فجر تصريح الإعلامي عماد الدين أديب، المقرب من السلطة بشأن دعوته لفتح حوار وإجراء مصالحة مع جماعة "الإخوان المسلمين"، والمتعاطفين معها، ممن لم تتلوث أيديهم بدماء أو تخريب، وكذلك السماح لهم بالاندماج داخل المجتمع، جدلًا مجتمعيًا واسعًا، وردود فعل متباينة. وبينما اعتبرها محللون، "بالون اختبار"، أطلقه جهات داخل السلطة على لسان "أديب"؛ لجس نبض الشعب حيالها، ولمعرفة نسبة المتعاطفين مع الفكرة، رأى آخرون، أنها من الصعب تنفيذها خلال المرحلة الحرجة، مستبعدين أن تكون محاولة من السلطة لاستقطاب بعض أنصار الجماعة لتأييد السلطة بعدما أثارت سياساتها غضبًا شعبيًا أدى إلى تراجع شعبيتها. وفي مقابلة تليفزيونية، طالب أديب، بفتح حوار؛ لمحاولة إقناع بعض المتعاطفين مع جماعة "الإخوان" ممن لم ينضموا إلى الجماعة أو تتلوث أيديهم بالدماء. وأضاف: "من يعتقد أنه لا يوجد متعاطفون مع الإخوان يبقى مغفل وهياخد البلد دي في داهية، ويجب فتح حوار مع هؤلاء المتعاطفون ليتفهموا واقع البلاد". في المقابل، رد السيناريست، وحيد حامد، قائلًا: "إن جميع أفراد وعناصر الجماعة إرهابيين، وأدرج تحت هذا الوصف الذين حملوا السلاح، والذين لم يحملوه". "حامد" اعتبر أن "من لم يحمل سلاحًا أو مفجّرة ساهم في الإرهاب بالفكر، ولا يوجد إخواني يترك فكر الجماعة، ولا أحد منهم ينوي التوبة عن ذلك الفكر". وأضاف: "أن عماد أديب يمسك العصا من منتصفها، بين جماعة الإخوان وموقف الوطن، ويجب حسم قضية الإخوان، ولا ينفعها الإمساك بمنتصف العصا". من جانبه، قال أديب: "أنا أتحدث عن المتعاطفين مع الجماعة، وليس من حملوا السلاح، أتحدث عن الشباب والمواطنين المتعاطفين مع قضية الإخوان". ورد "حامد"، قائلًا: "أنت تريد أن تكون واعظًا ضد الجماعة، هذه قضية فردية، هم لا يحتاجون وعظًا منك أو من غيرك، هم متمسكين بأفكارهم"، مضيفًا: "عماد أديب يمهّد للمصالحة مع الإخوان الذين أراقوا دماء الشهداء". إسلام الكتاتني، المنشق عن جماعة "الإخوان" قال إن "ملف المصالحة مع الجماعة، لن يظل مفتوحًا للأمد، وإن آجلًا أو عاجًلا سيغلق، لكن الأمر مرهون بعدة مسائل"، مشددًا على أن "من حمل سلاحًا وقتل وخرب، لا مصالحة معه، وهذا لا جدال ولا نقاش فيه". وفي تصريح إلى "المصريون"، تساءل الكتاتني: "ماذا بعد انتهاء محاكمات الإخوان، وهل سيظل الخصام والعداء بين الجماعة والمتعاطفين معها، ممن نزلوا فقط في تظاهرات واحتجاجات ولم تتلوث أيديهم بدماء". وحذر من أن "استمرار ذلك الوضع يزيد الاحتقان، ويحولهم من ظالمين إلى مظلومين، ويجبر البعض على التعاطف معهم، وذلك نتيجة إجراءات السلطة ضدهم". الإخواني المنشق قال إنه "ليس من المستبعد أن يكون ذلك الاقتراح بالون اختبار لقياس ردود الأفعال، ومعرفة مدى رضا المواطنين عن الفكرة"، موضحًات أن "الجبهة التاريخية – جبهة محمود عزت وأنصاره- داخل الجماعة، تميل لهذا الأمر، وفي الغالب إذا تم عرض ذلك عليها ستقبل". مع ذلك، أشار إلى أنه "لا يمكن تحديد جهة بعينها يمكن القول بأنه من تقف وراء ذلك الاقتراح، لكن غالبية هؤلاء يعملون بتعليمات من جهات، غير أن ذلك يُشير إلى وجود عدم توائم وتناسق بين تلك الجهات". وبرأي الكتاتني، فإن "السلطة ليست بحاجة إلى المصالحة، لا سيما أنها في موقف القوة، فضلًا عن أن استمرار نغمة تحميل الإخوان كل تدهور في صالحها، بينما على الجانب الأخر فهي ليست في مصلحة الجماعة؛ لأنها في موقف الضعف ولن تتمكن من فرض شروطها، لكن على أي حال لابد لذلك الملف أن يُغلق وسيغلق". إلى ذلك، رأى خالد الزعفراني، الباحث في الحركات الإسلامية، أن "الحديث عن إجراء حوار ومصالحه أمر صعب، ولن يتم إلا إذا تخلت الجماعة عن أفكار سيد قطب، خاصة التي تدعو للصدام مع الدولة والمجتمع، وترى أنها ديار كفر وما شابهها من أفكار". وأضاف الزعفراني ل "المصريون"، أن "الدعوة التي أطلقها أديب لا تعدو كونها بالون اختبار، مضيفًا أنه "كان من الضروري أن يتم الحديث عن المصالحة عقب الانتخابات، وكان من المتوقع حدوث ذلك". فيما استنكر الدكتور عماد جاد، نائب رئيس مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية ب "الأهرام"، حديث "أديب"، عن ضرورة فتح حوار مع المتعاطفين مع "الإخوان" الذين لم تتلوث أيديهم بالدماء. وكتب جد» عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، قائلًا: "حديث المصالحة مع جماعة الإخوان يثير من جديد تساؤلات جوهرية حول ما يدور في الخفاء، عماد أديب لا يتحدث من تلقاء نفسه، وحديثه مردود عليه، فإذا كنا نؤمن بلا مصالحة مع القتلة والمجرمين وأعداء الدولة الذين يرون الوطن حفنة من التراب العفن، والذين سجد أبائهم شكراً لله على هزيمة قواتنا المسلحة في يونيو 1967". وأضاف: "ولا مصالحة مع من تلطخت أياديهم بدماء المصريين، فإن ما يُسمى بالمتعاطفين مع الجماعة، ومن وجهة نظري لا يقلون خطورة عن أعضاء الجماعة، لاسيما بعد التجربة المريرة لفترة حكم المرشد والجماعة، ومن ثم فالمطلوب فقط أن يعيشوا كمواطنين مصريين يحترمون الدستور والقانون ومؤسسات الدولة المصرية". جاد وإن أقر بأن الإخوان "هم موجودون بيننا"، لكنه قال إن "عليهم فقط أن يعيشوا كمواطنين يحترمون قيم المواطنة ويقرون بشرعية الدستور ومؤسسات الدولة، وهذا قرارهم الذي لا يحتاج إلى حوار، فهمي لأي حديث آخر أنه مقدمة لإبرام مصالحة مع الجماعة الإرهابية والعودة إلى مرحلة ما قبل 25 يناير بتوازناتها الكارثية التي كادت أن تقضي على الدولة المصرية".