شعبنا المصرى الثرى العظيم ثراء وعظم التاريخى الإنسانى، لأننا حقًا وبلا جدال ولا مزايدة أول من صاغ وكتب حروفه وسطوره وصفحاته ومازلنا نقدم للإنسانية أجود وأروع ما فيه، والحمد لله صاحب الفضل والمنة. مجموعة من الثوابت المنطقية والسياسية لابد أن نؤكدها تنشيطًا لذاكرتنا المصرية الوطنية الخالصة حتى نتمكن من قراءة المشهد الرائع للرئاسة المصرية الجديدة شكلا ومضمونًا. د/ مرسى رئيسًا لكل المصريين هذه حقيقة لا شك فيها ولا جدال معها وحقيقتها إنه مهموم بقضايا مصر بما تعنيه كل المصريين بغض النظر عن انتماءاتهم المتنوعة، وبالتأكيد د مرسى هو ابن مصر تربية الحركة الإسلامية والإخوان المسلمين، وهذا أهم وثيقة تؤكد أمانته ومصداقيته وجديته فى مواجهة هذه المهام والتعامل معها. وحقيقة أخرى كونه رئيسًا لكل المصريين أنه لن يعمل وحده، ولكنه سيعمل يدا بيد مع كل مصرى يمتلك العلم والكفاءة والقدرة على تحمل جزء من المسئولية الكبيرة والمتنوعة. الملامح الأولى لساعات وأيام عمل الرئيس الجديد تؤكد ساعة بعد ساعة أننا أمام نموذج جديد يقدمه الرئيس مرسى للحاكم العامل الخادم عند شعبه العادل الرقيب على نفسه وأفكاره وأقواله وأفعاله وفق مقتضيات الحكم الرشيد، الذى قرأنا عنه فى تاريخنا العظيم السابق. فلسفة وأفكار وأطروحات ومشروع حزب الحرية والعدالة وليدة من مرجعية إسلامية حكمت قرونًا سبقت، وحصاد خبرات صراع مع أعتى النظم الاستعمارية والاستبدادية دام ما يقارب القرن من الزمان. اتفق عليه المصريون نخب وعامة، وأعجب بل وانبهر به العالم منطقيًا وسياسيًا. وموجزه (نسعى إلى بناء نظام ديمقراطى سليم يحقق الأمن والاستقرار والعدالة الاجتماعية واستقلال القضاء، وإقامة دولة القانون تحقيقًا لأهداف ثورة يناير، وهى "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية"، فى إطار القيم الإنسانية، التى تتفق مع المرجعية الإسلامية، وتؤدى فى نهاية المطاف إلى التداول السلمى للسلطة عبر صناديق الانتخابات الحرة والنزيهة). ومن ثم فلا مجال للتشويه ولا للتخويف، ولا لآثار وتبعات كل منهما، والأجدى هو أن ينتظر الجميع ترجمة هذه الأفكار والمشاريع إلى برامج عمل وقرارات تنفيذية تتحرك على أرض الواقع، بمعنى جدية ومصداقية الالتزام بما طرحه حزب الحرية والعدالة، والحمد لله بدأت تتكشف جديته مع الساعات الأولى لدخول قصر الرئاسة. التأكيدات المتكررة والمقابلات الأولية التى قام بها رئيسنا الجديد المنتخب تسير كلها فى سياق التعامل المهنى لا الأيديولوجى مع الملفات المصرية الداخلية والخارجية، بمعنى أنها تسير فى اتجاه التكنو قراط بعيدا عن أية ولاءات أخرى. ضخامة وتعقيدات الملفات الداخلية والخارجية المطروحة على مائدة الرئاسة، وفى مقدمتها المحافظة على وحدة الصف الوطنى والوضع الاقتصادى.. إلخ بطبيعتها لا يمكن لأى فصيل أن يتعامل معها