هجمة شرسة تتعرض لها سنة رسول الله محمد،صلي الله عليه وسلم،وكأن بين المهاجمين وبينها ثأر دموي! وحتي يقف الناس علي حقيقة هذه الهجمة،والهدف منها،والأسباب التي ساعدت عليها،فمن الأنسب أن نتفهم الموضوع بوضوح وسهولة،حتي يعي المسملون بشكل خاص الأهداف الخبيثة من وراء هذا العداء للسنة،فلا يقعوا في غياهب شراك تلك الفئة المعادية.وهنا أري أن اتناول الموضوع في صورة مقال علمي،لا مجرد مقال صحفي لسرد المعلومات،حتي يعم النفع المرجو بإذن الله. الهدف من إعلان الحرب علي السنة المحمدية: إن الهدف الأساسي من هذه الهجمة علي السنة وكما فطن السابقون من علمائنا هي دعوة الناس للإعراض عنها،وعدم التعويل عليها في أي علاقة للمسلم،سواء بمجتمعه أو بربه. السنة في نظر أعداء الاسلام: تُمثل السنة في نظر المشككين فيها،والمنكرين لها جانبين،الأول هو الجانب النظري،والذي يتمثل في تلكم الثروة العلمية من أقوال رسول الله محمد،صلي الله عليه وسلم،التي حفظها لنا الأفذاء من أئمة المسلمين السابقين،في كتب الصحاح والسنن والمسانيد والمستدركات.أما الجانب الثاني فهو الجانب العملي،والذي يتجسد في شخصية رسول الله،ذاك الجانب السلوكي العملي الأخلاقي،باعتباره القدوة الحسنة للمسلمين،ورمز وحدتهم،ونبراس عزتهم،وسراج ظلمتهم.ومن هنا تظهر الأهمية القصوي بين الجانب النظري للسنة والجانب العملي منها،والتي تتمثل في كون السنة النظرية(أقوال النبي وأحاديثه) هي الحافظة لسلوكيات النبي،وعناصر شخصيته الفريدة،التي هي هدف الطاعنين الرئيس من وراء تلك الهجمة الضروس،بحيث إذا مااستطاعوا النيل من شخصيته صلي الله عليه وسلم،والتشكيك فيها،يكونوا بذلك قد نالوا مرادهم القديم،الذي قال فيه من سبقوهم(لَسْتَ مُرْسَلًا)_إبراهيم_43،فإذا ماوصلوا إلي المراد،أمكنهم حينئذ نشر أفكارهم العلمانية البديلة لهذه المبادئ،فيتملكوا زمام إحكام حركة المسلمين،رواحاً وغدوة من خلالها. من الذي يتولي كبر هذه الفتنة ومحاولة إذكاء نارها؟ إن من يقود هذه الحملة الشرسة ضد السنة،كلهم ودون استثناء دخلاء علي هذا المجال الاسلامي،الذي يتسم بخطورة الإبحار في مسائله.ولا نود هنا أن نُكرِمهم بذكر أسمائهم،فهم يبتغون ذلك ويأملوه،كل ماهنالك أنهم قرأوا بعض كتب التراث طواعية،أو كتب المستشرقين (غير المنصفين)عمالةً،بحثاً عن عورات يشوهون بها حقائق الاسلام لعزل المسلمين عنه،وتنفير المسلمين منه.والخطير في الأمر أن تجد من ينفخ في تلك النار لزيادة إشعالها مسملون من بيننا ! كيف يهاجمون السنة ؟ يوضح الاستاذ العقاد رحمه الله خلاصة وسيلة هؤلاء الناقمين علي السنة في محاربتها،في كتابه:(الاسلام في القرن العشرين)،ما مفاده أن الدول غير الاسلامية(خاصة دول أوروبا)قد وضعت الخطة ومنذ أمد بعيد لمحاربة السنة فكرياً.وتمثلت تلك الخطة في تكليف الخبراء من أبناء دولهم بدراسة الاسلام (قرآناً وسنة وفقهاً )دراسة دقيقة ،للوقوف علي أهم عوامل القوة فيه،ليحاربوه منها.