هل كل الأمهات يمثلن نبع الرحمة والحنان والعطاء اللامتناهي ؟ للأسف الشديد ليست كل الأمهات سواء الأم الرحيمة الحانية التي تمتلك ذلك الحضن الدافيء والكلمات الرقيقة المشجعة التي لا يفتر لسانها عن الدعاء لأولادها هي نعمة عظيمة لا يستشعرها إلا من حرم منها وهم للأسف الشديد ليسوا قليلين . أفزعتني تلك الصفعة التي دوت على وجه الطفلة الرضيعة التي تثير الضجيج في بيت محفظة القرآن بينما تمسك أمها بكفها الثانية كتاب الله تراجع فيه ما حفظت .. تماما كما أفزعني آثار ذلك الحرق على يد تلك الطالبة المتفوقة وأمها تحكي بفخر أن ذلك كان عقابا لها لإهمالها دروسها بعض الوقت ..لم أفهم حقيقة سر اللمعة في عيون الأم التي تباهي بتفوق ابنتها والتي ستعوضها هي ما خسرته هي من فرص التعليم دون آبهة بما يعتمل في نفس الصغيرة . أما تلك الأم المدبرة التي تمنع الحلوى عن أطفالها بينما تمنحها بإلحاح شديد لأطفال الأقارب الزائرين مع نظرة حادة من عينيها لأطفالها ألا يقتربون وبينما تباهي بأدبهم وحسن تربيتهم لا تستشعر ما تفيض به حلوقهم من مرارة وهم ينتظرون ما تبقى من حلوى فربما يتم منحهم بعضها بينما يتم ادخار الباقي لأطفال ضيوف آخرين . الأم الظالمة التي تدلل البعض وتتسامح مع أخطائهم لآخر المدى بينما دعائها على آخرين حاضر عند أي هفوة صغيرة هي الأخرى كارثة إنسانية هل يعقل أن تظل أم مقاطعة لولدها عشرات السنوات رافضة كل محاولاته للعفو عنه ومسامحته رافضة وساطة الجميع للتدخل لأنه تزوج امرأة لا ترضاها أو لأنه أخطأ في حقها مرة رغم عودته مرات واقفا على بابها طالبا عفوا ورحمة . أما تلك الأم المطلقة التي قررت أن يدفع أبنائها ثمن الجرائم التي ارتكبها والدهم والتي تردد على مسامعهم صباح مساء أنها ضحت بحياتها وشبابها لأجلهم ولم تفعل كما والدهم الأناني الذي تزوج وتركهم لمواجهة الحياة فرادى فهي تطالبهم بثمن التضحية انسحاقا كاملا لذواتهم وأفكارهم وأحلامهم رافضة أي تواصل بينهم وبين والدهم الذي لم يتح له أبدا أن يشرح لهم شيئا بعد أن منعته من رؤية أطفاله بعد الطلاق . وأنت أيتها الأم المشغولة جدا هل تعتقدين أن هذه اللعب الغالية والملابس الرائعة تعوضهم عن وجودك الثمين معهم ألا تعتقدين معي أن غيابك عنهم منتهى القسوة . ما دفعني حقيقة لكتابة هذه الكلمات هي تلك الأم التي خانها زوجها فآمنت بنظرية مفادها أن جميع الرجال خائنون وذهبت تلقن لابنتها الزهرة المتفتحة أن عليها أن تتقبل زوجا خائنا بنفس راضية حتى تستطيع الاستمرار في الحياة ..تلك الأم التي أسقطت تجربة مشوهة على كل تفاصيل الحياة وبأنانية لا تحسد عليها تريد فرض رؤيتها هذه على ابنتها ..تلك الأنانية التي جعلت أما أخرى تشجع ابنتها على طلب الطلاق مضخمة من عيوب زوجها حتى تأتي وتعيش معها فقد أرهقتها الوحدة . طالب الدين الأبناء بالإحسان إلى الوالدين وخاصة الأم وجعل ذلك مقدما على كل العبادات حتى لو بلغت القسوة والغباء حد المجاهدة بكل الطرق النفسية والمادية حتى يصل الابن لمرحلة الكفر وهو ابتلاء عظيم للأبناء فبعض الآباء لا يمثل للجميع تلك الواحة التي يستريح فيها المسافر من وهج الطريق لأن بعضهم تحول للوهج نفسه .