نقابة المحامين تتكفل برسوم إعادة قيد القضايا المشطوبة وتدعو الأعضاء للتواصل العاجل    كفاية إنكار.. "أديب" يطالب الحكومة بالكشف عن حقيقة "البنزين المغشوش"    انقطاع المياه عن قرى مركز الخانكة لمدة 7 ساعات اليوم.. تعرف على السبب    حدث في منتصف الليل| ننشر تفاصيل لقاء الرئيس السيسي ونظيره الروسي.. والعمل تعلن عن وظائف جديدة    أخبار الاقتصاد اليوم، 560 جنيها تراجعا في سعر جنيه الذهب , أسهم 5 قطاعات تتصدر قائمة الأكثر قيم تداول خلال جلسة نهاية الأسبوع، وخبير: الحكومة حظها وحش والتوترات الجيوسياسية تخنق الاقتصاد    أمريكا تحذر من هجوم جوي كبير على أوكرانيا وتطالب مواطنيها بالاحتماء في الملاجئ    وزير سعودي يزور باكستان والهند لوقف التصعيد بينهما    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. صاروخ يمنى يرعب إسرائيل.. العقارب تجتاح مدن برازيلية.. ميتا تحجب صفحة إسلامية كبرى فى الهند.. وترامب يتراجع فى حربه التجارية مع الصين    فلسطين تتابع بقلق التطورات الخطيرة بين باكستان والهند وتدعو لضبط النفس    طيران "إير أوروبا" تلغى رحلاتها إلى تل أبيب غدا الأحد    ستاندرد آند بورز تُبقي على التصنيف الائتماني لإسرائيل مع نظرة مستقبلية سلبية    4 مواجهات نارية في ربع نهائي أمم إفريقيا للشباب    «بنسبة 90%».. إبراهيم فايق يكشف مدرب الأهلي الجديد    مصر في المجموعة الرابعة بكأس أمم أفريقيا لكرة السلة 2025    رايو فايكانو يعمق جراح لاس بالماس في الدوري الإسباني    نابولي يتحرك لضم نجم ليفربول    كشف غموض واقعة سقوط ربة منزل من الطابق الخامس فى العبور.. هذا هو القاتل؟    حريق ضخم يلتهم مخزن عبوات بلاستيكية بالمنوفية    زوج يلقي بزوجته من الطابق الخامس أمام طفليهما في العبور    مصرع شخصين فى حادث تصادم دراجة بخارية بسيارة نقل بطريق "بورسعيد- الإسماعيلية"    نجل محمود عبد العزيز: اسم بوسي شلبي لم يرد في إعلام الوراثة.. وخسرت كل درجات التقاضي    عماد الدين حسين: زيارة الرئيس السيسى لروسيا مهمة تكشف عمق العلاقات بين البلدين    التربية متعددة الثقافات كخيار استراتيجي في عالم متغير    كاظم الساهر يحيي حفلين في مهرجان «إهدنيات» في لبنان مطلع أغسطس    الأعراض المبكرة للاكتئاب وكيف يمكن أن يتطور إلى حاد؟    الصحة: نسعى لاعتماد كافة المراكز والوحدات الصحية بالقاهرة طبقا لاشتراطات GAHAR    «الخسارة غير مقبولة».. طارق مصطفى يعلق على فوز البنك الأهلي أمام بيراميدز    فخري الفقي: تسهيلات ضريبية تخلق نظامًا متكاملًا يدعم الاقتصاد الرسمي ويحفز الاستثمار    الجيش الباكستاني: صواريخ باليستية هندية سقطت داخل الأراضي الهندية    الرئيس الفلسطيني: أولويتنا وقف العدوان على غزة وانسحاب إسرائيلي كامل    جامعة القاهرة تكرّم رئيس المحكمة الدستورية العليا تقديرًا لمسيرته القضائية    النائب العام يلتقي أعضاء النيابة العامة وموظفيها بدائرة نيابة استئناف المنصورة    اليوم.. أولى جلسات محاكمة عاطلين أمام محكمة القاهرة    محاكمة 9 متهمين في قضية «ولاية داعش الدلتا»| اليوم    إصابة 8 عمال إثر تصادم ميكروباص بسيارة ربع نقل بالمنيا    متابعة للأداء وتوجيهات تطويرية جديدة.. النائب العام يلتقي أعضاء وموظفي نيابة استئناف المنصورة    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية بالبنك المركزي المصري    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 10 مايو 2025    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم السبت 10 مايو في الصاغة (تفاصيل)    الفنانة السورية سوزان نجم الدين تكشف أسرار إقامتها في منزل محمود عبدالعزيز    يسرا عن أزمة بوسي شلبي: «لحد آخر يوم في عمره كانت زوجته على سُنة الله ورسوله»    انطلاق مهرجان المسرح العالمي «دورة الأساتذة» بمعهد الفنون المسرحية| فيديو    مايان السيد تتصدر التريند بعد كشفها قصة حب هندية قصيرة وأسرار