واترك عنك "صُنَّاع الحياة"، وانطلق إلى أفق أرحب، انطلق إلى صُنَّاع الأفلام، والأفلام منها ما للصغار – وما أكثرهم - وما للكبار - وما أقلهم، ولا تنس أن "للكبار فقط" عبارة مللنا رؤيتها فى شوارع مصر المحروسة ووسائل إعلامها المنحوسة والموكوسة على مدى عقود، عبارة التصقت فى أذهاننا ناشئة وشبابا وشيوخا بالأفلام، ولن أحدثك فى هذا المقام عن عادل.. وفيفى.. وغادة.. وإلهام! والأفلام تحتاج فى صناعتها إلى إنتاج وتسويق، لتلقى القبول والرواج. وزمن الفيلم على نوعين: قصير، ومديد؛ والفيلم القصير أنواع ثلاثة: الفيلم الوثائقى، والفيلم الإخبارى، وفيلم الرسوم المتحركة؛ وأما الفيلم المديد فهو على أنواع كثيرة، منها: العاطفى، والاجتماعى، والهزلى، والتاريخى، والبوليسى، والموسيقى، ومنها فيلم الرُّعب. والأفلام فى بادئ الأمر كانت صامتة، ثم ما لبثت أن صارت ناطقة؛ كانت سوداء بيضاء، ثم تحولت إلى ملونة، ونعوذ بالله من المتحولين والمتلونين "اللى حمدين طالعين نازلين آكلين شاربين"! ومن المهم أن تعرف أنه من واقع السينما العالمية، لم يظهر أول فيلم مديد إلا عام 1912م، وبمناسبة مرور مائة عام تتشرَّف السينما المصرية بالانطلاق إلى العالمية بفيلم الموسم 2012م:" مرسى فى طهران.. فيلم للكبار فقط"! واترك عنك كل ما سبق، اترك السيناريو والتصوير والمونتاج والمؤثرات الصوتية والبصرية والإخراج؛ فكل ما سبق توفر وتوافر فى صناعة فيلم الموسم: "مرسى فى طهران.. فيلم للكبار فقط!" فلقد كان فيلما وثائقيا إخباريا عن حال مصر الجديدة وسياستها الحميدة، فيلما للرسوم المتحركة عن الجسوم المتهالكة، يكشف الزيغ والزائغين، فيلما عاطفيا اجتماعيا تاريخيا عن حال سوريا ونكبتها فى أبناء حارتها، عن القهر والظلم فى أبشع صوره للإنسانية والإنسان، وهو فى النهاية فيلم بوليسى من أفلام الأكشن والرعب، يقذف الله به الرعب على قلب بشار بن... زوجة الأسد وأتباعه شرار الخلق! وقبيل إنتاج هذا الفيلم وإخراجه مرورا بعرضه فى أكبر محفل دولى فى طهران، وما أدراك ما طهران، حيث العمائم البيض والسود، حيث بصمات أمريكا، لا يخفى عليك أنه قد اختلف النقاد والسياسيون والمحللون والمتحللون والمتابعون، المؤيدون لبطل الفيلم مرسى، والمعارضون، على قصة الفيلم: اذهب إلى طهران.. لا تذهب إلى طهران، قالوها لمرسى مرارا وتكرارا، ليلا ونهارا، سرا وجهارا؛ ولمَّا كان لبطل هذا الفيلم قولة مأثورة: "انظروا إلى الأمام، ولا تنظروا إلى الخلف"، فلذا لن أعرج على آراء هؤلاء وأولئك، مع إحسان الظن بهم جميعا. وأقول: العرض الأول لهذا الفيلم استغرق أقل من ساعة، فدهش البعض وشده، ارتجف البعض وارتعش، حار البعض واحتار، خسئ البعض وخسر، غمز البعض ولمز، بصبص البعض ومصمص، هرول البعض من المفاجأة وترك ساحة العرض، وبدهى فرح البعض وانتشى، ويومئذ يفرح المؤمنون! ولقد أحست إيران بالضيف الخطر، واستشرفت مقولته، فقبيل عرض فيلم "مرسى فى طهران"، فى مؤتمر قمة دول عدم الانحياز بيوم واحد، وجهت "مراسلون بلا حدود"، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة حذرت فيها من تهديد وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامى الإيرانية لوسائل الإعلام الداخلية من مغبة "إثارة أسئلة تقلق النظام" خلال فترة انعقاد مؤتمر القمة، وقال معينى - رئيس شئون إيران فى مراسلون بلا حدود- متحدثاً للإذاعة الألمانية الناطقة بالفارسية: "إضافة إلى وكالات الأنباء الرسمية وغير الرسمية الإيرانية فى الداخل، قام التليفزيون الحكومى للجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال بثه المباشر لأعمال المؤتمر بإخفات صوت مرسى عند وصفه النظام السورى ب"القمعى"، وأبدل بشكل علنى ومكشوف اسم البحرين بسوريا". واستغرب البعض، وأنا لم أستغرب أن يقوم الإعلام الإيرانى الرسمى وغير الرسمى بتحريف خطاب مرسى فى كثير من تفاصيله، لأن هذا دينهم وديدنهم، فقد سبق لهم تحريف آيات الله فى كتابه، وتحريف سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وتزييفها، وفعلوا كل ما لم يأذن به الله! ولكل متابع للأفلام درس مستفاد، وهو أن الأفلام تعكس الثقافات، ومصر هى رائدة صناعة السينما العربية التى تنطلق إلى العالمية، وأنه قد كذَبُوك فقالوا: الثورة الإسلامية الإيرانية، وكذَبُوك، فقالوا: أمريكا وإيران وإسرائيل خصوم وأعداء! صدقنى أنا: هؤلاء ثالوث الأصدقاء، والحقيقة أنهم ثلاثتهم -مع تفصيح المثل العامى البليغ - فى سروال واحد؟! وصدق من قال:" بصمات أمريكا موجودة فى العمة البيضا والسودا". والدرس العظيم والكبير من هذا الفيلم أن الأمم لن تنهض ولن تقوم لها قائمة دائما أبدا إلا بالعدل، ومن العدل إرجاع الحقوق لأهلها، وأعظم هذه الحقوق وأوجبها احترام وتوقير سادات الأمة: أبى بكر وعمر وعثمان وعلى وسائر الصحابة أجمعين! تذكير: ألم أقل لكم ونبهتُ وحذرتُ: إن هذا الفيلم للكبار فقط، يا ناس، ولكن شاهده أشباه الثالوث: عبدالعظيم.. وعيسى.. وزهران..، فلم يفهموه، وإلى غير وجهه صرفوه، وتابعهم فى سوء الجبلة والفهم الواد النسناس! د. عاطف محمد المغاورى الباحث بمجمع اللغة العربية بالقاهرة والأستاذ المشارك بجامعة تبوك