خواتم وتيجان وصلبان .. فرحة واحتفالات الأقباط ب «أحد السعف»| فيديو    بسبب وراثة غير طبيعية.. سيدة تلد طفلا ب 12 إصبعا    الإعلان عن وظائف المعلمين الجديدة.. ننشر التخصصات المطلوبة بجميع المحافظات    برعاية طبية كاملة...مستشفيات جامعة الأزهر تستقبل مصابي غَزَّة ومرافقيهم    بعد قليل.. الإعلان عن مسابقة معلم مساعد مادة بجميع المحافظات    ألفا طالبة.. 4 محافظات تحصد المراكز الأولى ببطولة الجمهورية لألعاب القوى للمدارس -تفاصيل    برلماني: افتتاح الرئيس السيسي مركز الحوسبة السحابية يعكس رؤيته لبناء المستقبل    وزير المالية: مناخ الاستثمار في مصر أصبح أكثر جذبًا لشركاء التنمية الدوليين    توريد 3 آلاف طن قمح لصوامع الإسكندرية    مؤسسة التمويل الدولية ترفع تصنيف مصر إلى «التطبيق المتقدم»    روسيا تعلن تدمير أكثر من 17 طائرة بدون طيار أوكرانية    واشنطن بوست: «زيلينسكي» يخفي العدد الحقيقي لقتلى جيشه    قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 15 فلسطينيًا من الضفة الغربية    مصادر فلسطينية : مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى    موعد والقناة الناقلة لمباراة الأهلي والزمالك بنهائي كأس مصر للطائرة    طارق السيد: أثق في تأهل الزمالك لنهائي الكونفدرالية    "بتكسبوا بالحكام".. حسام غالي يثير الجدل بما فعله مدرب المنتخب السابق ويوجه رسالة لشيكابالا    "العريس والعروسة ماتوا".. ماذا جرى في موكب الزفاف بقنا؟- صور    احباط محاولة بيع كمية من الدقيق البلدي المدعم في السوق السوداء بقنا    مصرع شخص وإصابة 23 أخرين في حادث تصادم بالطريق الصحراوي الغربي بأسوان    ضبط المتهمين بتقطيع أعمدة الإنارة بقليوب    "خليها جنبك".. الأب لم يرحم استغاثة أطفاله ونحر أمهم أمامهم بالغربية    ننشر أسماء 11 من ضحايا حادث الدقهلية المروع- صور    "بعمل اللي ما حدش يفكر فيه".. السيسي للمصريين: "هلومكم لهذا السبب"    «الغردقة لسينما الشباب» يفتح باب الإشتراك في دورته الثانية    مصطفى قمر مفاجأة حفل علي الحجار ضمن مشروع «100 سنة غنا» الليلة    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال؟.. "الإفتاء" تُجيب    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من مليون مواطن فوق ال 65 سنة    «الوثائقية» تُعلن عرض ندوة نادرة ل نور الشريف في ذكرى ميلاده    جدول عروض اليوم الرابع من مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    «هيوافق».. شوبير يكشف كواليس صادمة بشأن انتقال محمد صلاح للدوري السعودي    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    معيط: آخر فرصة للاستفادة من مبادرة استيراد سيارات المصريين بالخارج "غدا"    بدء التشغيل التجريبي لوحدة كلى الأطفال الجديدة بمستشفى أبوكبير المركزي    نقيب الأطباء: مصر الدولة الوحيدة في المنطقة لا تتعامل بقانون المسؤولية الطبية    تقييم صلاح أمام وست هام من الصحف الإنجليزية    شكوك حول مشاركة ثنائي بايرن أمام ريال مدريد    جولة تفقدية لمسؤولي المدن الجديدة لمتابعة مشروعات رفع الكفاءة والتطوير    إصابة جندي إسرائيلي في هجوم صاروخي على منطقة ميرون    مطروح تستعد لامتحانات الترم الثاني.. غرف عمليات ومراعاة مواصفات الأسئلة    العودة في نفس اليوم.. تفاصيل قيام رحلة اليوم الواحد للاحتفال بشم النسيم    42 عاما على تحريرها تنمية سيناء رد الجميل لشهداء الوطن    غدا.. «بلينكن» يزور السعودية لمناقشة وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن    بعد اتهامها بالزنا.. عبير الشرقاوى تدافع عن ميار الببلاوى وتهاجم محمد أبو بكر    التصريح بدفن جثة شاب لقى مصرعه أسفل عجلات القطار بالقليوبية    بطلوا تريندات وهمية.. مها الصغير ترد على شائعات انفصالها عن أحمد السقا    سعر الدولار الأحد 28 أبريل 2024 في البنوك    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    مصرع 5 أشخاص وإصابة 33 آخرين في إعصار بالصين    رفض الاعتذار.. حسام غالي يكشف كواليس خلافه مع كوبر    آمال ماهر ل فيتو: مدرسة السهل الممتنع موهبة ربانية ومتمرسة عليها منذ الطفولة    السفير الروسي: انضمام مصر للبريكس مهم جدا للمنظمة    فضل الصلاة على النبي.. أفضل الصيغ لها    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد سعيد ..مذيع الوكسة!