فيلم 'نجوم الساحل    أمين الفتوى: طواف الوداع سنة.. والحج صحيح دون فدية لمن تركه لعذر (فيديو)    «بُص في ورقتك».. سيد عبدالحفيظ يعلق على هزيمة بيراميدز بالدوري    هيثم فاروق يكشف عيب خطير في لاعب الزمالك ويحمله مسؤولية الأهداف الأخيرة    «لماذا الجبن مع البطيخ؟».. «العلم» يكشف سر هذا الثنائي المدهش لعشاقه    إنقاذ حالة ولادة نادرة بمستشفى أشمون العام    ما حكم من ترك طواف الوداع في الحج؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    تكريم رئيس هيئة قضايا الدولة في احتفالية كبرى ب جامعة القاهرة    خطيب الجامع الأزهر: الحديث بغير علم في أمور الدين تجرُؤ واستخفاف يقود للفتنة    «المستشفيات التعليمية» تنظم برنامجًا تدريبيًّا حول معايير الجودة للجراحة والتخدير بالتعاون مع «جهار»    عقب أدائه صلاة الجمعة... محافظ بني سويف يتابع إصلاح تسريب بشبكة المياه بميدان المديرية    رئيس جامعة الإسكندرية يستقبل وفد المجلس القومي للمرأة (صور)    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ميراث النساء بين الحرمان والتفضيل فى العطاء ( الحلقة الثانية)


ثانيا : إختلاف الدين بين المورث والمرأة الوارثة :
ومعناه أن يكون المورِّث ( الميت ) على دين ، والوارث على دين آخر ، فإختلاف الدين بين الشخصين يمنع من توارث بعضهم من بعض ، وإختلاف الدين بين الشخصين له عدة صور منها :
1- أن يكون الميت مسلما ، والوارث كافرا : وفي هذه الحال لا يرث الكافر من قريبه المسلم – بلا خلاف بين العلماء في الجملة – لما رواه أسامة بن زيد أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : { لا يرث المسلمُ الكافرَ . ولا يرثُ الكافرُ المسلمَ } ( رواه البخارى ومسلم ) ، فمن إرتدت عن الإسلام لا ترث من أقاربها المسلمين ، ولا يرثون منها إلا ما إكتسبته حال إسلامها ، أما ما إكتسبته بعد ردتها فلا يرثوه .
2 - أن يكون الميت كافرا والوارث مسلما : وفي هذه الحال لايرث المسلم قريبه الكافر في قول جمهور أهل العلم بدليل الحديث السابق . فمن أسلمت لا ترث من أقاربهما غير المسلمين ، ولا يرثون منها شيئا .
3- أن يكون الميت كافرا من ملة والوارث كافرا من ملة أخرى : فلا توارث بينهما لحديث عبدالله بن عمرو رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : { لا يَتوارثُ أَهْلُ ملَّتينِ شتَّى } ( رواه أبوداود وحسنه الألبانى )
وتوجد اختلافات فقهية في تحديد الملة فمنهم من قال الكفر كله ملة واحد ، ومنهم من قال الملل ثلاث ، اليهودية ملة والنصرانية ملة وما سواهما ملة واحدة .
ثالثا : الرق : وقد جفف الإسلام منابع الرق ، فلم يتبق منه شىء الآن ، والخلاصة أن الأمة ( المرأة غير الحرة من الرقيق ) لا ترث من الحر أو الحرة .
ب - الحرمان المبنى على الخطأ فى الفتوى :
وقد تحرم المرأة من الإرث نتيجة فتوى خاطئة ممن لا يحسن فقه الميراث ، كما حدث من أبى موسى الأشعرى ، فعن هزيل بن شرحبيل قال : { سُئِلَ أبو موسى عن إبنةٍ وإبنةِ إبنِ وأختِ ، فقال : للإبنةِ النصفُ ، وللأختِ النصفُ ، وأئِتِ إبنَ مسعودٍ فسيُتابِعُني . فسُئِلَ إبنُ مسعودٍ وأُخْبِرَ بقولِ أبي موسى فقال : لقد ضَلَلْتُ إذًا وما أنا مِن المُهْتَدين ، أقضي فيها بما قضى النبيُّ صلى الله عليه وسلم : للإبنةِ النصفُ ، ولإبنةِ الابنِ السُدُسُ تكملةَ الثُلُثَيْنِ وما بَقِيَ فللأختِ ، فأتينا أبا موسى فأخبَرْناه بقولِ ابنِ مسعودٍ ، فقال : لا تسألوني ما دامَ هذا الحَبْرُ فيكم . } ( رواه البخارى ) فقد أفتى أبو موسى فتوى خاطئة ترتب عليها حرمان إبنة الإبن من نصيبها فى الإرث ، وهو السدس ، وجعله للأخت ، مع إستحقاقها للباقى ، وللأسف الشديد ، فالمرء يرى العجب العجاب فى هذا العصر من تصدر من لا يحسن فقه الميراث للإفتاء فيه فتكون النتيجة تقسيم التركة وحرمان النساء من إرثهن ، ألا فليتق الله من يتجرأ على الفتوى ، ويسأل إذ لم يعلم ، ويحيل الأمر على المتخصصين .
