الحمد لله، أخيرًا جاء شهر رمضان لنلتقط أنفاسنا من بعض الشرور المستطيرة حولنا، تلك الشرور التى تحركها شياطين الجن وتنفخ فيها وتوسوس بها الإنسان ليطغى ويظلم ويتجبر، فإذا "دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ" وفقًا لحديث رسولنا الكريم "ص"، نعم ستسلسل شياطين الجن وتختفى شرورهم، ولكن ما بالنا بشياطين الإنس التى لن تتسلسل فى هذا الشهر الفضيل، شياطين الإنس التى يتعلم من مكرها شياطين الجن أنفسهم، وشياطين الإنس هؤلاء الساكتون عن الحق، الناطقون بالباطل، أصحاب الضمائر الميتة الذين لا يخافون الله وإن تمسحوا فى الدين، المحبون للرذيلة، ومن يغرون الناس إليها، الساعين لإسقاط "الحياء"، أصحاب الأقلام من المنافقين المتملقين، ناشرو كل ما يخالف الشريعة المحمدية، من يغرون الناس بالقول أو الفعل لتقليد أعداء الله، من يعملون على خراب هذا البلد تحت زعم المطالبة بالحق الضائع، هؤلاء الذين يقطعون الطرقات أمام القطارات، وكادوا يتسببون فى عشرات الكوارث آخرها بالبدرشين لأن قطارهم تعطل وأدخل المخازن. هؤلاء الذين يلوثون مياه النيل بالمخلفات، ويجعلون خلق الله يشربون مياهًا بطعم "المجارى"، الذين يهدرون مياه الشرب فى رش الشوارع ويتركون الصنابير مفتوحة دون وازع، الذين يبنون الطوابق فوق الأخرى بلا تصريح على أساس ضعيف، لتنهار البنايات على رءوس أصحابها فى الإسكندرية وغير الإسكندرية لتخرب بيوتًا وترمل النساء وييتم الأطفال، الذين يغشون فى السلع التجارية والمنتجات؛ لسرقة الأموال وأفقر العباد، الذين تسببوا فى تأخير تنفيذ وتشغيل محطتى توليد كهرباء غرب دمياط وأبو قير؛ لتقوية الشبكة العامة للكهرباء، بسبب حصارهم للمحطات ومنع العمل بها تحت مسميات طلب فرص عمل وزيادة التعويضات للسماح بسير أبراج تحميل الكهرباء بأراضيهم، الذين يتعدون على خطوط وكابلات الكهرباء بالسرقه بلا عدادات، لينيروا "عناقيد النور" احتفالاً برمضان، والشهر الكريم منهم براء، الذين يتركون أجهزة التكييف والمراوح تعمل ليل نهار، ويتركون أعمدة الإنارة مضاءة فى الشوارع لتنافس ضوء الشمس، الأمر الذى وصل بنا إلى حافة كارثة أكيدة فى الكهرباء مع استمرار هذا الارتفاع الجنونى فى الاستهلاك، كارثة بدأت بوادرها بتقسيم الكهرباء على المناطق بالمدن والقرى لتخفيف الأحمال لحماية الشبكة العامة من الانهيار التام، وقد بدأ التقسيم بقطع الكهرباء ساعة، وتزايد إلى 3 ساعات، ومستقبلاً سيتم قطعها يومًا أو أيامًا وليالٍ. كل هؤلاء وغيرهم الكثير والكثير من شياطين الإنس الذين يخربون هذا الوطن، وهم يعلمون أو قد لا يعلمون أن الخراب سيعم على الجميع ولن يستثنى أحدًا، لو استمر الحال على هذا المنوال، فلن نجد نقطة ماء صالحة للشرب، ولا بنزين، ولا لمبة مضاءة، ولا عجلة إنتاج تدور، هل هذا ما يطلبه المعترضون أصحاب المطالب الفئوية، ومن يسرقون أموال الدولة أو يهدرونها تحت مسميات "الانتقام أو الفهلوة والشطارة"، اتقوا الله فى وطنكم وأفيقوا، كنتم تعلقون ما يحدث فى البلد من خراب وفساد على شماعة فساد مبارك ونظامه، وها هو قد رحل، ولكن يبدو أنه ترك وراءه "كم مليون" مبارك من شياطين الإنس وعلينا أن نحارب هؤلاء، نكشفهم، نطاردهم، نقدمهم لأيدى العدالة، وأن نراجع أنفسنا، ولنجعل من رمضان بداية للتوبة، توبة صحيحة لا ردة عنها، ومن يتقى الله يجعل له مخرجًا، حمى الله مصر من أعدائها بالداخل فهم أشهر فتنة وخرابًا من أعدائها بالخارج، وكل عام وأنتم بألف خير.