الحمد لله حمدا لاينفد ، أفضل ما ينبغى أن يحمد ، وصلى الله على نبينا محمد ، وعلى آله ، وصحبه ومن تعبد ، أما بعد .... فإن الناظر إلى أحوال المسلمين الآن ، يجد بعدا شديدا عن رب العالمين ، وانغماس الكثير منهم فى ملذات الدنيا وشهواتها ، وتنافسهم فيها ، ووقوعهم فيما حذرهم منه رسولنا الكريم ، من التحسس والتنافس والتجسس ، والتحاسد ، والتباغض ، والتدابر ، وفى هذه المقالة نتكلم – بمشيئة الله تعالى – عن العين ، والحسد المنهى عنهما ، حتى يحذرهما المسلم ، ولا يقع فيهما . الوقفة الأولى : تعريف العين والحسد :- تعريف الحسد لغةً :- الحسد مصدره حسده يَحْسِدُه ويَحْسُدُه ، حَسَدًا وحُسودًا وحَسادَةً ، وحَسَّدَه : تمنى أن تتحول إليه نعمته وفضيلته ، أو يسلبهما ، وحَسَدَهُ الشيءَ وعليه . تعريف الحسد اصطلاحًا :- قال الجرجاني فى التعريفات : ( الحسد تمني زوال نعمة المحسود إلى الحاسد ) أه . وقال الكفوي فى الكليات : ( الحسد : اختلاف القلب على الناس ؛ لكثرة الأموال والأملاك ) أه . وعرفه الطاهر بن عاشور فى تفسيره التحرير والتنوير فقال : ( الحسد : إحساس نفساني مركب من استحسان نعمة في الغير، مع تمني زوالها عنه ؛ لأجل غيرة على اختصاص الغير بتلك الحالة ، أو على مشاركته الحاسد ) أه . تعريف العين لغة :- جاء فى لسان العرب ، والبحر المحيط : { عان فلاناً يعينه إذا أصابه بعينه ، فهو معين ، ومعيون ؛ ورجل عائن ، ومعيان ، وعيون . فالذي يصيب بالعين يسمى العائن والمعيان اذا عرف عنه شدة الإصابة بالعين ، ويسمى المصاب بالعين بالمعين والمعيون يقول عباس بن مرداس : أكليب مالك كل يوم ظالماً *** والظلم أنكد وجهه ملعونُ قد كان قومك يحسبونك سيداً *** و إخال أنك سيد معيون فالعائن الذي يصيب بعينه أو حسده ويقال رجل مِعْيانٌ و عَيونٌ أي شديد الإِصابة بالعين ، ويقال للذي يصيب بالعين اشوَه و تَعَيَّنَ الرجلُ إِذا تَشَوَّهَ وتأَنى ليصيب شيئاً بعينه ، والأَشْوَه السريعُ الإصابةِ بالعين، يقال: لا تُشَوِّهْ عَلَيَّ أي لا تَقُل ما أحْسَنَه فتُصِيبَنِي بعيْن، والنَّفْس العيْن والنافِسُ العائِن والمَنْفُوس المَعْيُون، ورجل نَفُوس حَسُود يتَعَيَّن أموالَ الناس ليُصِيبَها بالعين. ويقال رجل تِلِقَّاعَة ولُقَّاعة يَلْقَع الناسَ ، أي صاحب العين ، يقال لَقَعَهُ بِعَينه: أي عَانَهُ ، ويقال لَقَعَه بالبعْرةِ يَلْقَعُه لَقْعاً رماه بها ، قال أَبوعبيد لم يسمع اللقْعُ إِلا في إِصابةِ العين وفي البعرة ، وفي حديثِ سالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عمَرَ : أنَّه خَرَجَ مِنْ عِنْدِ هِشَامٍ فأخَذَتْه قَفْقَفَةٌ أيْ : رَعْدَةٌ : فقالَ : أظُنُّ الأحْوَلَ لقَعَنِي بعَيْنِه أي أصابَنِي يَعْنِي هِشاماً وكانَ أحْوَلَ. ويسمى العائن نضول ولعله من النضل وهو الرمي بالسهام ويسمى نحوت ولعله من النحت نَحَتَه يَنْحِتُه نَحْتاً أَي بَراه. وفي الأمثال عن ابن السِّكِّيت يُقَال : فُلانٌ ما تَقُومُ رَابِضَتُه إِذا كان يَرْمِي فيَقْتُلُ أَو يَعِينُ فيَقْتُل أَي يُصِيبُ بالعَيْن . قال : وأَكْثَرُ مَا يقَال في العَيْنِ . انْتَهَى . ويقال تعَيَّنَ الإِبلَ واعْتانها : اسْتَشْرَفها ليَعِينها وأَنشد ابن الأَعرابي : يَزِينُها للناظِرِ المُعْتانِ خَيْفٌ *** قريبُ العهْدِ بالحَيْرانِ أَي إِذا كان عهدها قريباً بالولادة كان أَضخم لضرعها وأَحسن وأَشدّ امتلاء ، و تَعَيَّنَ الرجلُ إِذا تَشَوَّهَ وتأَنى ليصيب شيئاً بعينه . ويقال إنّ فلاناً لَيَتشَرَّفُ إبِلَ فُلان، إذا