أما خاشقجى فهو جمال خاشقجى الكاتب الصحفى ومدير عام ورئيس تحرير قناة "العرب"، ورئيس تحرير جريدة الوطن السعودية الأسبق والسابق أيضًا- يعنى دبل- باعتباره تولى رئاستها مرتين.. وأما "أجنبية جزيرة العرب" فأعنى بها العمالة الأجنبية التى تقيم بأرض شبه الجزيرة العربية، والتى طالب بطردها. واستخدم خاشقجى فى مقال له فى صحيفة "الحياة" استقاه من لقاء تليفزيونى شارك فيه مع داود الشريان، عنوانًا مثيرًا هو: "أخرجوا العمالة الأجنبية من جزيرة العرب"، على غرار الحديث النبوى الشريف: "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب".. واستهواه العنوان الموزون على عبارة الحديث الشريف، وإن اتفقا لفظًا واختلفا معنى. أسئلة تطرح نفسها على خاشقجى، وهو الرجل العاقل البعيد عن التعصب والعنصرية البغيضة التى أصبحت خلقًا للبعض من أهل الجزيرة أربأ بخاشقجى عنها.. من هذه الأسئلة: ماذا فعلت العمالة الأجنبية حتى تتم الدعوة لإخراجها من جزيرة العرب وكأنهم "مشركون نجس"، فلا يقربوا جزيرة العرب بعد عامهم هذا؟.. ومن الأسئلة: هل بعد أن شاركت العمالة فى بناء وتعمير وتشييد الوطن وقام على سوقه وأثمر ينعه يكون جزاء العمالة الأجنبية الطرد أو الإخراج من جزيرة العرب؟، هل نستدعى من التاريخ قصة "جزاء سنمار" ونكرر مكافأة من عمل لنا قصورًا وأبراجًا وعمارة وشركات ومؤسسات ومصانع وقوة اقتصادية قوية فلنلقيه من فوق تلك القصور لينزل على أم رأسه فيتهشم ويصبح هشيمًا تذروه الرياح؟. قد نقبل وعلى مضض هذا الكلام من كفيل أو من مستشفى أو من مؤسسة أو شركة تجاه عامل وافد لكن من رجل خالط الوافدين وعرفهم وربما تعلم على أيديهم فى المدارس وفى مدرسة الحياة الكبرى؟ قد نقبل من العامة وسوقة الناس مقولة "الأجنبى" عن العربى المسلم، لكن أن يذكرها كاتب- غير عنصرى- محسوب على قطاع المفكرين والمثقفين والصحفيين الكبار والإعلاميين الذين يشار إليهم بالبنان، ففى النفس منها شىء وأشياء؛ إذ كيف يكون أجنبيًا وهو عربى مسلم فى بلد عربى مسلم قبلة كل بلاد المسلمين؟. حتى وإن استدرك خاشقجى قائلاً: "بالطبع لم أقصد إخراج الأجانب بإطلاق العبارة من دون تقييد، فالمملكة بلد منفتح، وذات اقتصاد حر وتريد أن تكون «جزءًا من العالم ولن تنسلخ عنه»، وهى جملة بليغة قالها العاهل السعودى الملك عبد الله قبل سنوات فى إحدى وصاياه التاريخية التى شكّل ورسم بها مستقبل المملكة وحاضرها، وبالتالى سيبقى أجانب فيها يشاركوننا حياة سعيدة نسعى إليها".. إلا أنه شنها حربًا شعواء على العمالة الوافدة التى ساهمت ولا تزال فى إثراء الحالة الاقتصادية والتنموية فى بلدان الخليج.. ونظر إلى سلبياتها ولم يعد لها إيجابية واحدة. كنت أتمنى أن يقرأ خاشقجى مثلاً، تلك الدراسة التى أعدتها الأمانة العامة لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجى وجاء فيها: "إن أهم العوامل التى دفعت العمالة الأجنبية للقدوم لدول المجلس زيادة معدلات النمو الاقتصادى بنسب كبيرة، ورغبة دول الخليج فى الاستفادة منها فى إقامة مشروعات وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية تفوق قدرة هذه الدول على توفير العمالة الوطنية اللازمة لإنجازها".. وأكدت تلك الدراسة "أنه لم تكن هناك نتائج سلبية لتلك العمالة". ربما كانت الحجة القوية التى اتكأ عليها خاشقجى واستند فيها أيضًا إلى ما يشبه تلك الدراسة السابقة نفسها فى فحوى كلامه من أن "هؤلاء بشر، يأتون بخيرهم وشرهم، لهم احتياجاتهم، وتجمع بينهم الرغبة فى الكسب السريع الذى نعرف أرقامه ممثلة فى التحويلات الهائلة التى تجاوزت 105 بلايين ريال العام الماضى، بالطبع لا يدفعون ضرائب ولا يضيفون رقمًا للناتج القومى، بل إنهم يستهلكون مثل السعوديين عشرات السلع المدعومة من الدولة كالوقود الرخيص والكهرباء والماء وشتى السلع الغذائية المدعومة بسخاء من الدولة، الأهم من ذلك أنهم يستهلكون موارد البلاد الطبيعية المحدودة".. غير أن هذا كله لا يأتى مثقال ذرة فى المساهمة التى كانت ولا تزال تساهم فى تنمية عالية قوية حضارية تدفع بمكاسب "مليارات ممليرة" بالطبع لم يذكر فيها فضل لتلك العمالة على اختلاف أجناسها وألوانها وجهودها الملموسة.. مع حبى الكبير والكبير جدًا لزميل المهنة والصديق والحبيب ورئيس التحرير، والمدير العام الأستاذ جمال خاشقجى، إلا أننى أرى أنه جانبه الصواب فى الطرح الذى لاشك أنه يعجب كبار القوم فى أرض الجزيرة ويمشى فى ركاب "سياسة التوطين"، وأقدر له أنه فى طرحه كان همه على بلده وقلبه على وطنه، فى حق من خدموا ووقفوا معنا فى وضع أساسات هذا البناء الشامخ فى المملكة وفى كل بلدة خليجية أخرى ولا يزالون يعطون ويمنحون الكثير والكثير. ************************** ◄◄آخر كبسولة: ◄عمرو حمزاوى: لم أعلم ابنى الإسلام، ولا أريد استخدام حقى الأبوى فى نقل دينى لابنى، واتفقت مع والدة ابنى – المسيحية- على أن نترك لابنى "لؤى" مطلق الحرية فى أن يعتنق الديانة التى يريدها عندما يصل لسن الرشد. = من فرط فى دينه، فمن البديهى أن يفرط جدًا جدًا فى أن يلقنه لابنه، وهذا كلام يخالف الحرية الدينية للمعتقد؛ لكل صاحب معتقد، وإلا فاسأل المسيحيين لِمَ يعمدون أبناءهم قبل سن الرشد؟، واليهود لِمَ يهودون أبناءهم؟، والمجوس لِمَ يُمَجِّسون أبناءهم؟؟ كلمة واحدة لعلك نسيتها قالها الذى خلقك يا هذا لك ولغيرك: "ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين". دمتم بحب [email protected]