كشفت مصادر إخوانية عن تصاعد التوتر بدرجة غير مسبوقة بين الرئيس محمد مرسى والمهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام ل "الإخوان المسلمين"، فى ظل تباين الرؤى بينهما حول مجمل القضايا المثارة، ومحاولة الأخير فرض وجهة نظر فى عدة ملفات بشكل أزعج الرئيس الذى تبنى خطوات فى إطار التصدى لهذا التوجه بشكل كرس القطيعة بين الطرفين. وأفادت المصادر بأن الخلافات بدأت بين الشاطر ومرسى منذ مباشرة الأخير سلطاته وإبدائه حرصا على التمتع بنوع من الاستقلالية والابتعاد بشكل محسوب عن جماعة الإخوان المسلمين وجناحها السياسى حزب الحرية والعدالة فى ظل ما يفرضه عليه المنصب الرئاسى من تداعيات باعتباره رئيسا لكل المصريين. وطفت الخلافات على السطح قبيل سفر الرئيس إلى الصين وإيران وقيامه بتفويض صلاحياته للفريق أول عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع وهو ما رفضه الشاطر بشدة، حيث كان يفضل إسناد الرئيس صلاحيته للدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء، باعتباره الأقرب للجماعة من السيسى، على الرغم من وجود حالة ود بين الفريق وشخصيات بارزة فى الإخوان. واستمرت الخلافات بين مرسى والشاطر حول قرض صندوق النقد الدولى، بعد أن أقر الرئيس حصول مصر على قرض يزيد على 4.8 مليار دولار دون إحاطة مكتب الإرشاد بجماعة "الإخوان" أو الهيئة العليا لحزب "الحرية والعدالة"، على الرغم من أنه يعلم مسبقا بوجود تحفظات على حصول مصر على القرض، إبان حكومة الدكتور كمال الجنزورى، مما أشعل الخلافات بين الطرفين، إلى الحد الذى أبلغ معه الشاطر مقربين منه استياءه الشديد من نزوع مرسى لنوع من الاستقلال فى مرحلة الجد. وامتدت الخلافات بين الطرفين إلى عدة ملفات من بينها سبل التعاطى مع قضية المصالحة الفلسطينية، حيث يفضل الرئيس مرسى تبنى نهج معتدل يتيح التقريب بين حركتى "فتح" و"حماس" وإنفاذ المصالحة بين الطرفين وتطبيع الأوضاع فى الساحة الفلسطينية، لاسيما أن هذا الملف تديره أجهزة المخابرات ويعانى تعقيدا يمنع انحياز مصر لأى من أطراف النزاع. ولم تقتصر الخلافات عند هذا الحد، حيث تدخل الرئيس مرسى لفرملة توجه داخل "جماعة الإخوان" وحزب "الحرية والعدالة" لإقامة منطقة حرة على الشريط الحدودى بين مصر وقطاع غزة وفتح معبر رفح بشكل دائم، وهو ما تحفظ عليه الرئيس مرسى الذى أحال الملف برمته للمخابرات العامة لاستطلاع رأيها. وامتدت الخلافات حول سبل التعاطى مع الأحزاب والقوى السياسية، حيث يتبنى الشاطر نهجًا فوقيًا فى التعامل مع القوى السياسية وحتى الإسلامية منها، لدرجة أن الاتصالات قطعت بين "الإخوان المسلمين" وكل من حزب "النور" السلفى و"الجماعة الإسلامية" منذ إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية، إلى أن عاودت شخصيات إخوانية فتح هذه القنوات فى ظل تكتل القوى الليبرالية ضد الإسلاميين وهو النهج الذى كان يفضله مرسى وسعيه لفتح النوافذ مع القوى السياسية جميعها. وأدت الخلافات إلى دخول المرشد العام ل "الإخوان" على خط الأزمة لاحتواء التوتر بين الرئيس مرسى والشاطر، غير أن تمسك الطرفين بوجهة نظرهما أفشل مهمته، الأمر الذى لم يجد أمامه بدًا من رفع الأمر للتنظيم الدولى للإخوان لبحث تداعيات الخلاف على مصلحة الجماعة والحزب، وقد تم إسناد الملف إلى قيادى بارز فى التنظيم الدولى للعمل على تسويته. يأتى هذا فى الوقت الذى تحفظ فيه المهندس على عبدالفتاح القيادى الإخوانى على الأنباء عن وجود خلافات بين مرسى والشاطر، مؤكدًا وجود توافق تام بين مؤسسة الرئاسة وحزب "الحرية والعدالة" و"الإخوان المسلمين" مع الرئيس، حيث تدعم الجماعة مشروعه للمائة يوم الأولى ولم تألو جهدا فى إنجاح هذا التوجه. وأشار إلى حرص "الإخوان" على إنجاح تجربة الدكتور مرسى باعتبار أن هذا النجاح نجاح للوطن والجماعة والحزب على حد سواء، مشددا على أن كل ما يتردد فى هذا الشأن غير دقيق بل قد تطلقه قوى معادية للإخوان لا ترغب فى النجاح من أجل النجاح ولكن أن يأتى نجاحها على حساب الآخرين. من جهته، اعتبر الدكتور ضياء رشوان مدير مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية ب "الأهرام" إثارة مثل هذا الأمر إهانة للمقام الرئاسى، متسائلا عن ماهية الدور الرسمى أو الحزبى للمهندس خيرت الشاطر فى الحياة السياسية فى مصر حتى يتسنى له ممارسة هذا الدور التدخل فى شئون الحكم، إلا إذا كنا فى وضع تحكم فيه الجماعة الدولة وليس العكس؟. وتابع: لسنا فى إحدى جمهوريات الموز حتى يتدخل أحد فى شئون رئيس الجمهورية الذى يستطيع استخدام صلاحيته فى وقف هذا العبث بشكل فورى، ولكننى لا أشعر أن الرئيس مرسى جاد فى وقف تدخل شخصيات إخوانية وكوادر من الحرية والعدالة فى شئون الدولة أو حتى تبنى موقف رافض لذلك. وتساءل: ألا يملك الرئيس مرسى الصلاحيات الكاملة لإيقاف أى شخص مهما كان ثقله؟ مؤكدا أنه لا أحد فى مصر يستطيع منازعة الرئيس صلاحيته، إلا إذا كان هذا بموافقة أو عدم ممانعة من الرئيس نفسه، معتبرا هذا الأمر إهانة للثورة وللديمقراطية ولملايين الناخبين الذين دعموا مرسى فى أول انتخابات رئاسية حرة ومباشرة فى تاريخ مصر.