من المدهش أن بعضًا من أشهر الإعلاميين والصحفيين، باعتبار ظهورهم المستمر فى التليفزيون أو وجودهم فى مناصب صحفية مرموقة – قد انبرى لمقاومة سعى مجلس الشورى لتغيير رؤساء تحرير الصحف والمجلات القومية، معترضين على أن يقوم المجلس بذلك، رغم أنه الجهة المالكة للصحف القومية، ولا توجد جهة أخرى تمارس هذا العمل، ثم هم لا يجدون سببًا يقدمونه للاعتراض إلا القول بأن الفساد المستشرى فى تلك المؤسسات الصحفية، والذى يقرون بوجوده، أكبر من أن يكون علاجه تغيير رؤساء التحرير، رغم أن هذا هو المنطق المباشر تمام المباشرة، فإن أيا من هؤلاء لو كان مسئولاً عن مؤسسة ما وفشل أحد أقسامها فإن أول ما سيعمله هو تغيير مدير ذلك القسم، إنه المنطق الوحيد، وأى شركة من الشركات لا تقوم إلا برئيس جديد ينهض بها.. وأن قائد الجيش هو أول خطوة نحو النصر، وإن متخذ القرار هو أول السبيل نحو النجاح. يطالب هؤلاء بعملية إصلاح شاملة، ويتجاهلون أن من المعايير التى وضعها مجلس الشورى، أن يملك المتقدم لمنصب رئيس تحرير، رؤية وخطة للإصلاح والنهوض بالصحيفة، فما هو المطلوب بعد هذا، وها هى العملية الإصلاحية تأتى ومن خلال الشخص الذى يتقدم للقيادة، لم يحاول أعضاء مجلس الشورى أن يستبدوا بالسيطرة على تلك الصحف وتوجيهها، بل فتحوا الأبواب لمن يملك الروية الإصلاحية ليتقدم ويعمل، وهو أمر جديد فى مصر، نتمنى أن يتأصل فيها. لكن من البادى أن عقولاً كثيرة، تأبى إلا أن تكون عقولا تابعة، فلا ترضى إلا أن توضع لها الخطط الشاملة والكاملة ثم يعملون تبعًا للإشارات، فهم لا يملكون القدرة على الابتكار، ولابد أن يكون مسيرين موجَهين، ويخيفهم أن يعملوا فى مناخ صحى يطلب منهم القيام بكامل مسئولياتهم، ولو كانوا يريدون إصلاحا شاملا كما يقولون، فليقدموا رؤاهم، وليقدموا ما لديهم من بدائل، ولكنهم لا يملكون إلا الاعتراض، حرصا كما يبدو على أنفسهم وعلى مكاسب شخصية متحققة لهم بالأوضاع القائمة. والمثير أنه ما أن بدأ مجلس الشورى فى تلقى طلبات الترشح، إلا وظهر فى اليومين التاليين خبر تحويل المحكمة الإدارية العليا دعوى حل مجلس الشورى للمحكمة الدستورية، ولا شك سيتم حل المجلس بمثل الكيفية التى حل بها مجلس الشعب.. وكأن هناك قنابل موجهة مجهزة ومعدة للتفجير ضد أى جهة أو فرد يحاول قدر اجتهاده أن يعمل عملا يمكن أن يغير فى الأوضاع القائمة وهى أوضاع اتفقنا جميعا أنها سيئة للغاية، ولكن هناك من يريدها كما هى، ومرارة حل مجلس الشعب لم تنقض بعد، والأمر ذاته سيحدث مع الشورى، لأن أعضاءه اجتهدوا وأرادوا عمل شىء، كما أن الحملة ضد الرئيس قد بدأت حتى من قبل أن يبدأ هو عمله، فالمبدأ ما زال متبعا وهو "إما أنا أو الفوضى"، تماما ما هدد به حسنى مبارك.