كان يتَتَبَّعُها ليُصِيبَها بالعين } أه . تعريف العين اصطلاحاً :- قال ابن حجر فى الفتح : { نظر باستحسان ، مشوب بحسد ، من خبيث الطبع ، يحصل للمنظور منه ضرر } أه . الوقفة الثانية : الفرق بين الحاسد والعائن :- قال ابن القيم – رحمه الله – في بدائع الفوائد : { والعائن ، والحاسد يشتركان في شيء ويفترقان في شيء ، فيشتركان في أن كل واحد منهما تتكيف نفسه ، وتتوجه نحو من يريد أذاه . فالعائن تتكيف نفسه عند مقابلة المعين ومعاينته ، والحاسد يحصل له ذلك عند غيب المحسود وحضوره أيضا } أه . وقال في زاد المعاد : { ونفس العائن لا يتوقف تأثيرها على الرؤية بل قد يكون العائن أعمى فيوصف له الشيء فتؤثر نفسه فيه وإن لم يره ، وكثير من العائنين يؤثرون في المعين بالوصف من غير رؤية } أه. وقال الشنقيطى في تفسير أضواء البيان : { ويشتركان - الحسد والعين - في الأثر، ويختلفان في الوسيلة والمنطلق . فالحاسد : قد يحسد ما لم يره ، ويحسد في الأمر المتوقع قبل وقوعه ، ومصدره تحرق القلب ، واستكثار النعمة على المحسود ، وبتمني زوالها عنه ، أو عدم حصولها له ، وهو غاية في حطة النفس . والعائن : لا يعين إلا ما يراه ، والموجود بالفعل ، ومصدره انقداح نظرة العين ، وقد يعين ما يكره أن يصاب بأذى منه كولده ، وماله } أه . الوقفة الثالثة : أدلة تحريم العين والحسد :- أولا : الأدلة من القرآن الكريم :- أ- الأدلة الصريحة :- 1- قال تعالى : { وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ( البقرة 109 ) 2- قال تعالى : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا } ( النساء 54 ) 3- قال تعالى : { سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلا } ( الفتح 15 ) 4- قال تعالى : { وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } ( الفلق 5 ) ب - الأدلة غير الصريحة :- 1- قال تعالى : { وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُواْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } ( البقرة 247 ) 2- قال تعالى : { إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ } ( آل عمران 19 ) 3- قال تعالى : { وَدَّت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ } ( آل عمران 69 ) 4- قال تعالى : { إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } ( آل عمران 120 ) 5- قال تعالى : { وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء } ( النساء 89 ) 6- قال تعالى : { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ، لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ، إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ ، فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ } ( المائدة 27 – 30 ) 7- قال تعالى : { إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ، اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ } ( يوسف 8 – 9 ) 8- قال تعالى : { فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ } ( المؤمنون 47 ) 9- قال تعالى : { وَمَا تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ } ( الشورى 14 ) 10- قال تعالى : { وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } ( الزخرف 31 ) 11- قال تعالى : { وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ } ( القلم 9 ) 12- قال تعالى : { وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ } ( القلم 51 ) ثانيا : الأدلة من السنة :- 1- عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إيَّاكم والظَّنَّ . فإنَّ الظَّنَّ أَكْذبُ الحديثِ ولا تحسَّسوا ، ولا تجسَّسوا ، ولا تَنافسوا ، ولا تحاسَدوا ، ولا تباغَضوا ، ولا تدابَروا ، وَكونوا عبادَ اللَّهِ إخوانًا } ( رواه مسلم ) 2- عن جابر بن عبدالله رضى الله عنه قال : { رخَّصَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لآلِ حزمٍ في رُقيةِ الحيَّةِ . وقال لأسماءَ بنتِ عُمَيسٍ " ما لي أرى أجسامَ بني أخي ضارعةً تُصيبهم الحاجةُ " قالت : لا . ولكنَّ العينَّ تُسرِعُ إليهم . قال " ارقِيهم " قالت : فعرضتُ عليه . فقال " ارْقيهم } ( رواه مسلم ) 3- عن ابي هُريرة رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال: { العَيْنُ حَقٌّ } (رواه البخارى ومسلم) 4- عن اُمّ سلمة رضي اللّه عنها : ان النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم { رأى في بيتها جاريةً في وجهها سفعة – تغير وصفرة - فقال : { اسْتَرْقُوا لَهَا، فانَّ بِهَا النَّظْرَةَ } ( رواه البخارى ومسلم ) 5- عن ابن عباس رضي اللّه عنهما ؛ أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال : { العَيْنُ حَقٌ ، وَلَوْ كانَ شَيْءٌ سابَقَ القَدَرَ سَبَقَتْهُ العَيْنُ ، وَ اِذَا اسْتُغْسلْتم فاغْسِلُوا } ( رواه مسلم ) 6- عن عائشة رضي اللّه عنها قالت : { كان يُؤمر العائن أن يَتوضا ثم يغتسل منه المعين } ( رواه ابو داود وصححه الألبانى ) 7- عن ابي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه قال : { كان رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يتعوّذُ من الجانّ وعين الاِنسان حتى نزلت المعوّذتان، فلما نزلتا اخذَ بهما وتركَ ما سواهما } ( رواه الترمذى وصححه الألبانى ) 8- عن إبن عباس رضى الله عنهما أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم كان يُعوِّذ الحسن والحسين : { اُعِيذُكُما بِكَلِماتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلّ شَيْطانٍ وَهامَّةٍ وَمنْ كُلّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ ، ويقول : ان اباكما كانَ يعوّذ بهما اسماعيلَ واسحاقَ } ( رواه البخارى ) 9- عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة فإن العين حق } ( رواه السيوطى فى الجامع الصغير وصححه الألبانى ) 10- عن سهل بن حنيف رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أنه قال إذا رأى أحدكم ما يعجبه في نفسه أو ماله فليبرك عليه فإن العين } ( رواه إبن السنى وصححه الألبانى ) ثالثا : من الإجماع :- جاء فى الموسوعة الفقهية الكويتية : { الحسد إن كان حقيقيّا ، أي بمعنى تمنّي زوال النّعمة عن الغير فهو حرام بإجماع الأمّة ، لأنّه اعتراض على الحقّ ، ومعاندة له ، ومحاولة لنقض ما فعله ، وإزالة فضل اللّه عمّن أهّله له } أه . رابعا : من المعقول :- جاء فى الموسوعة الفقهية الكويتية : { وأمّا المعقول فإنّ الحاسد مذموم ، فقد قيل : إنّ الحاسد لا ينال في المجالس إلاّ ندامة ، ولا ينال عند الملائكة إلاّ لعنة وبغضاء ، ولا ينال في الخلوة إلاّ جزعا وغمّا ، ولا ينال في الآخرة إلاّ حزنا واحتراقا ، ولا ينال من اللّه إلاّ بعدا ومقتا .