وقد توصلوا بالفعل إلي الوقوف علي تلك العوامل الخطيرة،التي حفظت الاسلام شامخاً،رغم تدهور المسلمين،ألا وهي القرآن الكريم،ثم السنة النبوية المطهرة. أهم الأسباب التي ساعدت علي إذكاء نار هذه الحملة المسعورة: وحين أذكر تلك الأسباب في الحقيقة،فأنا لست بدعاًمن القول بها،بل لقد حددها وبدقة،فضلاء العلماء الغيورين علي إسلامهم وأمتهم،وعن أهم تلك العوامل فهي: السبب الأول_التوغل الصهيوني في البلاد،والتي أصبحت سفارة بلادهم وكراً خطيراً لبث السموم في جسد الاسلام وأمته،علي أيدي عملاء لها من المسلمين. السبب الثاني_ الدور الخبيث الذي تقوم به الجامعة الأمريكية،خاصة محاولة الاجهاز علي كل ما يمت لتعاليم الاسلام بوشائج صلة،عن طريق تدريس بعض المؤلفات بين جدرانها،ومن ذلك مثلاً ماقد عثر بداخلها من كتاب للكاتب اليهودي(ماكسيم رودنسون) تحت عنوان (محمد)،ولمن لمن يقرأ الكتاب أقول له: إن الكتاب يحاول تحقيق العديد من النتائج أهمها..محاولة تشويه أصول الاسلام وفروعه،بل لا أكون مبالغاً إن قلت ماقال به سلة من المخلصين،محاولة هدمهما،ووقف الأمر حينها عند مجرد مصادرة الكتاب من قبل الاجهزة المختصة،وهو ماكان سبباً أن شجع هذا الوكر الاستخرابي كرة أخري تدريس إحدي الروايات الاباحية بين جنباته،تحت عنوان (الخُبز الجاف)،تلك الرواية التي تدعوا كلها إلي قتل الأخلاق والفضائل لدي أجيال المستقبل،وتشجع علي الدعارة والانتحار الأخلاقي. السبب الثالث_ وجود بعض المراكز المشبوهة داخل البلاد،تحت ستار من زعم الدفاع عن حقوق الانسان والأقليات،وهي في الحقيقة تهدف إلي بث سموم الفتنة بين أبناء الوطن،واستقطاب شبابه. السبب الثالث_نشأة النظام العالمي الجديد،الذي اتخذ من اسم (العولمة) لباساً له،والذي تزعمته الولاياتالمتحدةالأمريكية،وبمعاونة من حلفائها،لتحاول من خلاله جعل العالم كله بمثابة قرية واحدة دون مُثُل،بهدف محو الفوارق التي صنعها الاسلام عبر القرون بين شخصية العالم الاسلامي،وبين غيره من شخصيات الأمم الأخري،فيستطيعوا بذلك تجريد الاسلام ومن ثم المسلمين من مقومات النهضة الحضارية،التي طالما حلمنا باستعادتها وفق معطيات العصر، الدين واللغة. السبب الرابع_ الكتابة في الممنوع. فكان مما ساعد علي زيادة الهجمة ضد السنة،قيام بعض الأقلام البائسة بالكتابة في الممنوع.وفي الحقيقة الجميع يعلم أن المجال الأكثر جذباً الناس،وشدهم لكل مايكتب عنه،هو المجال الاسلامي،بحسبانه من يمثل حياة الناس عقيدة وسلوكاً.ومايَدعُ لقيام هؤلاء البائسين للكتابة في هذا المجال أحد أمرين لا ثالث لهما،إما لأنهم قد طردوا من جنات الصحف الكبري ونعيمها،فأصبحوا مشردين لأ مأوي لهم،وإما أنهم قد زُرعوا عمالة وخيانة،فينهالوا علي الاسلام(قرآناً وسنة وفقهاً) حنقاً بغير علم،حتي لا يسمع الناس للسنة المحمدية. أنواع شبهات الناقمين علي السنة،والرد عليها. هذا هو عنوان المقال القادم إن شاء الله.