمام الفندق الذى سيقطن به فى العاصمة المقدسة تمهيدا لنقلها الى الغرف، لم يتبرم أو يعترض من طول الانتظار المعتاد..حمل حقائبه فى هدوء ووقف أمام المصعد المكتظ بالحجاج .. ابتسامته لم تغب عنه، لهفته لأداء العمرة كانت واضحة على قسمات وجهه. كنت فى انتظاره بعد أن علمت من مصادري أن شقيق الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية سيأتى ضمن أفواج حج القرعة لأداء الفريضة هذا العام، اقتربت منه وسألته هل أنت الحاج سعيد مرسى شقيق رئيس الجمهورية، فابتسم لي فى حياء وقال "نعم" ولكن لا أحد يعلم ولا أريد ان يعلم أحد فأنا مواطن عادي جئت الى الأراضى المقدسة لأداء الفريضة بعد أن كرمنى الله بفوزى بالقرعة. طلبت منه فى البداية أن التقى به لبضع دقائق لإجراء حديث صحفى معه، ولكنه رفض معللا بعدم رغبته فى إجراء أي أحاديث صحفية نظرا لأنه جاء الى مكةالمكرمة لأداء الفريضة فقط، وخاصة انه كان بلباس الإحرام، ووسط إلحاحى الشديد وافق على إجراء الحديث ولكن عقب أداء مناسك العمرة .. فالتقيت به مساء وأدينا معا صلاة العشاء فى الحرم المكى الشريف قبل أن نتوجه سويا الى غرفته بالفندق الذى يقطن به وسط حجاج محافظة الشرقية لإجراء الحديث. فى البداية ، سألت الحاج سعيد مرسي حول ملابسات فوزه بقرعة الحج، فقال إنه سبق له وأن تقدم للقرعة ثلاث مرات ولكن الله لم يكتبها له سوى هذا العام، مشيرا الى انه دأب خلال السنوات الثلاث الماضية على التقدم لحج القرعة وعدم المحاولة فى الحج السياحى نظرا لأن حج القرعة هو "حج الغلابة" الذى يتيح الفرصة للمواطن البسيط لإسقاط الفريضة. وقال الحاج سعيد مرسى شقيق رئيس الجمهورية لموفد وكالة أنباء الشرق الأوسط إنه بدأ رحلة التقدم لأداء الفريضة هذا العام بواسطة القرعة من خلال التقدم بطلب الى مركز شرطة ههيا التابع له قريته العدوة، ثم تلقى خبر فوزه بالقرعة من خلال أحد أصدقائه بعد أن علم بفوزه من خلال موقع وزارة الداخلية على شبكة المعلومات الدولية (الانترنت)، مشيرا الى انه عقب علمه بفوزه بالقرعة قام على الفور بإبلاغ شقيقه الدكتور (الرئيس محمد مرسي) كما يحب أن يناديه، فهنأه على الفور وتمنى له الحج المبرور والذنب المغفور. وأوضح أنه قدم الى المملكة العربية السعودية يوم 10 أكتوبر الجارى؛ حيث هبطت الطائرة التى تقله وفوج محافظة الشرقية بمطار المدينةالمنورة، وحرص منذ ان وطئت قدماه الأراضى المقدسة على عدم الكشف عن هويته لأحد، وبالفعل توجه برفقة الفوج الى الفندق الذى يقطنون به بالقرب من المسجد النبوى الشريف، مشيرا الى ان قربه من الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أدخل فى قلبه البهجة وجعله يحجم عن الاقامة الفندق بشكل شبه دائم؛ حيث كان يخرج فى صلاة الفجر الى المسجد النبوى الشريف ولا يعود الى الفندق الا عقب صلاة العشاء. وأضاف الحاج سعيد أنه توجه بعد أربعة أيام من إقامته فى المدينة فى رحاب الرسول الكريم الى مكةالمكرمة، ليجد نفسه واقفا أمام بيت الله الحرام عاجزا عن الكلام أو الدعاء من هيبة المشهد؛ وذلك قبل ان يبدأ فى مناسك عمرته. وحول تقييمه للخدمات المقدمة من بعثة القرعة لضيوف الرحمن، قال الحاج سعيد مرسي إن أهم ما يميز حج القرعة هو قرب فنادق الحجاج فى مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة من الحرم المكي والمسجد النبوى الشريف، وكذلك جودة الخدمات المقدمة من قبل إدارة البعثة، خاصة فى مكةالمكرمة (مع العلم بانه لم يكشف لأعضاء البعثة عن هويته كونه شقيق رئيس الجمهورية)، لافتا فى الوقت نفسه الى وجود بعض السلبيات البسيطة فى المدينةالمنورة تتمثل فى عدم انتظام المواعيد المحددة للقاء الوعاظ مع الحجاج، وكذلك عدم كفاية ضباط البعثة مقارنة بأعداد الحجاج، الأمر الذى أدى الى شعور بعض الحجاج بعدم التواجد المستمر للضباط برفقتهم. وشدد الحاج سعيد مرسى على أن حج القرعة هذا العام حصل على تقدير إمتياز حتى الآن، وأنه إذا تم تنظيم مواعيد الوعاظ مع الحجاج وزيادة أعداد ضباط البعثة فى موسم الحج القادم فسيحصل حج القرعة على تقدير إمتياز مع مرتبة الشرف. وحول آخر مكالمة دارت بينه وبين الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية، قال الحاج سعيد مرسى إنه قام قبل سفره الى الأراضى المقدسة بيومين بزيارة الرئيس فى منزله بالقاهرة الجديدة ليودعه قبل السفر؛ حيث جلس معه فى جو أسرى وتبادلا اطراف الحديث حول كيفية آداء المناسك، مشيرا الى أن الرئيس مرسى طلب منه الالتزام بالمناسك وتمنى له التوفيق والعودة سالما. وفيما يتعلق برؤيته لمدى نجاح خطة المائة يوم التى تضمنها البرنامج الانتخابى للرئيس مرسى، قال الحاج سعيد مرسى إن خطة المائة يوم حققت العديد من النجاحات، فى مقدمتها عودة الأمن الى الشارع المصرى بنسبة من 75 الى 80 \%؛ حيث انخفضت معدلات الجريمة بشكل ملحوظ وصاحبها زيادة فى معدلات الضبط، مما انعكس ايجابيا على إحساس المواطن بالأمن والاستقرار. وأضاف أن أزمة الوقود مفتعلة ويقف خلفها فلول النظام السابق الذين يحاولون إفشال البرنامج الانتخابى لرئيس الجمهورية، مشيرا الى انه على سبيل المثال عندما يباع لتر السولار المدعم من قبل الدولة بأضعاف سعره فهذا دليل على وجوده، وهو ما ينطبق على ازمة البوتاجاز، فالأنبوبة تباع بخمسين جنيها اى انها موجودة فى الأسواق، ولكن البعض يستغل احتياج المواطن لها ويتاجر بها فى السوق السوداء، وبالتالى فأزمة البوتاجاز والوقود مفتعلة. وأشار الحاج سعيد مرسى الى أنه بالنسبة للنظافة، فقد بدأت بالفعل خطة المائة يوم ؤتى ثمارها بعد أن اختفت القمامة من بعض الشوارع الرئيسية فى العديد من المحافظات، لافتا الى انه على الرغم من أن القمامة لم تختف من الشوارع ، الا أن الحكومة تعمل بجدية للقضاء على تلك المشكلة؛ وذلك على الرغم من تعاقد النظام السابق مع شركات قمامة أجنبية تأخذ من قوت المصريين دون أن تنجح فى حل المشكلة خلال فترة حكم النظام السابق.