زيارة الود والإخاء، زيارة العهد والوفاء، هذه الخطوة المباركة التى حلَّتْ بقدوم الرئيس المصرى محمد مرسى بلاد الحرمين الشريفين كأول خطوة لخارج مصر العربية منذ توليه مقاليد الرئاسة.. هذه الزيارة ليست كالزيارات المعتادة لمرسى رحلة علمية أو لأداء فريضة الحج والعمرة، إنها زيارة رئيس منتخب بامتياز لبلد عظيم بإرثه التاريخى المجيد، لملك دولة الراية البيضاء مملكة الإنسانية والبذل والعطاء، ملك المواقف النبيلة فى الظروف الصعبة التى عصفت بالأوطان، وهتكت ستر الشعوب، وسلبت الأمن والاستقرار، وأنهكت الاقتصاد للبلاد. هذه الزيارة الميمونة التى تحمل العديد من الملفات المتراكمة السياسية والاقتصادية، وأبرزها العلاقات الثنائية بين البلدين تلك العلاقة التى تتمتع بأزلية المتانة والقوة وتتحلى بالصدق والشفافية، سماؤها صافية لا يخالجها سحابة ولا ضباب، لم تتأثر بالمتغيرات المتلاحقة ولا المستجدات المعاصرة ولا الرياح العاتية التى حلت بالدول المجاورة، إنها علاقة الشراكة المستدامة كعلاقة الروح بالجسد يجنى ثمارها الشعبان الشقيقان عبر السنين الماضية واللاحقة بإذن الله. ولا شك أن الشكل العام الذى رسمه التاريخ الحافل والسجل الناصع لتلك العلاقات بين البلدين ولَّدَ ثقة عالية أعطت مساحة كبيرة لتبادل المشورة، وإسداء الرأى الذى يعتد به من قبل القيادتين حتى فى أحلك الظروف وأصعبها, فلا عجب أن تكون أول خطوة لرئيس عهد جديد أفرزته الثورة المجيدة لأبطال الكنانة إلى المملكة العربية السعودية, فهى مؤشر قوى على تباشير الخير الذى يطمح له أبناء البلدين وسيتضح للجميع فى الأيام المقبلة خراج هذه الخطوة المباركة، وربما الأوضاع الراهنة تتطلب إعادة صياغة الإستراتيجيات بما يتواكب مع المتغيرات، وطمعًا فى رفع درجة الاستفادة من المصالح الحيوية المشتركة التى تستهدف أفراد الشعب مباشرة؛ لتساهم مع الرئيس الجديد فى تحقيق الوعود التى قطعها على نفسه لشعبه الوفى.. إن هذه الزيارة ستكون منعطفًا فى مسيرة علاقة الأشقاء على أرض الواقع، وعلى المستوى السياسى بالتعاون فى حل المشكلات العالقة فى منطقة الشرق الأوسط واستحداث الآليات المناسبة التى تضمن نجاح الحلول، والتمهيد لعصر إسلامى عربى جديد يضمن العدل والمساواة والعيش الرغيد لأفراد الشعوب.. وحيث إن السياسة متلازمة مع الاقتصاد كونه أهم المقومات فى بناء الدول وعصب الحياة الدنيوية، فإن البحث فى زيادة فرص الاستثمار بين البلدين سيأخذ من الاهتمام أوفره فى ظل الاستقرار الذى تبع السباق الرئاسى المصرى، وحظى بفوز رئيس يتسم بوفرة من الصفات التى جعلته متميزًا فى نظر الشعب المصرى متأملين فيه غسل هموم الزمن العصيب الذى فتك بطموحاتهم وأرهق أجسامهم من خلال البحث عن لقمة العيش لسد الرمق والحصول على قوت اليوم الواحد.. علمًا بأن أرض الكنانة تتوفر بها ثروات طبيعية تفتقر لها معظم الدول، فأرض مصر من ذهب، واستغلال المساحات الزراعية من أضمن الاستثمارات التى لا تتعرض للخسارة بإذن الله؛ فهى خصبة صالحة لشتى أنواع المحاصيل التى تحقق الاكتفاء الذاتى الشامل بمعدل يضمن لكل أسرة الحياة الكريمة مع العائد الكبير للمستثمرين فى هذا المجال. بالإضافة إلى السياحة التى استقطبت العالم من كل مكان فمصر فى جدول السائح أمر مهم، ومن لم يزر مصر فكأنه لم يخرج من بلده حتى لو طاف دول العالم كله, فالسياحة من أبرز المقومات الاقتصادية التى تتفرد بها كمصدر اقتصادى تتميز به أرض الكنانة, أما الصناعة التى تعتمد على الكوادر البشرية من قوة جسدية وعقول إبداعية، تلك السواعد التى ساهمت فى تشييد المرافق الحيوية فى دول كثيرة عربية وغيرها، والعقول المبدعة التى تفننت فى إسعاد الآخرين وتذليل الصعاب لراحتهم.. فقد حان الوقت لتكون تلك السواعد والعقول تنفث طاقاتها وإبداعاتها فى بلادها؛ لتساهم فى البناء والتخفيف من المعاناة، والنهوض بهذا البلد بلد الخير والأمن الذى ذكر فى كتاب الله عز وجل بقوله (فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين) صدق الله العظيم. [email protected]