«مخفتش النار تاكلني أو يحصلي حاجة»، بهذه الكلمات بدأ يروي وليد مرضي حسن، ابن المنوفية، تفاصيل الدور البطولي الذي قام به عقب الانفجار الذي وقع صباح أمس، الأربعاء، بمحطة مصر. ونشب صباح أمس، حريق هائل برصيف نمرة 6 بمحطة مصر، إثر اصطدام جرار ب«صدادة حديدية»، ما أسفر عن مقتل ما يزيد على 20 شخصًا وإصابة نحو 50 مصابًا. وكان رواد مواقع التواصل الاجتماعي، تداولوا مقطع فيديو لشخص يرتدي الأبيض والأسود، ويطفئ نار المصابين، وبعد أن نفدت المياه، أسرع لإحضار «بطانية وطفاية حريق»، ليتمكن من إنقاذ 7 حالات. وليد مرضي، رجل أربعيني يعمل في الشركة الوطنية لخدمات قطار النوم، منذ أكثر من 17 عامًا، حيث إنه موجود على أرصفة محطة مصر من أجل خدمة الركاب وتوجيههم لمقاصدهم، والإجابة عن أية استفسارات. الرجل الأربعيني، قال إنه سمع فجأة صوت انفجار عالٍ جدًا، بعدها شاهد بعض الأشخاص يجرون بجواره والنار مشتعلة بجسدهم، لذلك «بدأت أطفي الناس، كان عندي جركن مياه في الكشك طلعته وبدأت أحط على الناس، بعدها اكتشفت أن المياه تزيد من الحريق فأسرعت لتغطية أجساد المصابين بالبطاطين، وبعد نفاد كل الأغطية وقوارير المياه، اضطرت إلى كسر كشك الأهرام المخصص لبيع الجرائد بالمحطة بعد أن هرب صاحبه والنيران في جسده لأخذ أغطية إضافية منه، وهذا أدى لإنقاذ ما يقرب من 7 أشخاص، وتمكنت الإسعاف من نقلهم». ونوه بأن كل هذا لم يستغرق منه دقائق معدودة تشتت فيها ذهنه أكثر من مرة فتارة يبحث عن أصدقائه لينجد منهم من يعثر عليه، وتارة يسارع في إنقاذ من يراه يهرب وتلاحقه ألسنة اللهب، فتأثرت أطرافه من تكرار عملية الإطفاء. «مرضي» أشار إلى أنه شاهد سيدة وابنتها، تعرى جسديهما من فعل اشتعال النار، ما دفعه بأن يأتي ب«بطاطين» لتغطيتهما ثم نقلهما لآخر الرصيف بعيدًا عن النار، منوهًا بأنه حاول مساعدة الرجل الذي تُوفى إثر الاحتراق على قضيب القطر، ولكنه لم يسعفه الوقت مع كثرة المشتعلين والمصابين، حيث إنه قفز مشتعلًا تحت القطار ولم يلاحظه أحد تمامًا إلا بعد مرور القطار من جانبه. واستكمل «كان نفسي أطفي كل الناس، وأنا محستش بالتعب غير من المناظر والمشاهد الدامية اللي شوفتها وده كان لما الحريق انطفى من المحطة، لازم الناس كلها تحس ببعض ويكون عندها دوافع إنسانية». واعتبر أن ما قام به واجبًا وليس منه منه، قائلًا: «الطبيعي أن الواحد يعمل كده في موقف زي دا، دا أقل واجب مع الناس، مبدئيًا دا كان توجيه من نفسي والإدارة معودانا على الالتزام وإننا نكون كويسين مع الناس، إحنا مش موجودين بياعين بس، إحنا بنوجه الناس لأي مكان محتاجه». وأردف: «أنا من المنوفية وكنت في قريتي بتعرض كتير لمواقف مشابهة وكنت بدخل أشارك في إطفاء الناس عشان كدا الموقف دا مكنتش أول مرة أمر بيه». واختتم «أنا ماكنتش لوحدي، زمايلي فالشركة كانو بيساعدوني، لكن انا الوحيد اللي ظهرت فالفيديو، وأي مصري كان هايتعرض للموقف ده كان هايعمل اكتر من كده». وعقب الواقعة، انتقل فريق من المعمل الجنائي لإجراء المعاينة الأولية لحادث القطار، وأشارت معلومات أولية إلى أن الحادث ناتج عن دخول جرار قطار رصيف بسرعة كبيرة أدى إلى احتراقه. وأمر النائب العام المستشار نبيل صادق، بفتح تحقيقات موسعة في الحادث، وتم تشكيل فريق من محققي النيابة للانتقال لمكان الحادث وإجراء معاينة لمكان الحادث وسماع أقوال المصابين والشهود، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمباشرة التحقيق في الحادث، وكشفت مناظرة النيابة الأولية لجثث المتوفين تفحمها بالكامل واختفاء ملامحها. ووجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمحاسبة المتسببين بحادث محطة مصر ورعاية المصابين، متوجهًا بخالص التعازي لأسر الضحايا والمصابين، فيما خصصت وزارة التضامن الاجتماعي 80 ألف جنيه لأسر الضحايا وحالات العجز الكلي، و25 ألف جنيه للمصابين، مكلفة مديرية القاهرة ولجان الإغاثة المركزية بالوزارة؛ بالانتهاء من إجراء الأبحاث الاجتماعية للمصابين وأسر ضحايا الحادث.