لا تزال الخلافات تحاصر الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد، بعد أن أخفقت جميع الجهود حتى الآن فى تسوية جميع الخلافات، لاسيما حول الصلاحيات الخاصة برئيس الجمهورية، فى ظل تباين بين التيارات الإسلامية والليبرالية بشأنها، ففيما يتمسك الإسلاميون بضرورة حرمان الرئيس وبشكل لا لبس فيه من سلطة حل البرلمان مقابل إعطائه سلطة إقالة الحكومة، طرحت شخصيات ليبرالية إيجاد موازنة بين سلطة الرئيس فى حل البرلمان وحق الأخير فى سحب الثقة من الحكومة، وهو ما قوبل برفض إسلامي بات، على الرغم من أن هذا المقترح يضمن تقاسم السلطة بين الرئيس والبرلمان ويؤمن للأخير دورًا قويًا في الحياة السياسية، بحسب أحمد ماهر، المنسق العام لحركة "6إبريل". ولم تتوقف الخلافات عند هذا الحد حيث تبنى حزب "النور" نهجًا متشددًا حيال المادة الثانية، فقد جدد الحزب أى مساس بالمادة الثانية رفضه استمرار النص الحالى للمادة الثانية، وفق الدكتور بسام الزرقا، عضو الجمعية. وأعلن الزرقا أن الحزب لن يقدم أى تنازلات جديدة بخصوص المادة الثانية، لاسيما وأن الحزب كان يطالب بتطبيق كلمة أحكام وتراجع عن هذا الأمر رغبة فى تحقيق توافق وطنى غير أن التنازلات لن تتكرر بل أن الحزب سيتولى الدفاع عن الشريعة والمادة الثانية حتي لو كان وحيدًا في هذا المضمار بعد تراجع الأزهر. يأتى هذا فيما كشف محمد نور، المتحدث الرسمى للحزب عن وجود قناة حوار مستمر بين الحزب والأزهر الشريف بغرض تسوية الخلافات بينهما، مشيرًا إلى أن الأزمة بين الحزب والأزهر ليست على مرجعية الشريعة الإسلامية بل على تفعيل دور الشريعة الإسلامية فى البلاد. غير أن وجود قنوات الحوار لم يوقف التجاذبات بين الحزب ومشيخة الأزهر، إذ طالب الدكتور يونس مخيون عضو عضو الهيئة العليا لحزب النور السلفي وعضو اللجنة التأسيسية للدستور، الدكتور أحمد الطيب بضرورة وضع تعريف واضح لكلمة مبادئ الشريعة الإسلامية لاسيما حكم المحكمة الدستورية العليا عام 1996 قضى بأن مبادئ الشريعة الإسلامية تقوم على النصوص قطعية الثبوت قطعية الدلالة، وهى نصوص قليلة للغاية فى الشريعة الإسلامية، باعتبار أن غالبية الأحكام فى الشريعة الإسلامية هى ظنية الدلالة. وأكد أن حزبه سيظل متمسكًا بموقفه المتمسك بضرورة النص على أن أحكام الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسي للتشريع. وسعيًا للتوصل لحل وسط، طرح الدكتور عبد الفتاح الشيخ عضو مجمع البحوث الإسلامية مقترحًا لتسوية الأزمة حول المادة الثانية عبر النص على أن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع وذلك تجنبًا للصدام بين المبادئ والأحكام. وقال إن كلمة الشريعة الإسلامية تشمل المبادئ والأحكام، موضحًا أن المبادئ هى مقاصد الشريعة "حفظ النفس والعرض والدين والمال مقرًا بأن المبادئ لا تتضمن الأحكام التى تعد تضيقًا للشريعة وحصرًا لها. وأشار إلى عدم وجود أى موانع من إضافة فقرة للنص وهى احتكام غير المسلمين لشرائعهم في وجهم طلاقهم وعباداتهم. وامتدت الخلافات داخل التأسيسية إلى ملف شروط ترشيح الرئيس، حيث كشفت الدكتور هبة رءوف عزت -عضو التأسيسية وأستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية- عن أن هناك ضغوطًا تمارس من جانب بعض التيارات لرفع شرط عدم الحصول على جنسية أجنبية لرئيس الجمهورية من الدستور الجديد منتقدة بشدة تجاهل القوى الوطنية لهذا الأمر الخطير والانشغال بالمادة الثانية، رغم أن الخلاف حيالها يمكن تسويتها.