قالت مجلة "تايم" الأمريكية أن إنتخاب محمد مرسي رئيساً للجمهورية نقطة تحول وعلامة فارقة في تاريخ مصر، ولكنها مع ذلك لا تزال خطوة أولى في رحلة طويلة محفوفة بالمخاطر نحو الديموقراطية. وأضافت بأن منصب الرئاسة الذي فاز به مرسي لا يزال حتى اللحظة منصباً رمزياً، بعدما جرد الجيش مرسي من الصلاحيات الرئيسة للسلطة التنفيذية، فهو ليس له سيطرة على الميزانية ولا يملك دورا حاسما في قضايا السياسة الخارجية أو الدفاع أو الأمن القومي، وحتى أنه لن يكون له الوضع الرمزي للقائد الأعلى للقوات المسلحة كباقي أسلافه. وأشارت إلى أن المجلس العسكري ترك لمرسي فقط الصلاحيات التي يحظى بها رئيس الوزراء في النظام الرئاسي والتي تقتصر على القضايا المحلية بشكل كبير، وذلك بعدما أحكم المجلس قبضته على الصلاحيات الرئيسية للسلطة التنفيذية والتشريعية بحل مجلس الشعب وإقرار الضبطية القضائية وإصدار الإعلان الدستوري المكمل. ولكنها أكدت على أن الرئيس المنتخب ديموقراطيا، محمد مرسي، يحظى بشرعية لم يسبق لها مثيل في تاريخ البلاد، مما يمنحه القدرة على الضغط من أجل إنتقال ديموقراطي أكثر شمولا، ولكنه عليه أولا أن يصحح بعض الأخطاء السياسية التي ارتكبتها جماعة الإخوان المسلمين في أعقاب الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك. ولفتت إلى أن السبب في تراجع المجلس العسكري عن التلاعب في نتيجة الإنتخابات الرئاسية لتسليم المنصب للفريق أحمد شفيق، جاء خوفاً من أن يدفع ذلك التيارات السياسية المتناحرة في الشارع للتوحد في نضال مشترك ضد الحكم العسكري. وأشارت إلى أن سياسة المجلس العسكري خلال الأشهر ال16 الماضية كانت تتلخص في ضرب القوى الإسلامية والعلمانية ببعضها البعض، لأنه لم يكن يقدر على مواجهتهم متحدين. وتابعت قائلة بأن سياسة "فرق تسد" التي يتبعها المجلس العسكري أثبتت فعاليتها بعدما وضعت قوى المعارضة في مواجهة بعضها البعض، مما جعلها تفشل في وضع رؤية مشتركة لمرحلة التحول الديموقراطي في مصر، وجعلت المجلس العسكري في موقف الهيمنة. وشددت المجلة على أن السبيل الوحيد لمواجهة الهيمنة العسكرية يكمن في حدوث توافق واسع بين جماعات المعارضة، والعمل على رأب الصدع بين جماعة الإخوان المسلمين وجماعات المعارضة الأخرى المنافسة، مشيدة بخطاب مرسي الأول والذي قالت بأنه خطوة جيدة في هذا الإتجاه. واعتبرت أن الرئاسة تمنح جماعة الإخوان المسلمين فرصة جيدة لتصحيح أخطاؤها السياسية على مدى ال16 شهراً الماضية. وأشارت إلى أن قيام مجموعة من الجنرالات الغير منتخبين بحل البرلمان المنتخب شعبياً يظهر ضعف القوة الإنتخابية التي تتمتع بها الجماعة في نظام السلطة الحالي. وحذرت جماعة الإخوان من أن أي رغبة في إحتكار السلطة ستضع الجماعة في عزلة خطيرة وستحملها مسؤولية الفوضى الإقتصادية والإجتماعية. وأكدت على أن توازن السلطة الحقيقي في المجتمع المصري لن تحققه أي إنتخابات تجري في ظل حكم الجنرالات الذين أتضح بشكل قاطع أنهم لا يملكون أي نية للخضوع للحكم المدني الديموقراطي، وهو ما يعني أن جماعة الإخوان المسلمين والقوى الليبرالية في حاجه لبعضهم البعض وأن عليهم الإعتراف بذلك من أجل تغيير ذلك الواقع. وأشارت إلى أن الرئيس لا يزال أمامه تحدي ضخم لتوسيع نطاق الحكم الديموقراطي المدني، ليس فقط بسبب سلطة الجنرالات الواسعة، ولكن أيضاً بسبب البيروقراطية التي تسيطر على مؤسسات الدولة وتجعلها قلعة من الدعم للمرشح الخاسر أحمد شفيق، والتي من الممكن أن تشن مقاومة عنيفة ضد الرئيس الجديد. واختتمت قائلة أنه بالنظر لعمق وتعقيد حالة الإنقسام السياسي وإنعدام الثقة في المجتمع الذي يعاني من الضغوط الإقتصادية والإجتماعية المتزايده، فإن تحقيق التوازن السياسي سيتطلب مستوى من النضج السياسي لم تظهره جماعة الإخوان المسلمين بعد.