الائتلاف بين الإسلاميين واجب شرعى وسننى وواقعى؛ فكثير من نصوص الوحيين تحض بأسلوب القطع والجزم على الوحدة وترك الفرقة فقوله تعالى: {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} الأنفال/46، إخبار واضح، ونهى جازم، وسنة ثابتة، يدل على أن الفشل والتراجع - على مستوى الأمة أو الأفراد- إنما مرجعه إلى التنازع والاختلاف. يقول محمد إقبال: ألم يبعث لأمتكم نبي يوحدكم على نهج الوئام ومصحفكم وقبلتكم جميعاً منار للأخوة والسلام وفوق الكل رحمان رحيم إله واحد رب الأنام فما لنهار ألفتكم تولى وأمسيتم حيارى فى الظلام والائتلاف واجب سننى حيث إن نصر الله لا يتنزل على مجموعات متفرقة مختلفة، إنما نصر الله يتنزل على أمة مؤتلفة متحابة قال تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [آل عمران:103] . تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً وإذا افترقن تكسرت أفرادا وهذه سنة الله فى الكون والتاريخ شاهد على ذلك فكثير من حركات التمكين التى حدثت فى التاريخ سواء للمسلمين أو غيرهم لم يقم بها مجموعات صغيرة، إنما حدث النصر وإنشاء الدول بعد الائتلاف والاجتماع والوحدة، فقصة فتح المسلمون للأندلس وخرجوهم منها هى أكبر شاهد على ذلك، عندما كانوا أمة واحدة متحدة مؤتلفة فتحوا الأندلس بالرغم أنهم كانوا أقل عددا وعدة، ودانت لهم الأندلس عن بكرة أبيها، لكن مع مرور الزمن وبعدما دبت الفرقة والاختلاف وتجزأ المسلمون إلى دويلات وطوائف يقاتل بعضها بعضا ويستعينون بأعدائهم على إخوانهم، وفى نفس الوقت الذى تجمع لهم أعداؤهم واتحدوا عليهم تحت قيادة الملكة "إيزابيلا" والملك "فيرنانديو"، فغزو غرناطة آخر معاقل المسلمين فى الأندلس وأسقطوا حكم أبو عبد الله الأحمر عام 1492م، وأمروا بإنشاء محاكم التفتيش التى قامت بقتل وطرد ثلاثة ملايين من المسلمين الأندلسيين، الذين لم يغادروا الأندلس بعد سقوطها، والتعذيب بجميع أنواع آلات التعذيب البشع الذى لم تر البشرية مثله. هذا الحدث الجلل قيام دولة الأندلس وسقوطها وقع تحت سنة من سنن الله فى الكون ( ولا تنازعوا فتفشلوا). كما أن الائتلاف حتمية واقعية، فالليبراليون والعلمانيون بجميع أصنافهم وأنواعهم فى الداخل والخارج يسعون للائتلاف فقط ضد الفكرة الإسلامية، فحرى بنا أن نكون صفا واحدة لنصرة الإسلام والوقوف فى وجوه هؤلاء نصرة لشرع الله، فهم يتجمعون علينا فماذا نحن فاعلون؟ نحن على أبواب انتخابات أرى أن منافسة بعضنا لبعض هو من التنازع الذى ينتهى بالفشل والذى حذرنا منه ربنا عز وجل، فهل نحن منتهون؟ إن من أوجب الواجبات فى هذا الوقت أن نُرى الله منا ما يحب من ائتلافنا وتجمعنا، لاسيما أنه لا يوجد ما يدعونا للفرقة غير الدنيا والحرص عليها، والتعصب البغيض للكيانات التى ننتمى إليها، دعوها فإنها منتنة. اللهم ألف بين قلوبنا وجمع صفوفنا إنك على كل شيء قدير. - مدير تحرير مجلة قراءات إفريقية