لم تتجاوز فترة تولى الدكتور محمد مرسى، رئاسة مصر، الشهرين حتى الآن، وتعدى الهجوم الإعلامى عليه دون مبرر بترويج الأكاذيب عن سياسته وما يتخذه من قرارات، أكثر بكثير ما تناولته وسائل الإعلام عن مبارك بالسلب على مدار ثلاثة عقود متصلة..!، مما يؤكد أن الأمر ليس نقداً أو معارضة بمعنيهما الحقيقى، لكنه تشويه متعمد ومحاولات دءوبة لإقناع الرأى العام أن الرئيس المنتخب لا يصلح لقيادة هذا البلد لوضعه فى مساره الصحيح، فما نراه ليس إعلاماً حقيقياً لديه النزعة الوطنية، التى من شأنها أن تجعله شريكا أصيلاً فى نهضة مصر ونهضة شعبها، فالدور الذى يقوم به الإعلام الحق، أن يكون صاحب تأثير واضح فى النهوض بالبلد فهو يقوم بتنوير الأمة وقيادتها وتبصيرها، وتقديم كل الحقائق أمام الشعب بشفافية كاملة منزه عن أى غرض، كسلطة رابعة تلعب دوراً مؤثراً فى صنع الأحداث وصياغة التاريخ بل يعتبره البعض فى النظم الديمقراطية، موازيًا للسلطة الأولى (السياسية) وشريكا فى صنع القرارات بتهيئة الرأى العام وتقديم الحقيقة له بشفافية. الوضع فى مصر مختلف تماماً، فالشعب أغلبه من البسطاء وأكثرهم ينساق وراء شائعة هنا وأخرى هناك يطلقها أحد المغرضين وما أكثرهم، ويصدقها العامة وتنتشر بسرعة فى أرجاء المحروسة، كما كان يفعل المماليك فى عهد محمد على عندما كانوا يشعرون أن بعضا من مصالحهم يتهددها الخطر، فيطلقون الإشاعات خلال ساعات قليلة، ليكونوا فى مأمن منه، هكذا الحال الآن فى مصر منذ أن اعتلى الرئيس مرسى سدة الحكم، كأول رئيس يختاره الشعب وينصبه رئيسا عليه، وهو ما كان له أثره المباشر على البعض من العلمانيين والليبراليين والمدعين، الذين نسوا الديمقراطية وحق الشعب فى الاختيار وضرورة احترامه فى لحظات.. فباتوا يهددون أمن هذا الوطن بما يروجونه من شائعات بسيناريوهات مكشوفة ومفضوحة من وحى خيالهم. كما نسوا أن الإعلام فى الأساس يقوم على تزويد الناس بأكبر قدر من المعلومات الصحيحة، والحقائق الواضحة، فيعتمد فى مضمونه على التنوير والتثقيف، ونشر الأخبار، والمعلومات الصادقة، التى تنساب إلى عقول الناس، وترفع من مستواهم الفكرى، وتنشر تعاونهم من أجل المصلحة العامة، وحينئذ يخاطب العقول لا الغرائز أو هكذا ينبغى أن يكون.. ولكن كثيراً من وسائل إعلامنا تقوم على أساس تزويد الناس بالأكاذيب والضلالات وإثارة الغرائز، وتعتمد اعتماداً كلياً على الخداع والتزييف والإيهام، وقد تُنشر أخبار ومعلومات كاذبة، أو التى تثير الغرائز لدى الشباب، وتهيج شهوة الحقد، وأسباب الصراع، فتحط من مستوى عقولهم، وتثير بينهم عوامل الفرقة والتفكك والانحلال لخدمة أعداء هذا البلد، الذين يتربصون به. المطلوب من الإعلام المصرى الآن أن يتقى الله فى الوطن، وأن تكون هناك نقطة نظام، فالاختلاف لم يكن أبدا مدعاة لترويج الإشاعات والأكاذيب، والنيل من الطرف الآخر وتشويه صورته، دون دليل.. ومصر فى حاجة لإعلام صادق يعمل لصالح الوطن والمواطن، وليس لصالح العدو.