انتهى مولد الست إلهام بكل ضجيجه وصخبه، لذلك وبعيدا عن الشخصنة والضجيج يمكننا أن نتناول بعض المفاهيم المهمة التى زج بها فى هذا العراك اللفظى بين أحد علماء الدين الذى فى تقديرى أنه انزلق لمجادلة لفظية لا تليق بعالم يفترض فيه عفة اللسان وبين إحدى فنانات السينما التجارية المعنية بمتطلبات السوق، يذكر أنه وبخبث شديد وانتهازية دنيئة تم تحويل هذا العراك اللفظى إلى قضية مجتمعية تتمثل فى مواجهة بين الإسلام السياسى وحرية الإبداع، وإنصافاً لقيمة الإبداع بمفهومه الصحيح وحريته التى لا غنى عنها لأى مجتمع راغبًا فى النمو والازدهار يتعين علينا أن نتناول مفهوم الإبداع السينمائى بالنقاش والتحليل. أفهم أن أسبابًا تجارية ومتطلبات سوقية تدفع بعض مخرجى السينما إلى إقحام بعض مشاهد العرى والرقص الخليع فى أفلامهم، كما أفهم أن أسبابًا تجارية ومتطلبات سوقية تدفع بعض الفنانات للكشف عن ثلاثة أرباع أثدائهن، إذ أن تلك بضاعتهن اللائى يسوقن بها أنفسهن، ذلك أنه إذا ما نقصت الموهبة الحقيقية والقدرة على الأداء الراقى المؤثر لم يبق أمام مدعى الفن إلا المتاجرة بالجسد، نفهم ذلك ولا نقبله، يذكر أن بعض الدفوع التى تثار فى هذا المجال تقول إن الأفلام الإباحية متاحة طوال 24ساعة على الإنترنت والقنوات الفضائية فلماذا الانزعاج من العرى فى مشهد أو اثنين فى فيلم لدواعٍ درامية!!، نعم هذا حادث فعلاَ بيد أن هذا لا يجعلنا نقنن العرى والإباحية وندخلها البيوت المصرية، لذا مهما علت الأصوات وكثرت لن يجبرنا أحد على التسليم والتصديق بأن هذا إبداع حتى ولو كانت التهمة التى سيرموننا بها هى التخلف والرجعية!! الأمر المضحك وغير المقبول حقاً أن بعض الفنانين يريدون الحجر على الكُتّاب وأصحاب الرأى ويمنعونهم من إبداء الرأى فى أعمالهم بحجة أن الفن السينمائى له قواعد متخصصة لنقده، وعلى مَن لا يتقنها أن يتجنب تناول الأعمال السينمائية بالتحليل والنقد، وأقول المضحك فى الأمر لأن نفس هؤلاء الفنانين ينادون بألا يحتكر علماء الدين الحديث فى الدين، وأن هذا حق للجميع، أيكون الحديث فى الدين وقواعده الفقهية مباحًا للجميع سداح مداح، أما الحديث فى الفن فيكون حكرًا على المتخصصين؟؟!! إن فى مصر فنانين مبدعين وأصحاب مبادئ، شاركوا فى ثورة يناير بكل فعالياتها، وعندما جاءت لحظة الحسم والاختيار انحازوا ضد مرشح الفلول، قائلين إن خلافنا مع الإخوان خلاف سياسى أما خلافنا مع شفيق ومن حوله خلاف جنائى، لذلك وبهذه الروح الوطنية الثورية ادعوهم إلى مراجعة فكرية صادقة حول جدوى ومردود مشاهد العرى والرقص الخليع فى الأعمال السينمائية على المتلقى وخاصة الشباب، ادعوهم لتنظيم حوار حول مفهوم الإبداع السينمائى وفقاً لمعايير وطنية وليس وفقاً لمعايير هوليوود التى وضعتها الصهيونية العالمية. أدعو مركز البحوث الاجتماعية والجنائية إلى القيام بدراسة علمية عن الأثر الباقى، الذى تتركه مشاهد العنف والجنس فى وجدان جماهير السينما وخاصة الشباب، وهل تأثير تلك المشاهد إيجابى أم سلبى من وجهة نظر اجتماعية نفسية وإعلان نتائج هذه الدراسة للجميع. أقول لفنانين مصر الشرفاء هل لنا أن نطالب بفن سينمائى راقٍ يخاطب الوجدان ولا يثير الغرائز، فن سينمائى يتسق مع ثقافتنا وقيمنا الأصيلة ويساهم بشكل إيجابي فى بناء الإنسان وتنميته؟؟ أم أن المطلوب منا أن نتقبل الفن السينمائى باعتباره Amoralism ، أى خارج نطاق القيم الأخلاقية أصلاً؟! وهذا ما لن نستطيعه. [email protected]