اختفت سحب دخان الإطارات المطاطية المشتعلة، وأصوات الانفجارات العنيفة، من المنطقة الحدودية الشرقية لقطاع غزة مع إسرائيل، مساء اليوم الجمعة، وسادت حالة من الهدوء النسبي، خلال فعاليات مسيرات "العودة"، في تغيّر يحدث للمرة الأولى منذ انطلاق الاحتجاجات السلمية قبل نحو 7 أشهر. لكن قنابل الغاز المسيل للدموع، ظلت حاضرة وازدادت كثافتها، حيث أمطرت القوات الإسرائيلية المتمركزة على الجانب الآخر من الحدود، المنطقة بمئات القنابل في وقت واحد لتصنع ستارًا دخانيًا كثيف بهدف منع المتظاهرين من الوصول إلى السياج الفاصل. وللمرة الأولى، منذ انطلاق المسيرات نهاية مارس/ آذار الماضي، احتشد آلاف المتظاهرين منذ عصر اليوم، على بعد 100- 300 مترًا من السياج الحدودي، بحسب مراسل وكالة الأناضول. وحاول عشرات المتظاهرين في منطقة "مَلَكَة" شرقي مدينة غزة، الوصول إلى السياج الحدودي لرشق الجنود الإسرائيليين بالحجارة، إلا أن الأخيرين استهدفوهم بوابل من قنابل الغاز والرصاص الحي والمطاطي. وأسفر القمع الإسرائيلي للمتظاهرين على طول حدود القطاع عن إصابة سبعة فلسطينيين، بالرصاص الحي، بحسب بيانات وزارة الصحة الفلسطينية بغزة. وهذا العدد من الجرحى، هو الأقل منذ بداية المسيرات، التي غالبا ما تنتهي باستشهاد فلسطينيين وجرح المئات. وفي مشاهد متكررة، طالما ازدحمت بها تفاصيل مسيرات "العودة" خلال الأشهر الماضية، تمكّن عدد من المتظاهرين من رفع العلم الفلسطيني فوق السياج الفاصل، ورشق آخرون الجنود بالحجارة. الفتيات الفلسطينيات بدورهن، كان لهن حضور في مسيرات اليوم، فالعشرات منهن حملن الأعلام الفلسطينية وتوشحن بالكوفيات وتوجهن إلى السياج الأمني قبل أن تفرقهن زخات من الرصاص الحي وقنابل الغاز. ولم يتوقف تأثير قنابل الغاز على الفتيات والشبان الذين اقتربوا من السياج، فالرياح الشرقية التي تهب على قطاع غزة منذ نحو أسبوع حركت سحابة عملاقة من الغاز المسيل للدموع باتجاه منطقة تجمع بقية المتظاهرين لتدفعهم للتراجع لمسافة أبعد عن خط الحدود. وكان من بين المصابين في نقطة "مَلَكَة"، وهي المنطقة التي تواجد فيها مراسل الأناضول، المسعف ضياء أبو حسين. وقال أبو حسين لوكالة الأناضول، إنه بينما كان يحاول إسعاف أحد الشبان المصابين بالرصاص الحي استهدفته القوات الإسرائيلية برصاصة مطاطية (كرة معدنية مغلفة بالمطاط) أصابت قدمه. وأشار المسعف إلى أن الأطقم الطبية قدمت العلاج الميداني للمئات من المتظاهرين الذين أصيبوا بحالات اختناق، ونقلت عددا منهم إلى المستشفيات جراء سوء حالاتهم الصحية. وذكر "أبو حسين" أن عدد المصابين في مسيرات اليوم، هو الأقل منذ انطلاق الاحتجاجات قبل نحو 7 أشهر. وعادةً ما يقمع الجيش الإسرائيلي مسيرات "العودة" السلمية بعنف، منذ انطلاقها في مارس الماضي، ما أسفر عن استشهاد عشرات الفلسطينيين وإصابة الآلاف بجراح مختلفة. **تغيير تكتيكات ويأتي انخفاض حدة المسيرات، في ظل أنباء عن قرب التوصل لاتفاق تهدئة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل. وكان مصدر فلسطيني مُطلع كشف للأناضول، الخميس، أن المخابرات العامة المصرية، التي تقود جهود الوساطة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، حققت تقدمًا ملموسًا في مفاوضات التهدئة. وتشمل بنود الاتفاق المرتقب، تخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة منذ 12 عامًا، مقابل وقف الاحتجاجات التي ينفذها الفلسطينيون قرب السياج الحدودي بين القطاع وإسرائيل. بدوره، اعتبر القيادي في حركة "حماس"، إسماعيل رضوان أن انخفاض عنفوان مسيرات "العودة"، هو تغيير "لبعض تكتيكاتها على الأرض"، مؤكدًا أنها "ستتواصل حتى تحقيق أهدافها". وقال رضوان في حوار خاص مع الأناضول، أثناء مشاركته في المسيرات شرقي غزة: "الشعب الفلسطيني مستمر بهذه المسيرات حتى تحقق أهدافها، لن تتوقف المظاهرات حتى يرى شعبنا آثارا عملية على أرض الواقع ويحقق طموحاته برفع الحصار وعودة اللاجئين". وأضاف: "المسيرات تغيّر من بعض تكتيكاتها على أرض الواقع، لكن جوهرها مستمر"، دون مزيد من التفاصيل. وأشار المسؤول في حماس، إلى أن حركته "تلقت وعودا بتخفيف الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة وصولا إلى رفعه كليا". من جانبه، قال خليل الحية، القيادي البارز في حركة "حماس"، إن جهود كسر الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة "توشك على النجاح". وأضاف الحية، خلال كلمة له في تظاهرة قرب الحدود الشرقية لمدينة غزة، مساء اليوم، إن "الجهود المصرية والقطرية والأممية الحثيثة لكسر الحصار عن غزة توشك على النجاح"، دون ذكر أي تفاصيل. وتابع: " مسيرات العودة وكسر الحصار مستمرة حتى تحقيق كامل أهدافها".