} أه . الوقفة الرابعة : كيفية تأثير العين فى المعين :- قال إبن القيم فى زاد المعاد : { فأبطلت طائفة ممن قل نصيبهم من السمع والعقل أمر العين وقالوا : إنما ذلك أوهام لا حقيقة له وهؤلاء من أجهل الناس بالسمع والعقل ومن أغلظهم حجابا وأكثفهم طباعا وأبعدهم معرفة عن الأرواح والنفوس وصفاتها وأفعالها وتأثيراتها وعقلاء الأمم على اختلاف مللهم ونحلهم لا تدفع أمر العين ولا تنكره وإن اختلفوا في سببه وجهة تأثير العين . فقالت طائفة : إن العائن إذا تكيفت نفسه بالكيفية الرديئة انبعث من عينه قوة سمية تتصل بالمعين فيتضرر قالوا : ولا يستنكر هذا كما لا يستنكر انبعاث قوة سمية من الأفعى تتصل بالإنسان فيهلك وهذا أمر قد اشتهر عن نوع من الأفاعي أنها إذا وقع بصرها على الإنسان هلك فكذلك العائن . وقالت فرقة أخرى : لا يستبعد أن ينبعث من عين بعض الناس جواهر لطيفة غير مرئية فتتصل بالمعين وتتخلل مسام جسمه فيحصل له الضرر . وقالت فرقة أخرى : قد أجرى الله العادة بخلق ما يشاء من الضرر عند مقابلة عين العائن لمن يعينه من غير أن يكون منه قوة ولا سبب ولا تأثير أصلا ، وهذا مذهب منكري الأسباب والقوى والتأثيرات في العالم وهؤلاء قد سدوا على أنفسهم باب العلل والتأثيرات والأسباب وخالفوا العقلاء أجمعين . ولا ريب أن الله سبحانه خلق في الأجسام والأرواح قوى وطبائع مختلفة وجعل في كثير منها خواص وكيفيات مؤثرة ولا يمكن لعاقل إنكار تأثير الأرواح في الأجسام فإنه أمر مشاهد محسوس وأنت ترى الوجه كيف يحمر حمرة شديدة إذا نظر إليه من يحتشمه ويستحي منه ، ويصفر صفرة شديدة عند نظرمن يخافه إليه وقد شاهد الناس من يسقم من النظر وتضعف قواه وهذا كله بواسطة تأثير الأرواح ولشدة ارتباطها بالعين ينسب الفعل إليها ، وليست هي الفاعلة وإنما التأثير للروح ، والأرواح مختلفة في طبائعها وقواها وكيفياتها وخواصها ، فروح الحاسد مؤذية للمحسود أذى بينا ولهذا أمر الله - سبحانه - رسوله أن يستعيذ به من شره وتأثير الحاسد في أذى المحسود أمر لا ينكره إلا من هو خارج عن حقيقة الإنسانية ، وهو أصل الإصابة بالعين فإن النفس الخبيثة الحاسدة تتكيف بكيفية خبيثة وتقابل المحسود فتؤثر فيه بتلك الخاصية وأشبه الأشياء بهذا الأفعى فإن السم كامن فيها بالقوة فإذا قابلت عدوها انبعثت منها قوة غضبية وتكيفت بكيفية خبيثة مؤذية فمنها ما تشد كيفيتها وتقوى حتى تؤثر في إسقاط الجنين ومنها ما تؤثر في طمس البصر كما قال النبي صلى الله عليه و سلم في الأبتر وذي الطفيتين من الحيات : ( إنهما يلتمسان البصر ويسقطان الحبل ) ومنها ما تؤثر في الإنسان كيفيتها بمجرد الرؤية من غير اتصال به لشدة خبث تلك النفس وكيفيتها الخبيثة المؤثرة والتأثير غير موقوف على الإتصالات الجسمية كما يظنه من قل علمه ومعرفته بالطبيعة والشريعة بل التأثير يكون تارة بالإتصال وتارة بالمقابلة وتارة بالرؤية وتارة بتوجه الروح نحو من يؤثر فيه وتارة بالأدعية والرقى والتعوذات وتارة بالوهم والتخيل ونفس العائن لا يتوقف تأثيرها على الرؤية بل قد يكون أعمى فيوصف له الشئ فتؤثر نفسه فيه وإن لم يره وكثير من العائنين يؤثر في المعين بالوصف من غير رؤية وقد قال تعالى لنبيه : { وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر } [ القلم : 51 ] وقال : { قل أعوذ برب الفلق * من شر ما خلق * ومن شر غاسق إذا وقب * ومن شر النفاثات في العقد * ومن شر حاسد إذا حسد } فكل عائن حاسد وليس كل حاسد عائنا فلما كان الحاسد أعم من العائن كانت الإستعاذة منه استعاذة من العائن وهي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعين تصيبه تارة وتخطئه تارة فإن صادفته مكشوفا لا وقاية عليه أثرت فيه ولا بد وإن صادفته حذرا شاكي السلاح لا منفذ فيه للسهام لم تؤثر فيه وربما ردت السهام على صاحبها وهذا