المقولة ذكرها الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك ضمن حوار صحفى مع مجلة "دير شبجيل" الألمانية، نشر فى ديسمبر 2004م واتهم مبارك فى حواره جماعة الإخوان المسلمين بأنها "جماعة لها تاريخ إرهابى" وأعقب قائلاً: "لقد قتلوا واحداً من رؤساء الوزارة قبل الثورة لاختلاف آرائهم السياسية وفى عام 1954 حاولوا قتل الرئيس جمال عبد الناصر وكرروا محاولاتهم عدة مرات ثم ألقى بقنبلته ذات العيار الثقيل جدًا حين قال: "إن الأحزاب الدينية تهدد السلام الاجتماعى". من البديهى أن يكون المواطن البسيط وهو يسمع رئيسه يقول هذا فيصدقه ويبنى على كلامه قواعد من الشك والريبة تتفاقم إلى درجة الكفر بهذا الجماعة ومنهجها ويترسخ فى ذهن الناس حقيقة مغلوطة تاريخًيا لكنها مثبتة فى أذهان الناس عن طريق "الفزاعة" التى تجعل من هؤلاء المسلمين - الذين يتوضئون خمس مرات فى اليوم ويسجدون لله عشرات المرات أطراف النهار وآناء الله- تجعلهم كفرة فجرة مردة قتلة مصاصى دماء لا يعرفون سوى لغة القتل والتخريب، ويخلص ذلك كله فى كلمة واحدة فقط هى "إرهابيون". وقبل أن أوضح لكم عدم صدق مقولة مبارك تاريخيًا من الطرف الآخر الذى من المفروض أن نسمع له فى قضايا تمسهم وتمس سمعتهم وتاريخهم، تعالوا اقرأوا ما قاله "فكتور استروفسكى" ضابط الموساد الإسرائيلى الذى هرب إلى كندا منذ سنوات طويلة وألف كتابًا اسمه "عن طريق الخداع.. الموساد من الداخل"، صدر عام 1990م يقول فيه: "إن الموساد هى التى تمول الإرهاب فى مصر وهى التى تنشر المخدرات وهى التى تضع خطط تخريب السياحة وهى التى تعمل لزعزعة السلطة وقلب نظام الحكم وإغراق مصر فى الفوضى وإن إسرائيل تبنى سياستها الدائمة على أن مصر هى العدو الإستراتيجى الأول فى المنطقة وأن الإسلام هو خصمها اللدود الذى لا حياة لها فى كنفه"... للأسف لم أسمع لا من مبارك يومها ولا من حكوماته المتعاقبة ولا من وزرائه المعنيين بكل ما يتعلق بالشأن الإسرائيلى سواء كان تعليمًا أو ثقافة أو إعلامًا أو عسكريًا أو داخلية أو خارجية، أى ردة فعل تجاه تلك المقولة الغاية فى الخطورة، وقرأوها كما قرأتها أنا وأنت وهو وهى من بسطاء الشعب، ولم تغل الدماء فى عروقهم، ولم تقف شعور رؤوسهم، كما فعلنا نحن، بل إنهم لم يمصمصوا شفاههم، وهى "حيلة العاجز"، وأضعف الإيمان، إن كان لدى القوم إيمان. ومادامت الشعوب على دين ملوكهم فكل ما يقال من ملوكهم أو رؤسائهم فهو مصدق لا ريب فيه، والتهم التى تلوكها الألسنة دون وعى، نشرتها الأنظمة بعد ثورة يوليو، وحتى قبلها، كانت توجه إلى مسألة الاغتيالات السياسية التى أودت بحياة عدد من الزعماء والمسئولين المصريين، أمثال رئيس الوزراء المصرى أحمد ماهر باشا 1945 الذى اغتاله محمود العيسوى وهو أحد المنتمين للحزب الوطنى فى حين نسبته لتلك الأجهزة الحاكمة للإخوان، وكذلك محمود فهمى النقراشى رئيس الوزراء المصرى عام 1948، الذى اغتاله ضابط قالوا إنه "إخوانى" تزيا بزى الضباط، والقاضى أحمد الخازندار الذى أصدر أحكامًا قضائية على عدد من المتهمين فى جرائم، وكذلك المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، وتم اغتياله على يد أحدهم، "وكله كوم وتمثيلية المنشية لاغتيال جمال عبد الناصر عام 1954 كوم ثانى". "جماعة الإخوان" نفت بالطبع اتهامها بالإرهاب وأعلنت أنها تدينه تمامًا وأن موقفها ثابت من كل ما يتعلق بالعنف وبررت الأحداث أنها فردية استنكرها الإخوان ومرشدهم حسن البنا حينها يومها بعد مقتل النقراشى باشا على يد مندس تزيا بزى ضابط، وإنه ادعى أنه "إخواني" و قال البنا كلمته الشهيرة جدًا والمستنكرة للفعلة جدًا: "هؤلاء ليسوا إخوانًا ولا مسلمين". وعلق د. محمد حبيب النائب الأول للمرشد على محاولة قتل "عبد الناصر" فى حادثة المنشية :"إن هذا الحادث تمثيلية كبرى أحكم تدبيرها بهدف القبض على الإخوان المسلمين والزج بهم فى السجون والمعتقلات وإزاحتهم من الطريق للاستئثار بالسلطة والانفراد بالحكم". هل آن للتاريخ أن ينصف المظلومين فى كنف التاريخ- أيًا كان هوانا معهم أو ضدهم- وهو شاهد عليهم؟ أعتقد أنه آن هذا الأوان الآن، وإن لم يحن حينه أو حالت الظروف دون إظهاره، وتنظيف أدمغة الشعب منه، فالله خالق الزمان والمكان والبشر والحياة، شاهد على الكل، وسينصف المظلوم من الظالم، وسيجمع الجميع ليوم لا ريب فيه" ويومها توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون". دمتم بحب [email protected]