وحده، وهذا بتأكيدات كل الخبراء والمعنيين، تحتاج إلى تكاتف كافة القوى الوطنية، وهذا تحديدا ما نادى به حزب الحرية والعدالة من البداية، ويقرره ويؤكده الرئيس مرسى فى أغلب لقاءاته. الديمقراطيات العالمية كلها تنتهج آلية واضحة لتشكيل الفرق الرئاسية ومجالس الوزراء والمفاصل الأساسية لإدارة الدولة من بين أحزابها، التى اختارها الشعب، ومن المعلوم أن الناخب يختار البرنامج والمرشح، البرنامج الذى يلبى تطلعاته والمرشح الذى صاغ هذا البرنامج، ومن ثم هو أقدر الناس على تنفيذه، والطبيعى أن يقوم حزب الحرية والعدالة باختيار كافة مساعدى الرئيس والوزراء من بين أعضائه ولا ضير فى ذلك، بيد أن الحالة المصرية بطبيعتها وخصوصية المرحلة وحجم التحديات خاصة تحديات تدهور الأوضاع المصرية، بالإضافة إلى محاولات سرقة وتقويض الثورة داخليًا، كل ذلك يتطلب حالة خاصة وغير مسبوقة من الاحتشاد والاصطفاف الوطنى لرفع السفينة المصرية الغارقة من قاع المحيط إلى سطحه، وهذا ما يعيه الرئيس جيدا ووعد به أيضًا وبكل تأكيد. ديمومة الصراع بين الحق والباطل، تؤكد أن فلول وبقايا النظام السابق لن يهدأ لهم بال، وقد انتقلوا من مربع متقدم إلى آخر متأخر فى الخلف ولكنهم مستمرون فى تخطيطهم ومحاولاتهم لإجهاض الثورة، وهم أمام أمر واقع فرض الشعب عليهم رئيسه المنتخب ماسكا بزمام السلطة فى مصر. ومن أهم إستراتيجياتهم المتوقعة خلال المرحلة المقبلة إستراتيجية اختطاف الرئيس بعيدًا عن الإخوان وحزب العدالة أولا ثم عن القوى الوطنية آخر. إستراتيجية التهويل من التحديات واستحالة التعامل معها بهدف بث روح الإحباط واليأس إستراتيجية التهوين من أية إنجازات ستتحقق، والتهويل فى أية إخفاقات ولو صغيرة جدًا. إستراتيجية افتعال الأزمات تلو الأزمات، وربما تتعاون فى ذلك مع قوى خارجية لافتعال أزمة كبرى ما تستهلك وتستنزف الجهود والموارد الموجهة لمشروع النهضة. إستراتيجية الاستثمار الأمثل لمحاولات التشويه القديمة والمستمرة للإخوان والتخويف منهم ومن الإسلاميين عامة، والتى تتلاشى ساعة بعد ساعة من حكم رئيسنا المنتخب الصالح المصلح بقوة الله وعونه وولايته د محمد مرسى. إستراتيجية صناعة بديل ثالث يسعوا إلى تضخيمه وتلميعه وتقديمه كمعارض قوى لمؤسسة الرئاسة الجديدة، وربما يدعم بد عم دولى لمنحه شرعية الوجود بالتأكيد الشعب المصرى يقظ وواعى لكل هذه المؤامرات، وسيحتشد ويصطف كله، خلف هذا الرئيس الذى اختاره الله تعالى على يد الشعب المصرى ليتحمل المسئولية والامانه بالتأكيد وجود نموذج رئاسى جديد على هذه الشكل الحضارى الرائع سيطور وبتلقائية طبيعية أشكال الحكم فى المنطقة بأسرها، وبطبيعة الحال تتغير فلسفة النظم الحاكمة الواعية فى التعامل مع التغيير خاصة بعد أن تفشل سبل مقاومته ووقفه، حيث تتحول إلى التعايش معه ثم الإستفاده منه، والتعاون والتكامل معه.