بمثابة الرمي الحسي سواء فهذا من النفوس والأرواح وذلك من الأجسام والأشباح وأصله من إعجاب العائن بالشئ ثم تتبعه كيفية نفسه الخبيثة ثم تستعين على تنفيذ سمها بنظرة إلى المعين وقد يعين الرجل نفسه وقد يعين بغير إرادته بل بطبعه وهذا أردأ ما يكون من النوع الإنساني وقد قال أصحابنا وغيرهم من الفقهاء : إن من عرف بذلك حبسه الإمام وأجرى له ما ينفق عليه إلى الموت وهذا هو الصواب قطعا الوقفة الخامسة : أنواع العين :- قال إبن القيم فى زاد المعاد : { والعين عينان : عين إنسية وعين جنية فقد صح عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة فقال : { استرقوا لها فإن بها النظرة } قال الحسين بن مسعود الفراء : وقوله : سفعة أي نظرة يعني : من الجن يقول : بها عين أصابتها من نظر الجن أنفذ من أسنة الرماح ، ويذكر عن جابر يرفعه : { إن العين لتدخل الرجل القبر والجمل القدر } وعن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه و سلم { كان يتعوذ من الجان ومن عين الإنسان } } أه . الوقفة السادسة : أقسام العين والحسد :- أولا : أقسام العين :- جاء فى بحث " عين العائن " لأبى أسامة الحنبلى ، بموقع ملتقى أهل الحديث : { وتنقسم العين الى ثلاثة أقسام ، وهذا تقسيم افتراضي وليس قطعي : 1- العين المعجبة : إن النفس إذا ما أفرطت في الإعجاب بنعمة من النعم أثرت فيها وأفسدتها - بإذن الله تعالى - ما لم يبرك صاحبها ، يقول تعالى في سورة الكهف : ( وَلَوْلآ إِذْ دَخَلْتَ جَنّتَكَ قُلْتَ مَا شَآءَ اللّهُ لاَ قُوّةَ إِلاّ بِاللّهِ إِن تَرَنِ أَنَاْ أَقَلّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً ) ، ويقول صلى الله عليه وسلم ( إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ أَخِيهِ مَا يُعْجِبُهُ فَلْيَدْعُ لَهُ بِالْبَرَكَةِ) جزء من حديث رواه أبن ماجة . يقول ابن حجر : ( أن العين تكون مع الإعجاب ولو بغير حسد ولو من الرجل المحب ، ومن الرجل الصالح ، وإن الذي يعجبه الشيء ينبغي أن يبادر إلى الدعاء للذي يعجبه بالبركة فيكون ذلك رقية منه ) أ.ه. عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَسَارُوا مَعَهُ نَحْوَ مَكَّةَ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِشِعْبِ الْخَزَّارِ مِنْ الْجُحْفَةِ اغْتَسَلَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَكَانَ رَجُلا أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِسْمِ وَالْجِلْدِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ أَخُو بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ يَغْتَسِلُ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ فَلُبِطَ سَهْلٌ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِي سَهْلٍ ، وَاللَّهِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ ، وَمَا يُفِيقُ قَالَ هَلْ تَتَّهِمُونَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ ، قَالُوا : نَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ ، وَقَالَ : عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ ، هَلا إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ اغْتَسِلْ لَهُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ ، وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ ثُمَّ صُبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ عَلَيْهِ يَصُبُّهُ رَجُلٌ عَلَى رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ مِنْ خَلْفِهِ ، يُكْفِئُ الْقَدَحَ وَرَاءَهُ فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ ." ( مسند أحمد ) 2- العين الحاسدة : وهي في الأصل تمني زوال النعمة التي أنعم الله بها على المحسود ، فتخرج سهام الحسد من نفسٍ حاسدةٍ خبيثة ، باعثها الاستحسان المشوب بالصفات الذميمة ، كالغيرة والحقد والكراهية والحسد ، وتؤثر بالمحسود أو شيئا يخصه ، ولو بغير إرادة ومشيئة ومعرفة الحاسد وهذا هو الفارق بينها وبين العين القاتلة . أيا حاسداً لي على نعمتي أتدري على من أسأت الأدب أسأت على الله في حكمه لأنك لم ترض لي ما وهب فأخزاك ربي بأن زادني وسد عليك وجوه الطلب 3- العين القاتلة ( السمية ) : هي أشد انواع العين تأثيرا في المعيون ، فهي تخرج من العائن إلى المراد إعانته بقصد الضرر وبإرادة ومشيئة العائن ، من بعد مشيئة الله تعالى ، وسمى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الإصابة بالعين بالقتل وذلك لما أعان عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ وَقَالَ عَلامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ هَلا إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ." مسند أحمد " قوله علام يقتل أحدكم أخاه : دليل على أن العين ربما قتلت وكانت سببا من أسباب المنية ، وقوله ولو كان شيء يسبق القدر لسبقته العين : دليل على أن المرء لا يصيبه إلا ما قدر له وأن العين لا تسبق القدر ولكنها من القدر." عمدة القاري باب العين " قال الكلبي : كان رجل من العرب يمكث لا يأكل يومين أو ثلاثة ، ثم يرفع جانب من خبائه فتمر به النعم فيقول : ما رعى اليوم إبل ولا غنم أحسن من هذه ، فما تذهب إلا قريبا حتى يسقط منها طائفة ، فسأل الكفار هذا الرجل أن يصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعين ويفعل به مثل ذلك ، فعصم الله تعالى نبيه وانزل قوله تعالى : ( وَإِن يَكَادُ الّذِينَ كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمّا سَمِعُواْ الذّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنّهُ لَمَجْنُونٌ ) . وذكر نحوه الماوردي . وأن العرب كانت إذا أراد أحدهم أن يصيب أحدا تجوع ثلاثة أيام ، ثم يتعرض لنفسه وماله فيقول : تالله ما رأيت أقوى منه ولا أشجع ولا أكثر منه ولا أحسن ؛ فيصيبه بعينه فيهلك هو وماله. وعند أحمد عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " إِنَّ الْعَيْنَ لَتُولِعُ بِالرَّجل بِإِذْنِ اللَّهِ حَتَّى يَصْعَدَ حَالقًا ثُمَّ يتَرَدَّى مِنْه " . وقد يصاب الإنسان بعين سمية في رأسه فتتلف خلايا مخه فيصاب بالجنون ، أو قد يصاب الإنسان بعين سمية في نفسيته فيجهد من الضيق والحزن والكآبة وتضيق عليه الأرض بما رحبت فمثل هذا يخشى عليه من الانتحار والعياذ بالله . يقول الشاعر: ترميك مزلقة العيون بطرفها ... وتكل عنك نصال نبل الرامي وقال آخر : يتفارضون إذا التقوا في مجلس ... نظرا يزل مواطئ الأقدام وقال آخر : وتوق من عين الحسود وشرها ... لا كان ناظرها بسوء ناظرا يقول ابن القيم في كتابه بدائع الفوائد عندما تعرض لتفسير سورة الفلق : ( فلله كم من قتيل وكم من سليب وكم من معافى عادى مضني على فراشه يقول طبيبه لا أعلم داءه ما هو ، فصدق ليس هذا الداء من علم الطبائع ، هذا من علم الأرواح وصفاتها وكيفيتها ومعرفة تأثيراتها في الأجسام والطبائع وانفعال الأجسام عنها وهذا علم لا يعرفه إلا خواص الناس والمحجوبون منكرون له ) أه. قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده عن جابر بن عبدالله عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أكثر من يموت من أمتي بعد كتاب الله وقضائه وقدره بالأنفس " قال البزار يعني العين . يقول ابن كثير في تفسيره لآخر آية في سورة القلم روي هذا الحديث من وجه آخر عن جابر بن عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " العين حق لتورد الرجل القبر والجمل القدر وإن أكثر هلاك أمتي في العين ". يستنبط من حديث أكثر من يموت من أمتي :- أن العين تصيب أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أكثر من بقية الأمم الأخرى. - أكثر موتى المسلمين يموتون بسبب العين ، وهذا يعني أن أكثر من 50% ممن يموت من المسلمين كان سبب موتهم حادث سيارة أو سقوط طائرة أو بسبب مرض معروف أو بسبب مرض غير معروف هو في الأصل من بعد قضاء الله وقدره بسبب العين . - كما يستفاد من هذا الحديث أن الكثير من الأمراض العضوية والنفسية والعصبية التي يعجز الأطباء عن معرفة سببها وطريقة علاجها هي من أثر العين ، فما دون الموت أحرى بوقوعه. وقيل : كانت العين في بني أسد حتى كانت الناقة والبقرة السمينة تمر بأحدهم فيعاينها ثم يقول : يا جارية خذي المكتل والدراهم ، فأتينا بشيء من لحم هذه فما تبرح حتى تقع للموت فتنحر . وعبد الله بن عياش قال : لما حج هشام بن عبد الملك فمرّ بالمدينة قال لرجل من أصحابه: انظر من ترى في المسجد، قال: أرى رجلاً طوالاً أَدْلَم، قال: هذا بقية الناس، هذا أبو عمر سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، علي به ، فجاء في ثوبين ، فقيل له أتدخل على أمير المؤمنين في هذا الزي؟. فقال: ألا أدخل عليه في زي أقوم في مثله بين يدي رب العالمين ، فدخل فسلم فرفعه وقربه ، وقال : كم سنك يا أبا عمر؟ قال : ستون سنة ، قال : ما رأيت ابن ستين أتم كدنه منك ... ما أحسن جسمك... ما أكلك ؟ قال : الخبز والزيت ، قال: وتشتهيه ؟ قال : أدعه حتى أشتهيه ، فإذا اشتهيته أكلته ، قال : فلمَّا خَرج سالم أخَذَتْه قَفْقَفَة فلما صار في منزله حُمّ فقال لصاحبه : أترى الأحْوَلَ لَقَعني بعَيْنِهِ ( أي أصابني بعينه ) ، فاعتل ومات وصلى عليه ، وكان هشام يقول : ما أدري بأيهما شد فرحاً بحجتي أم بصلاتي على سالم .} أه . ثانيا أقسام الحسد :- جاء فى الموسوعة الفقهية الكويتية : { مراتب الحسد أربعة : الأولى : أن يحبّ الحاسد زوال النّعمة عن المحسود، وإن كان ذلك لا ينتقل إليه ، وهذا غاية الخبث . الثّانية : أن يحبّ زوال النّعمة عن المحسود إليه لرغبته في تلك النّعمة ، مثل رغبته في دار حسنة ، أو امرأة جميلة ، أو ولاية نافذة ، أو سعة نالها غيره ، وهو يحبّ أن تكون له ، ومطلوبه تلك النّعمة لا زوالها عنه ، ومكروهه فقد النّعمة لا تنعّم غيره بها . الثّالثة : أن لا يشتهي الحاسد عين النّعمة لنفسه بل يشتهي مثلها ، فإن عجز عن مثلها أحبّ زوالها كي لا يظهر التّفاوت بينهما . الرّابعة : الغبطة ، وهي أن يشتهي لنفسه مثل النّعمة، فإن لم تحصل فلا يحبّ زوالها عنه. وهذا الأخير هو المعفوّ عنه إن كان في شأن دنيويّ ، والمندوب إليه إن كان في شأن دينيّ ، والثّالثة فيها مذموم وغير مذموم ، والثّانية أخفّ من الثّالثة ، والأولى مذمومة محضة . وتسمية هذه الرّتبة الأخيرة حسدا فيه تجوّز وتوسّع ، ولكنّه مذموم لقوله تعالى: { ولا تتمنّوا ما فضّل اللّه به بعضكم على بعض } فتمنّيه لمثل ذلك غير مذموم ، وأمّا تمنّيه عين ذلك فهو مذموم . } أه . ** نائب رئيس هيئة قضايا الدولة والكاتب بمجلة التوحيد