في مثل هذا التوقيت من كل عام، تشتعل المعركة والجدل حول «شرعية» إفطار لاعبي كرة القدم في رمضان، وما إذا كان حلالًا أم حرامًا، وكذلك حكم الذين يفطرون منهم في ذلك الشهر. الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، قال إنه لا يجوز للاعبي الكرة الإفطار في نهار رمضان. وتابع، في تصريحات متلفزة له: «مزاولة الألعاب الرياضية ليست مسوغًا أو مبررًا إطلاقًا لإفطار اللاعبين إلا في حالة واحدة، إذا كان اللاعب مسافرًا أكثر 85 كم وذلك لعلة السفر فقط». وأوضح: «الشريعة الإسلامية بنصوص القرآن والسنة رسمت أسباب الرخص للإفطار، وليس من بينها مزاولة الألعاب الرياضية ومنهم المريض والمسافر ويلحق بهم الحامل والمرضع والشيخ الهرم والمرضى بمرض مزمن». وشدد على أن رياضة كرة القدم تندرج في الفقه الإسلامي في باب الترويح عن النفس، والحكم التكليفي الجواز، إلى جانب أنها أصبحت مهنة وقامت عليها صناعات. وذكر كريمة أنه على اللاعب عند احترافه في أي دولة أوروبية أن يطالب بوضع نص في عقده لا يجبره على الإفطار في نهار رمضان احترامًا للدين الذي يعتنقه، مضيفًا: «لا معصية لمخلوق في معصية الخالق». أما الدكتور أحمد خليفة شرقاوي، مدرس الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون جامعة طنطا، قال إنه لا رأي لأحد في تلك المسألة سوى دار الإفتاء المصرية ومجمع البحوث الإسلامية، مشيرًا إلى أنه يجب الأخذ بما أفتى به. وأضاف «شرقاوي»، ل«المصريون»، أن هذه مسألة فقهية لا وجهات نظر فيها؛ حتى لا يحدث جدل وبلبلة حول الأمر، متابعًا: «الأفضل الرجوع لرأيهما». أزهري: الكرة لا تبني مجد الأمة إلى هذا، قال الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أوضح الحكم الشرعي للاعبي كرة القدم الذين يؤدون مبارياتهم في شهر رمضان الكريم، بقوله «قلت مرارًا وتكرارًا بعدم جواز الإفطار للاعبي كرة القدم في شهر رمضان، مهما كان الأمر». وأوصى لاشين، في تصريحات له، القائمين على الأمر بأن يجعلوا المباراة في وقت متأخر ليلًا، مشيرًا إلى أنه ما بني مجد أمة بالكرة إنما بني بالثقافة والعمل والإتقان في العمل. واختتم أستاذ الفقه المقارن أنه ليس من المعقول أن يُضحى بالدين من أجل لهو ولعب، والتضحية الواجبة تكون بكل شيء من أجل الدين. الأزهر يحسم المسألة فيما قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية إنه لا يجوز للاعبي كرة القدم الإفطار إذا كانوا مسافرين ونووا الإقامة في سفرهم أربعة أيام فأكثر. وأضاف «الأزهر» في إجابته عن سؤال: «ما حكم إفطار لاعبي كرة القدم؟»، أنه يشترط لوجوب الصيام على المسلم «الإقامة»، فلا يجب الصيام على المسافر. واستشهد بقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ» (سورة البقرة:183-184). وأكد أنه إذا سافر الإنسان مسافة القصر التي تبلغ نحو (83.5) كيلومتر، جاز له أن يفطر مادام في سفره، أو إن لم ينو الإقامة أكثر من ثلاثة أيام في المكان الذي سافر إليه، أما إذا نوى المسلم الإقامة أربعة أيام فأكثر انقطع عنه وصف السفر، ووجب عليه الصيام، وإتمام الصلاة. وأفاد بأنه لا يجوز للاعبي كرة القدم الإفطار إذا نووا الإقامة في سفرهم أربعة أيام فأكثر، ويمكن أن يجروا تمريناتهم، ومبارياتهم بالليل ليسهل عليهم الأمر، فإن لم يتمكنوا من إقامة التمرينات، أو المباريات بالليل، وصاموا وشق عليهم الصيام مشقة بالغة لم يمكنهم تحملها ففي هذه الحالة يجوز لهم الفطر للمشقة، ولا يجوز لهم الفطر ابتداءً لتوقع المشقة، فلا يجب التهاون بحرمة الشهر الكريم، بل يجب تعظيمه كما قال تعالى: «ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ» [الحج:32]. وتابع: «لقد سجل التاريخ كثيرًا من انتصارات المسلمين في شهر رمضان المبارك وهم صائمون، كغزوة بدر الكبرى، ومعركة أكتوبر المجيدة، وغيرها». ونبه الأزهر على أن صيام الشهر وتعظيم حرمته أدعى للنصر إن شاء الله تعالى، كما قال سبحانه: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ» (سورة محمد: 7). الإفتاء توضح بدورها، أجابت دار الإفتاء، عبر موقعها الإلكتروني على سؤال حكم إفطار لاعبي كرة القدم، قائلة: «اللاعب المرتبط بناديه بعقد عمل يجعله بمنزلة الأجير الملزم بأداء هذا العمل، فإذا كان هذا العمل، الذي ارتبط به في العقد هو مصدر رزقه، ولم يكن له بدًا من المشاركة في المباريات في شهر رمضان، وكان يغلب على الظن كون الصوم مؤثرًا على أدائه، فإن له الرخصة في الفطر في هذه الحالة، أما التدريبات فما دام أنه يمكن التحكم في وقتها، فيجب أن تكون أثناء الليل، حتى لا تتعارض مع قدرة اللاعب على الصيام». وشددت الإفتاء على أن «العلماء أجازوا الفطر للأجير، أو صاحب المهنة الشاقة، الذي يعوقه الصوم أو يُضعفه عن عمله، كما نصّ في فقه الحنفية، على أن من آجر نفسه مدة معلومة، وهو متحقق هنا في عقود اللعب والاحتراف، ثم جاء رمضان، وكان يتضرر بالصوم في عمله، فإن له أن يفطر وإن كان عنده ما يكفيه».