لو أني حبة رمل عالقة بكعب بيادة عابر للضفة الشرقية, إني إذن لسعيد. كلما سمعت أنشودة العبور.. بسم الله الله أكبر بسم الله بسم الله, شعرت أني قزم إلى جانب آبائي. مصر لا تنسى أبناءها, لكن المصريين ينسون, وقل لي: هل بمصر شوارع تحمل أسماء الشاذلي أو مولانا عبد العاطي صائد الدبابات؟..الإجابة: هناك شارع يحمل اسم سيمون بوليفار. بعد تسع وثلاثين سنة, لم يرتفع التكريم لقامات الرجال الحقيقيين. مصر منبع الحكمة, وبعض ما فيها من ناس, هم ذهب وألماس, وكثير من الناس مجرد ناس, وهناك ناس أناناس, وناس من فصيلة النسناس, وهناك مايكل نبيل,الذي كتب: "الجندي في الحرب مجرد قاتل محتمل رايح يقتل ناس ميعرفهمش، لا لتكريم القتلة". لما قرأت ما قاله مايكل, حمدت الله على نعمه الكثيرة, ونظرت للحصى الذي يملأ شوارعنا, فكرت أن ألتقط حصاة, فتذكرت: لو كل كلب عوى ألقمته حجرا. ارتفعت الحناجر بالتكبير, وارتفعت المدافع بالزئير, هذان مفتاحا النصر, قلب يخفق و يد تعمل. كلما رأيت مشهد الصاعد ضفة مائلة بزاوية حادة, حاملاً مدفعًا فوق ظهر صابر, عرفت أن الرجولة صبر.. نحن أمة لا تعرف المستحيل,بشرط ألا تنتظر من غير السماء مفاتيح السبيل. يا أمتي.. لا تموتي, فأنت هي التي عبرت, ومن عبر يعشق المقام. كلما سمعت "عاش اللي قال للرجال عدو القنال" ترحمت على السادات.. ونسيت كل شيء لم أوافقه عليه, يا ناس هذا رجل أخذ قرارًا, فترحموا على ثعلب مصر. مات الشاذلي ساعة إقلاع مروحية مبارك لشرم الشيخ, فأكرم الله شيخ المقاتلين, وأذل من حاول إذلال الشيخ.. آمنت بك يا رب. لو سافرت مائة كيلومتر داخل مصر, لشعرت بالغربة, فما بال الرجال الذين رابطوا ست سنوات, ثم أفقدوا العدو توازنه في ست ساعات. انتصر المعتصم في عمورية, وخلفه شاعر اسمه أبو تمام, وانتصرنا في أكتوبر, ولم يكن بيننا أبو تمام.. فكل "أبو تمام"وقتها, كان يمثل فيلم ناصر ستة وخمسين, وانشغلنا نحن بتذكيره بفيلم "ناصر سبعة وستين". كل شهداء الحوادث والوقائع على الرأس وفي العين, لكن شهداء أكتوبر لا يساويهم أحد فى زماننا. يا وزير الدفاع.. لا يليق أن يظل معاش من خاض الحرب, عشرات الجنيهات, فهؤلاء الرجال, نعل بياداتهم, نبع الطهارة وبحر الشرف في هذا البلد, وأنت حِلٌ اليوم, وحر في هذا البلد. [email protected]