بعد مرور أكثر من 7 أشهر على بدء العملية الشاملة " سيناء 18 " والنجاحات التى حققتها فى القضاء على أعداد كبيرة من الإرهابيين وتكبيد تلك الجماعات خسائر فادحة تكشفها وترصدها بيانات المتحدث العسكرى ، تتبادر العديد من التساؤلات فى أذهان الكثيرين منها : متى تنتهى العملية سيناء 18 ؟ وهل هناك مدى زمنى محدد لها ؟ وهل يمكنها القضاء بشكل تام ونهائى على الإرهاب وفلوله فى هذه المنطقة الغالية من أرض مصر ؟ وما مستقبل تلك الجماعات فى سيناء فى ظل الظروف والصراعات الإقليمية التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط حالياً ؟ . هذه التساؤلات أجابت عليها دراسة مهمة للغاية صدرت مؤخراً بعنوان " تأثير موجة الإرهابيين الأجانب على الأمن القومي المصري " والتى أعدتها د. ايمان رجب الخبير في الأمن الإقليمي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية . الدراسة كشفت عن سيناريوهات محتملة لمستقبل الإرهابيين الأجانب العائدين من مناطق الصراع والتى يمكن تلخيصها في سيناريوهين محتملين هما : السيناريو الأول، قيام الإرهابيين الأجانب بممارسة العنف بصورة أكثر تعقيدا ،سواء من خلال انضمامهم لخلايا وحركات إرهابية موجودة فعلا، مثل "أنصار بيت المقدس" أو "ولاية سيناء" في شمال سيناء، أو من خلال تشكيلهم خلايا جديدة أو حركات جديدة، على نحو ما قدمته خبرة نموذج عبد الرحيم المسماري السابق الإشارة إليها، حيث تشير إحدى الروايات إلى أنه كان جزءا من عملية تشكيل كيان يهدف لإقامة ما يسمى "الدولة الإسلامية في مصر"، من خلال "تنظيم أنصار الإسلام" الذي أعلن عن مسئوليته عن عملية الواحات. السيناريو الثاني، الاندماج في المجتمع طوعًا والتخلي عن ممارسة الإرهاب، سواء نتيجة رغبة "مؤقتة" لدى هذه العناصر في الاندماج في المجتمعات التي ينتقلون إليها، أو نتيجة خضوعها لبرامج وطنية لإعادة التأهيل والدمج في المجتمع. وتشير خبرات بعض الدول المجاورة التي لديها برامج وطنية لإعادة تأهيل ودمج الإرهابيين الذين يرغبون في التخلى عن ممارسة الإرهاب عن أن هذه البرامج لا تمنع هذه العناصر من ممارسة العنف في حال وجود محفز، وهناك العديد من الحالات في السعودية مثلا التي تخرجت من برنامج المناصحة الذي يعد برنامج إعادة التأهيل الرئيسي فيها، إلا أنها عادت ومارست العنف مرة أخرى مع تفجر الصراع في سوريا وفي اليمن . و كشفت الدراسة أنه في إطار هذين المسارين المحتملين، تظل هناك قضايا تمثل أولوية عند التعامل مع الإرهابيين الأجانب والتي هناك حاجة لتطوير سياسات محددة للتعامل معها، وتتمثل هذه القضايا فيما يلي: - التنسيق وتبادل المعلومات، بهدف تحييد تأثير الدول التي تلعب دورا مهما في تسهيل حركة الإرهابيين الأجانب، من خلال شبكات التهريب النشطة في داخلها والتي تسهل استخراج وثائق سفر مزورة تسهل بدورها حركة هذه العناصر. - الأطر القانونية للتعامل مع الإرهابيين الأجانب، وكذلك مع الإرهابيين المصريين العائدين من مناطق الصراع، حيث تؤثر المسميات على الإجراءات القانونية التي يمكن اتخاذها ضد هذه العناصر. ويرتبط بذلك قضية أبناء العناصر الإرهابية العائدة، خاصة إذا كانت من الناحية القانونية تحمل جنسية الدولة المعنية. - السياسات الخاصة بإيجاد بيئة غير حاضنة للإرهابي العائد. وفي هذا السياق، عادة ما يتم الحديث عن إنشاء مراكز أو برامج لإعادة تأهيل هؤلاء الإرهابيين ودمجهم محليا بعد التأكد من خلال اختبارات متعددة من أنهم تخلوا عن ممارسة الإرهاب، وعادة ما تهتم هذه البرامج بالأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والدينية. إن ما نحتاجه خلال المرحلة الحالية هو مزيد من المعلومات حول عدد الإرهابيين الأجانب الموجودين في مصر فعلًا، وكذلك اهتمام الجهات المعنية بعقد مناقشات جادة حول كيفية التعامل مع الإرهابيين العائدين وتقليص تأثيرهم على الأمن القومي المصري لأدنى مستوى له. وفى النهاية نؤكد على دعمنا الكامل لقواتنا المسلحة الباسلة وقوات الشرطة فى حربهما ضد الإرهاب اللعين الذى يستهدف تخريب وتدمير مصر .