كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرا، عن زعيم والأب الروحي لحركة " الملا عمر" ، والذي جاء فيه أن زعيم طالبان كان يعيش على بعد أمتار من قاعدة أمريكية. وقالت الصحيفة إن القوات الأمريكية فتشت ذات مرة بيتا كان يقيم فيه، لكنها لم تنجح في العثور على الغرفة التي بنيت له. وبحسب التقرير فإن المسؤولين الأمريكيين غالبا ما قالوا إن ملا عمر مثل أسامة بن لادن، يختبئ في باكستان، لكنه ظل يعيش في أفغانستان طوال الفترة التي أعقبت سقوط حكم حركة طالبان في عام 2001. وكانت الصحفية الهولندية " بيت دام" قد نشرت كتابا بعنوان "البحث عن العدو" حيث يظهر أن زعيم طالبان كان يعيش كراهب افتراضي، يرفض استقبال أفراد عائلته ويكتب على الدفاتر بلغة وهمية. وأمضت بيت دام 5 سنوات من الأبحاث من أجل كتابها، وقابلت الحارس الشخصي لملا عمر، "جبار عمري" الذي ساعدها في الاختباء وقام بحراستها بعد إسقاط نظام طالبان. وأضاف التقرير أن الملا عمر قضى وقته يكتب ملاحظات بلغة سرية، ويختبئ أحيانا من الدوريات الأمريكية في قنوات الري، مشيرا إلى أنه ظل يستمع لنشرة أخبار "بي بي سي" الناطقة بالبشتو، ولم يعلق إلا في النادر على الأخبار القادمة من العالم الخارجي، حتى عندما علم بمقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. وأوضح التقرير أن دام لم تستطع الوصول إليه إلا بعد قيام السلطات الأفغانية بتوفير الحماية في نهاية العام الماضي، ووافقت السلطات على تسهيل المقابلة معه في بيت آمن في العاصمة كابول، ووافق على المقابلة، وجاء عمري من ولاية زبول لأجل المقابلة. وتقول الصحيفة إن علاقاته في المنطقة كانت مهمة لحماية عمر بعد هربه إلى مناطق أجداده، وتسليم القيادة لنائبه ملا عبيد الله، في لقاء مع كبار قادة الحركة جرى في غرفة أرضية في قندهار، لافتة إلى أن عمر عاش في السنوات الأربع الأولى من عودة تمرد حركة طالبان في عاصمة الإقليم قلات، ولم يكن مخبئه بعيدا عن مجمع الحاكم سوى أمتار. واختيرت المنطقة لاحقا لإنشاء قاعدة عسكرية أمريكية رئيسية فيها لشن عمليات قتالية متقدمة منها، ونقلت زوجات عمر إلى باكستان، ورفض عرض عمري إحضار ابنه لزيارته. وأكد أن الملا عمر أقام أولا في بيت عبد الصمد أستاذ، سائق عمر السابق، الذي كان يعمل على سيارة أجرة "تاكسي"، وكان بيتا صغيرا له ساحة، وبيت مبني من الطين تخفيه جدران، وهي الطريقة التقليدية لتوفير الخصوصية في أفغانستان، مشيرا إلى أن عمري قام ببناء غرفة سرية في زاوية غرفة على شكل حرف "أل" باللغة الإنجليزية، وأخفي مدخلها خلف ما ظهر أنها خزانة عالية في الجدار، ولم تعرف العائلة عن الزائر الغامض ولا هويته. وبحسب الغارديان فإن القوات الأمريكية كادت أن تعتقله مرتين حيث جاءت دورية أمريكية حينما كان ملا عمر وعمري في ساحة البيت، وعندما سمعا وقع أقدام الجنود الأمريكيين فإنه قام بالتواري خلف كومة من الحطب، لكن الجنود واصلوا مسيرهم دون الدخول إلى البيت. وفي المرة الثانية فتش الجنود البيت، لكنهم لم يعثروا على المدخل السري، ولم يعرف عمري في حينه إن كان التفتيش روتينيا، أم أنه جاء بناء على بلاغ. وأشار التقرير إلى أن عمر قرر الانتقال من البيت الذي كان قريبا من مركز السلطة وقاعدة العمليات المتقدمة في لاغمان، وذهب إلى قرية صغيرة ليس فيها إلا عدد قليل من البيوت تقع قرب نهر يجف أحيانا، منوها أن القرية تقع على بعد 20 ميلا من قلات في منطقة شينكي، وهناك بنى عمري كوخا صغيرا على حافة النهر، ليعيش فيه عمر مرتبطا بقنوات ري، ويعطي فرصة للهرب إلى الجبال في الحالات الطارئة. وبدأت القوات الأمريكية بعد انتقاله بفترة قصيرة في بناء قاعدة عسكرية لا تبعد سوى أميال عن مكان ملا عمر. وكشفت الصحيفة أن قاعدة ولفرين للعمليات المتقدمة كانت في ذروة عملها تستوعب ألف جندي أمريكي والقوات التابعة للأمم المتحدة، وخاف ملا عمر لكنه لم ينتقل مرة أخرى، ولم يغادر بيته إلا نادرا، فقط للتشمس أثناء الشتاء، وعادة ما كان يختبئ في قنوات الري عندما كانت طائرات الاستطلاع الأمريكية تحلق فوقه. وأخبر عمري دام قائلا: "كانت خطيرة بالنسبة لنا"، مضيفا "أحيانا كانت المسافة التي تفصلنا مع العدو أقل من متر".