على الرغم من أن ثورة 25 يناير، قامت من أجل الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، واحتجاجًا على سيناريو التوريث لنجله الأصغر جمال، والذي كان يتم الترويج له على نطاق واسع في مرحلة ما قبل الإطاحة بوالده من السلطة، إلا أن الاحتفاء الشعبي بنجلي الرئيس الأسبق علاء وجمال، خلال ظهورهما في الأماكن العامة وفي المناسبات الاجتماعية، بدا مثيرًا لدهشة واستغراب الكثيرين. وظهر علاء وجمال منذ خروجهما من السجن حيث أمضيا عقوبة الحبس 3 سنوات في قضية فساد في الكثير من المناسبات، ودائمًا ما يصاحب ظهورهما كثيرًا من الاحتفاء من قبل الحاضرين، والذين يحرصون على مصافحتهما، والتصوير معهما. قد يبدو الأمر من وجهة نظر البعض محاولة لنجلي الرئيس الأسبق لممارسة حياتهما بشكل طبيعي، والاختلاط بالمصريين من مختلف الطبقات، إلا أن هناك من يستدعي ذلك في إطار المقارنة بالأنظمة التي تلت حكم مبارك. وفي مقال نشر الشهر الماضي، حذر الكاتب الصحفي ياسر رزق - المقرب من الرئيس عبدالفتاح السيسي – بشكل متزايد من خطر جمال مبارك، الذي كان الحديث المتزايد في أواخر حكم والده عن توريث السلطة من الأسباب التي أدت إلى الإطاحة بوالده في ثورة 25 يناير. وأضاف: "الخطر يكمن في رجال مبارك الابن الذين يعاد تقديمهم إعلاميًا وسياسيًا بعد غسل وجوههم وأياديهم مما ألحقوه بالشعب وبالبلاد. ويكمن أيضًا في أتباع جماعة الإخوان ممن يوصفون بأن أياديهم لم تتطلخ بالدماء، بينما هم مفارز الجماعة في التغلغل من جديد بمفاصل الدولة والتوغل في مؤسساتها". وخلال ظهوره في مسجد الحسين؛ لأداء صلاة الفجر يوم الجمعة الماضية، تجمع عدد كبير من المواطنين حول علاء مبارك لمصافحته ولالتقاط الصور التذكارية معه، وقد بدا ذلك بنظر البعض احتفاءً شعبيًا غير مسبوقة بنجل الرئيس الأسبق. وقبل أيام، ظهرت عائلة الرئيس الأسبق أيضًا، بمنطقة الأهرامات؛ لتحتفل بتخرج نجل علاء من المرحلة الثانوية، حيث نشر أحد مؤسسي حملة "آسفين يا ريس" سامح أبو عرايس، صورة من الاحتفال وكتب عليها في تدوينه له عبر حسابه على موقع "فيس بوك": "جمال مبارك وعلاء مبارك عند الأهرامات خلال الاحتفال بتخرج عمر علاء مبارك من المرحلة الثانوية .. منورين يا ولاد الأصول". وسبق أن ظهر نجلا مبارك في عزاء سمير زاهر، رئيس اتحاد كرة القدم الأسبق، وتواجدا بين الجماهير في إستاد القاهرة، لمتابعة مباراة منتخب مصر وتونس الودية في يناير الماضي. وفي أبريل الماضي، ظهر علاء مبارك، على مقهى في إمبابة، وهو يجلس مع مجموعة من المواطنين، ويلعب مع أحدهم "الطاولة"، وهو ما فسره حينها على أنه يريد البعد عن البروتوكولات الرسمية والتي لم يكن يحبها حينما كان والده رئيسًا للجمهورية. كما ظهرا علاء مبارك، في عزاء والد لاعب النادي الأهلي ومنتخب مصر السابق، محمد أبو تريكة في قريته بناهيا بالجيزة، على الرغم من عدم حضور الأخير لعزاء والده لوجوده خارج مصر؛ بسبب إدراجه علي قوائم الإرهاب. بينما ظهر جمال مبارك في عدد من بطولات الجمباز الإيقاعي التي أقيمت بنادي المقاولون العرب، أثناء مشاركة ابنته "فريدة" فيها. الدكتور سعيد صادق، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، قال إن "ظهور نجلي مبارك يُراد من خلاله توجيه رسالة للسلطة القائمة، مفادها أن النظام الأسبق لا زال يحظى بشعبية، والدليل تلك الحفاوة التي يحظيان بها أثناء تواجدهما في الأماكن العامة أو أي مناسبة اجتماعية". وفي تصريح إلى "المصريون"، أضاف صادق: "نظام مبارك يرسل إشارة بأنه يفكر في دخول انتخابات الرئاسة 2022، وكذلك الانتخابات البرلمانية القادمة، خاصة أنه ما زال يحظى بتأييد كبير وبدأت شعبيته تتزايد من جديد". وأشار إلى أن "تركيز بعض وسائل الإعلام على ظهور نجلي مبارك واحتفاء المصريين بهما، يشير إلى أن هناك من يريد أن يلفت انتباه السلطة إلى أن هناك عدم رضا عن الأوضاع الحالية، إضافة إلى أن ذلك يؤكد أن هناك أجنحة داخل دوائر الحكم الحالي، لا زالت تحن لأيام الرئيس الأسبق". الروائي علاء الأسواني، علق عبر حسابه الشخصي على موقع "تويتر"، قائلًا: "فرحة عشرات المواطنين برؤية علاء مبارك في جامع الحسين بالأمس وتسابقهم لالتقاط الصور معه، سلوك يستحق التأمل". وتابع: "ويطرح أسئلة عديدة: هل يتعلق بعض المصريين بالحاكم حتى لو كان قمعيًا وفاسدًا؟ هل يكون فهم الديكتاتور لنفسية الشعب أفضل من فهم المدافعين عن الحرية؟، وهل نستحق فعلاً ما نحن فيه؟". وبعد أن جرى تداول صورة للمشير محمد حسين طنطاوي، وزير الدفاع، رئيس المجلس العسكري السابق الذي خلف مبارك في الحكم، والنجل الأصغر للرئيس الأسبق في حفل زفاف الشهر الماضي، لاحظ الكاتب الصحفي ياسر رزق أنه "تم استغلالها بالمواقع الإخوانية وحسابات التواصل الاجتماعي ذات الهوى المباركي لتبدو وكأنها تعبر عن اعتذار المشير طنطاوي لجمال مبارك عما لحق به وبأبيه بعد ثورة 25 يناير أثناء إدارة المجلس العسكري للبلاد، وهو بالطبع أمر يثير السخرية من كذبه المفضوح". وعلى الرغم من أن جمال مبارك صدر ضده حكم بالحبس في قضية فساد القصور الرئاسية ما يحرمه من مباشرة حقوقه السياسية، إلا أن رزق أبدى نخوفه من فتح الباب أمام ترشحه للرئاسة في المستقبل. واستشهد بأنه "عندما أُريد لخيرت الشاطر (نائب مرشد الإخوان) أن يرد له اعتباره قبيل إغلاق باب الترشح لانتخابات 2012، فتحت أبواب المحكمة في يوم الجمعة وصدر له الحكم التفصيل. ففي بعض الأحيان تكون البلد بلدهم والدفاتر دفاترهم"!