مستشار المفتى: المتطرفون يستغلونها لتجنيد الشباب.. «كريمة»: تحفيز محمود على الطاعة.. والشبراوى: أهدافها خبيثة "طوبى لِمن وجدَ في صَحيفتِهِ استغفارًا كثيرًا.. من أدام الاستغفار فتحت له المغاليق.. استغفروا بنية توسيع الرزق وراحة البال"، ربما صادفك مثل هذه العبارات المحفزة على الاستغفار عبر العديد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تحظى بمتابعة هائلة وصلت إلى مئات الآلاف، وبعضها تخطى المليون متابع. قد يتساءل البعض، وما الضرر في ذلك، فمثل هذه الأمور ليست مثار جدل أو خلاف، حتى يمكن أن يعترض عليها أحد، أو يرفضها من الأساس. لكن بعض تلك الصفحات تدعو المتابع لها: "إذا كنت تحب الرسول صلِ عليه واضغط "مشاركة".. أو تقرب إلى الله ب"مشاركة" هذا الاستغفار وستمتلئ صحيفتك بالحسنات.. أو "بوست" بمليون حسنة شاركه مع أصدقائك"، وغيرها من المشاركات، ما يثير التساؤلات حول الغرض منها، وما إذا كان الغرض من تلك الحملات والمنشورات هو التقرب إلى الله أو التربح لصاحبها. وتحظى صفحات الاستغفار بانتشار كبير بين رواد مواقع التواصل، وتحصد منشوراتها "إعجابات" و"مشاركات" بالآلاف، فهل الغرض من ورائها فعلًا تحفيز القراء على اتِّباع عادات سلوكية إسلامية صحيحة أم الرغبة من ورائها هو فقط زيادة "المشاركات"، واستغلالها في أغراض أخرى غير المعلن عنها. المتابعون لتلك الصفحات ينظرون بإيجابية إليها، وهناك من يراها سببًا في تغيير يومه إلى الأفضل، مثلما ما قال أحدهم: "يا جماعة أنا حصل معايا النهارده حاجة جميلة وانبسطت جدًا بفضل الله وبعد كدا فضل الجروب دا من كتر الاستغفار وحياتي اتغيرت"، بينما هناك من أقسم البعض بأن حياته تحولت للأفضل بعد مشاركته لمنشورات الاستغفار. على الجانب الآخر، أكد منتقدون لتلك الصفحات، أنها وتخالف الشريعة الإسلامية، ويتداول البعض منهم منشوراتها بسخرية، قائلين: "هل لو خرجت من الصفحة دى ومشاركتها هدخل النار؟ ولو سيبت الجروب أكون آثم". وتحمل تلك الصفحات أسماء مختلفة مثل "الاستغفار.. سوبر مسلم.. استغفر الله.. استغفر تفرج والله.. تسبيح واستغفار" وغيرها من الأسماء. «سوبر مسلم.. supermuslims » تعد "سوبر مسلم" من الصفحات التي يتم وضع شروط للانضمام إليها، ويتجاوز متابعوها مليوني متابع، وهناك شروط للانضمام إليها، إذ تفاجأ برسالة بمجرد أن تطلب المتابعة، وهي "رجاء تأكيد قراءة أسس المجموعة وكيفية النشر عن طريق المحتوى المثبت أو إزاي تنشر ولابد أن تقرأ بياناتها وهي "نرفض تمامًا استخدام اسمنا بأي شكل والله رقيب حسيب، وإليكم قواعد المجموعة التي يجب الحرص عليها. وجاء في التعريف بالمجموعة "إن جمعنا الكريم المبارك هو صورة مصغرة من المجتمع المسلم الذي نحلم به جميعًا، فرجاءً محاولة الالتزام بالخُلُق الإسلامي السَّمِح. أي منشور قد يسيء تمثيل الإسلام أو يحاول التضليل بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لن يتم قبوله، نحن نوقن تمام اليقين أن الإسلام هو الدين الذي ارتضيناه جميع أحكامًا وقائدًا وهاديًا في أمور حياتنا كلها ومنها السياسية، لكن بما أن المشاجرات السياسية هي بيئة