من سمات القرارات المفاجئة غير المدروسة حدوث شيء من البلبلة والاضطراب، ثم يعقبها فتح الباب على الواسع للقيل والقال، ما يؤدي لاختلاط الشائعة بالحقيقة، وهذا ما حدث بالفعل عندما فوجئنا بقرار البابا تواضروس بعدم تجليس الدفعة الأخيرة من الأساقفة الذين قام بسيامتهم، إلا بعد قضاء فترة تدريب عملي لأخذ الخبرة والتدابير من أساقفة ومطارنة كبار. والعجيب - كما ينتقد البعض - في هذا القرار أن البابا قام من قبل بسيامة عشرات الأساقفة الذين تم تجليسهم جميعًا بالإيبارشيات عقب الانتهاء من طقس الكنيسة والبدء الفوري في ممارسة خدمتهم! لذلك فقد انتشرت التفسيرات المنطقية ألا وهي عدم كفاءة بعض هؤلاء الأساقفة وارتكابهم الأخطاء والمشاكل، ما يستوجب تعديل الطقس والنظام المعمول به منذ قرون طويلة في كنيستنا الأرثوذكسية، ونتذكر سويًا أن البابا شنودة الثالث كان يلحق بسكرتاريته بعض الرهبان المرشحين لرتبة الأسقفية للتدريب الفعلي والعملي المكثف والمفعم بخبرات متلاحقة، نظرًا لتردد الكثيرين على المقر البابوي، الذي هو المصب الحقيقي لجميع مشاكل الأساقفة والرهبان والكهنة. والنظام الحالي لاختيار الراهب فجأة خلال أيام قليلة ليصبح أسقفًا يحتاج إلى تعديلات وتغيرات جوهرية وليس مجرد فترة من شهر إلى ثلاثة، وذلك لأنه من غير المنطقي واللائق والمقبول أن يمارس الراهب حياته الرهبانية بالدير وهو على سجيته، ويتعامل مع مريديه والمترددين عليه ببساطة وطيبة قلب ثم فجأة يصبح أسقفًا له صولجان ومكانة ومهابة ويحدث له التغير المفاجئ شكلاً وموضوعًا تاركًا في البرية (الشبشب) المميز الذي يعشقه غالبية الرهبان نظرًا لسهولة استخدامه، لتردده المتوالي على الكنيسة للصلاة ولكنه عقب الأسقفية لابد من ارتداء الحذاء (الكلاركس) البورسعيدي الأصلي، وناهيك عن الملابس الباهظة الثمن والسيارة والتكييف و... و... و... والأهم من كل هذه الشكليات علاقته بالشعب خاصة من كانت له تعاملات معهم وأعرف أحدهم (كان صديقا) يتمتع بخفة ظل وله قفشات مميزة وأحيانًا يردد بعض أغاني أم كلثوم ومشاهدة مباريات كرة القدم وكل هذا للتسلية وربما ليبعد عنه شيطان الكبرياء خاصة أن الكثيرين لهم نظرة تقديسية لكل صاحب جلباب أسود، وفجأة تم ترشيحه للأسقفية وفي أول زيارة لبعض الأحباء القدامى له عاجله أحدهم بسؤال؛ شفت الماتش يا سيدنا؟ وتسرع آخر متغنيًا (خدني لحنانك يا سيدنا) ولكن جاء رد الفعل الرهيب حيث تكهرب الجو وأكفهر وجه الأسقف مجيبًا (خلاص... ده كان زمان) ثم نهض فجأة وشكرا الرب كثيرًا لظهور رد الفعل المباشر حيث قال لي أحدهم (كنت هرد عليه وأقوله (لسه فاكر كان زمان) ما علينا يا أحبائي فنحن في انتظار القرار المفاجئ الثاني للبابا تواضروس الثاني بخصوص الفترة التدريبية لشاغل رتبة البابوية فماذا يقترح علينا عقب سيامة قداسة البابا الجديد؟ وما هي الفترة الزمنية الواجب عليه الالتزام بها قبل ممارسة خدمته؟ ومن يقترح البابا أن يذهب إليهم بطريركنا الحديث عقب سيامته إلى بابا روما مثلا؟؟ أم بطاركة المشرق أم رؤساء الكنائس الآخرى في مصر والشرق الأوسط؟.. تحياتي