نشر في المصريون يوم 24 - 06 - 2018

في ذكرى الهزيمة (الوكسة) أفضى مذيع صوت العرب الأشهر أحمد سعيد (1925-2018م) إلى ربه بعد 93 عاما قضى كثيرا منها في التعبير عن إرادة البكباشي المؤسس للحكم العسكري المهزوم دائما، وكان ناطقا باسمه، ومخاطبا الأمة العربية في وقت كان فيه المجال مفتوحا لاستقطاب الشعوب العربية والإسلامية والإفريقية، من خلال العزف على وتر الاستعمار والإمبريالية، والتحرر الوطني منهما.
أجاد أحمد سعيد أداء دوره وأثبت جدارة فيما فشل فيه الشاعر صالح جودت حين كلفه ضابط المخابرات المصرية فتحي الديب بإنشاء صوت العرب، وقد صدّق العالم العربي صوت أحمد سعيد الجهوري، وكان يصحو على افتتاح صوت العرب "أمة عربية خالدة" وينام على "أمجاد يا عرب أمجاد، في بلادنا كرام أسياد!"، ويتابع الانتصارات الصوتية عبر الأخبار المضللة والبيانات الزائفة والأغاني الحماسية لعبد الحليم حافظ وفايدة كامل وآخرين. وفي أواسط الستينيات ظهر نجم مشابه اسمه أحمد الشقيري- أول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية- وكان صوته ضخما غليظا يفوق صوت أحمد سعيد، وكانت لدى الشقيري مقدرة تعبيرية بلاغية عالية أسهمت مع مقدرة أحمد سعيد على تعبئة الأمة لخوض معركة لم تكن في حسبان البكباشي ولا تخطيطه، ولم يُعِدّ لها الإعداد الكافي أو المستطاع، وصدق نائبه وحبيبه الصاغ الذي صار "مشيرا"، حين قال له: "برقبتي يا ريس!" واعتمد التهويش والعبارات الرنانة (أنا مش خرع زي مستر إيدن) واتخذ القرارات المستفزة غير المحسوبة (إغلاق خليج العقبة، وسحب القوات الدولية على حدود سيناء)، وهي القرارات التي كانت تحظي بتصفيق الناس وخاصة الشباب- وكنت منهم- حين ظنوا أن تحرير فلسطين سيستغرق سحابة من نهار، وأن السيدة أم كلثوم ستقيم حفلها الساهر في تل الربيع (تل أبيب) ، وسينتشي العرب بنصر غير مسبوق على يد البكباشي البطل.. وإذا الدنيا ليست كما نعرفها، وإذا الفجر مطل كالحريق!
لا أود التطرق إلى مشاهد المهانة والمذلة في سيناء، فهي تفتت فؤادي، وإن كانت قد جعلتني أتمنى بعد أن التحقت بالجندية عام 68 إلى السعي لتفريغ الغضب عبر مواجهات العدو التي بلغت ذروتها في حرب رمضان، وعبّرتُ عنها في بعض رواياتي وقصصي ومقالاتي.
قد يكون أحمد سعيد رجلا طيبا ومهذبا، ويحلم بالخير لبلاده وأمته، ولكنه للأسف كان نموذجا صارخا للاستلاب تحت الحكم العسكري الفاشي الذي لا يعرف المحاورة أو المشاورة، فيندفع الى الهاوية السحيقة دون أن يبكي عليه أحد. أتباع البكباشي المهزوم يأخذون على الناس تسميتهم لأحمد سعيد بمذيع النكسة، أو الوكسة، وكأنهم يريدون أن يدفنوها إلى الأبد، ويتجاهلون أنها ما زالت تلسعنا بأسياخها المحماة في كل مكان بجسدنا المنهك المهزول، وما زالت آثارها قائمة لم تمح، في سيناء وغزة والضفة والقدس والجولان والأغوار والمزارع والسفارة في العمارة والمدعو أفيخاي أدرعي!