لا تنمو فيها إلا الفتن والفرقة فيما بيننا، لذلك نرفض الأحاديث السياسية بكافة صورها. غير مسموح بسؤال أو نقاش يتعلق بفتوى دينية، هذا المكان ليس لإصدار الفتاوى الدينية، والعاملون عليه غير مؤهلين لذلك، بل يجب التوجه بالسؤال لمؤسسات الفتوى الرسمية، لن يُسمح بمحتوى شخصي بكافة أشكاله، يُسمح بالنقاش المهذب الهادف ولا يسمح بالجدال تحت أي ظرف". وتجاوزت تلك الصفحة مليون متابع على موقع "فيس بوك"، "وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون"، بتلك الكلمات تستقبل الصفحة متابعيها، إلا أن محتوى الصفحة لا يقتصر على الاستغفار فقط بل يضم منشورات متنوعة كثيرة كفضل الصلاة على النبي "عليه الصلاة والسلام"، وأحاديث قدسية ونبوية، وبعض مواقع الفيديو التي تتحدث عن فضل الصلاة على النبي، والاستغفار، والتسبيح وغيره. وعلَّق الدكتور مجدي عاشور، مستشار مفتي الجمهورية للشئون الدينية، على تلك الصفحات، قائلًا: "الاستغفار مطلوب في كل الأوقات والأماكن، وندعو الجميع إلى الاستغفار، والحملات لا مشكلة فيها، لكن بعض المتطرفين يستغلون حملة الاستغفار وتفاعل قطاع عريض من الناس؛ لسحبهم بعد ذلك وتشكيكهم في الوطن، ونحذر من كون الاستغفار طمعًا في شيء آخر، لكن ندعو إلى الاستغفار في كل وقت وفي كل مكان". وقال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إنه يجب التعامل بنية حسنة مع صفحات الاستغفار على مواقع التواصل. وأضاف "المصريون"، أن "تلك الصفحات تطالب متصفحيها بالاستغفار، أي إنها تأمرك بالمعروف أو بالصلاة علي النبي عليه الصلاة والسلام، وهو أمر محمود لا ضرر منه، وعلينا أن نحسن الظن في أن صاحبها يريد تحفيز مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي على أداء عبادات محمودة مثل الاستغفار والصلاة على النبي "عليه الصلاة والسلام". وقال الشيخ محمود صادق حرز الله، خطيب وإمام ب"الأوقاف": "إن مثل هذه الملصقات والمنشورات والرسائل من باب التعاون على البر والطاعة والله سبحانه وتعالى يقول "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"، فالإنسان عندما يسمع من يدعوه لذكر الله يذكر ربه، أو من يدعوه للصلاة على النبي يصلى عليه، وعند حثه على الاستغفار يستغفر.. وهكذا". وأضاف ل"المصريون": "يكفي أن نردد ذلك ولو مرة واحدة وليس شرطًا أن نكتب أو نرد على المنشورات؛ لأن في ذلك مشقة على الناس، والله تعالى يقول: "فاتقوا الله ما استطعتم"، و"لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها"، وقال صلى الله عليه وسلم، "إن الدين يسر". وتابع: "وعليه فيكفى الرد باللسان فقط، ولا نثقل على أنفسنا، ولا يأثم الإنسان إثم في ذلك، ولا يقيد نفسه بعدد ولا وقت معين". فيما رأى المهندس محمد عبدالخالق الشبراوي، شيخ مشايخ الطريقة الشبراوية، رئيس "جبهة الإصلاح الصوفي" في تصريحات إلى "المصريون"، أن "معظم تلك الصفحات الغرض منها تجنيد الشباب، على طريق دس السم في العسل، حيث يصبح مؤسس الصفحة بمثابة أمير عليهم، يوجههم كيف يشاء باسم الدين، خاصة أننا لا نعلم من يكون، أو ما هي هويته الحقيقية وجنسيته و ديانته وما توجهه".