أتباع البكباشي المهزوم يطلبون منا ألا نتوقف عند الانكسارات التي نمر بها، ولننظر إلى المستقبل، وهذا صحيح بشرط أن تكون الأمة قد استوعبت الدرس وأفادت من دروسه، واستطاعت أن تمحو آثاره تماما، ولكن المشكل أننا استوعبنا بعض الدروس وحققنا العبور في رمضان، ثم نسينا المسألة تماما، وأعدنا سيرة البكباشي المهزوم في أسوأ أشكالها، وهو ما نعيشه الآن بكل البؤس والهوان، ويبشر بما يزلزل القلوب والصدور!
هناك من يتحذلق ويفسر الهزيمة المريرة بأنها نكسة! إصرارا على المصطلح الذي أطلقه مسيلمة الكذاب في يونيو 67، والحقيقة أن الفارق كبير بين النكسة والهزيمة. الهزيمة أن تستسلم لعدوك وتترك له أرضك، وهو ما حصل في الخامس من يونيو، أما النكسة فهي إخفاق جزئي يتم التغلب عليه بعد وقت قصير، وهو مالم يحدث أبدا! هل يغالط أحد أن العدو يحرمنا من السيطرة على سيناء سيطرة كاملة، وأنه أقام احتفاله بذكرى اغتصاب فلسطين في الريتز كارلتون بميدان التحرير، بعد أن شارك في إهانة الشعب المصري بإسقاط ثورة 25 يناير التي انطلقت من هذا الميدان؟
الفارق بين إعلام البكباشي الذي كان عنوانه أحمد سعيد ومسيلمة الكذاب وبين إعلام العدو، أن كلا منهما حاصل قوة على الأرض يصنعها الطرفان. فإعلام البكباشي كان حصاد بلاغة فارغة تتحدث عن قوة لا وجود لها. القوة الضاربة في الجيش تقاتل في حرب غير مفهومة على جبال اليمن الوعرة وداخل وديانها العميقة. والقادة في القاهرة مشغولون بالأهلي والزمالك وغيرهما، بالإضافة إلى تصفية الإقطاع وتعذيب المعتقلين السياسيين في السجن الحربي، ونشر الاشتراكية المهلبية!
أما إعلام العدو فهو لا يكذب إلا في حدود قليلة، وينشر أحداثا ووقائع لها أصل على الأرض، ويعبر عن قوة تتزايد يوما بعد يوم تدريبا وتسليحا وترابطا وتعبئة معنوية وعقدية، في قلب مجتمع متماسك، يشارك أفراده بالراي والشورى وصندوق الاقتراع، ويتفق على أهداف أساسية، وجهاز استخبارات يتجسس على الأعداء وليس مواطنيه الغزاة!
الطريف أن إعلام العدو كان يتخذ منطقا هادئا عقلانيا يركز على ما يعانيه المصريون، ويتحدث عنه بهدوء يفضح القصور في إدارة البكباشي، وكان يتتبع كل شيء لدرجة أنه كان يخصص برنامجا للفلاحين المصريين يقدمه يهودي خائن من أصل مصري باسم العم حمدان، وكان يتابعه جمهور كبير من فلاحينا، مما يدل على قوة هذا الإعلام الذي يقدم في شكل بسيط ومقنع!
أحمد سعيد كان منبهرا بما يسمع ويقال مثل كل المصريين، وتصور أنه يخدم الأمة العربية كلها بعد أن سقطت الخلافة وصار العرب أسرى لمن غدروا بهم من حكومات الغرب الاستعمارية، ولكنه مثل كثيرين ضل الطريق. فقد بشرنا يوم الهزيمة بسقوط عشرات الطائرات المعادية، ولم يكن للبشرى ظل من الحقيقة. فقد أجهز جيش العدو على طائراتنا في الثامنة والنصف صباحا، وهي في مرابضها بينما كان الجنرال موردخاي هود قائد سلاح الطيران اليهودي يرقص فوق مكتبه ابتهاجا بما حققته طائراته المغيرة، وكان السادة عندنا يستيقظون على صوت القنابل، ويفركون أعينهم ليذهب أثر النوم بعد سهرة لذيذة(؟) في إنشاص بمنطقة بلبيس!
كان أحمد الشقيري في الوقت ذاته يبشرنا بتحرير جبل المكبر في القدس، وللأسف دخل العدو إلى القدس الشرقية، وسيطر على الجولان والأغوار والمزارع. وأمجاد يا عرب أمجاد، في بلادنا كرام أسياد. رحم الله أحمد سعيد والشقيري ورحمنا معهم!
الله مولانا. اللهم فرج كرب المظلومين. اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.