ج - الحرمان المبنى على إتباع الهوى :
وقد يكون حرمان المرأة من الإرث نابعا من إتباع الهوى ، مصداقا لقوله تعالى : { أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَ?هَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى? عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى? سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى? بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ? أَفَلَا تَذَكَّرُونَ } ( الجاثية : 23 ) ، ولإتباع الهوى بعض الصور المشهورة فى هذا العصر ، ومنها :
الصورة الأولى : إشتراط الزوجين تنازل كل منهما عن إرثه :
هناك من الناس من يريد الزواج الثاني ، ولا يريد إشراك غير أسرته الأولى في الميراث ، حتى لا تفاجأ بالزواج بعد وفاته حال كون الزواج الثاني لا تعلم به الأسرة الأولى ، أو حتى لا يكون مانعًا من الموافقة عليه من الأسرة الأولى إن كانوا على علم به ، وقد أجابت دار الإفتاء المصرية على هذا الأمر بفتواها المؤرخة 19 / 10 / 2015 ، والمنشورة على صفحتها بالشبكة العنكبوتية ، بقولها : { وهذه الحالة تعدُّ إسقاطًا للحق قبل وجود سببه ؛ لأن الوارث يسقط حقه في الميراث قبل وفاة المورث . والحكم في هذه الحالة يكون بعدم الجواز ، وبعدم الاعتداد بهذا التنازل . والدليل على ذلك هو أن وفاة المورث سبب لانتقال الميراث إلى الوارث ، ومعلوم أن السبب هو ما جعله الشارع علامة على مسبِّبه وربط وجود المسبب بوجوده وعدمه . فيلزم من وجود السبب وجود المسبب ، ومن عدمه عدمه ، فهو أمر ظاهر منضبط ، جعله الشارع علامة على حكم شرعي هو مسببه ، ويلزم من وجوده وجود المسبب ، ومن عدمه عدمه . انظر : " أصول الفقه " للشيخ عبد الوهاب خلاف ( ص : 117، ط . دار القلم ).
وقال الإمام ابن النجار في " شرح الكوكب المنير" (1 / 434، ط . مكتبة العبيكان ) : { ( خِطَابُ الْوَضْعِ ) فِي اصْطِلاحِ الأُصُولِيِّينَ : ( خَبَرٌ ) أَيْ لَيْسَ بِإِنْشَاءٍ ، بِخِلافِ خِطَابِ التَّكْلِيفِ ، ( اسْتُفِيدَ مِنْ نَصْبِ الشَّارِعِ عَلَمًا مُعَرِّفًا لِحُكْمِهِ ) ، وَإِنَّمَا قِيلَ ذَلِكَ لِتَعَذُّرِ مَعْرِفَةِ خِطَابِهِ فِي كُلِّ حَالٍ وَفِي كُلِّ وَاقِعَةٍ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْوَحْيِ، حَذَرًا مِنْ تَعْطِيلِ أَكْثَرِ الْوَقَائِعِ عَنْ الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ ، وسُمِّيَ بِذَلِكَ ؛ لأَنَّهُ شَيْءٌ وَضَعَهُ اللهُ فِي شَرَائِعِهِ ، أَيْ جَعَلَهُ دَلِيلًا وَسَبَبًا وَشَرْطًا ، لا أَنَّهُ أَمَرَ بِهِ عِبَادَهُ ، وَلا أَنَاطَهُ بِأَفْعَالِهِم ْ، مِنْ حَيْثُ هُوَ خِطَابُ وَضْعٍ ، وَلِذَلِكَ لا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ فِي أَكْثَرِ خِطَابِ الْوَضْعِ، كَالتَّوْرِيثِ وَنَحْوِهِ ] اه.
كما أن الميراث يدخل في ذمة الوارث إجباريًّا ؛ أي اضطراريًّا لا يستطيع دفعه ، وليس اختياريًّا كالهبة والوصية مثلًا يملك فيهما الموهوب له والموصى له دفع المال ولا يقبله. وبمثل هذا صرح بعض أهل العلم ؛ ففي " رد المحتار" ( 6 / 758 ، ط . دار الكتب العلمية ) : [ ( قَوْلُهُ أَوْ بِالضَّرُورِيِّ ) أَي الْإِرْثِ ، وَالِاخْتِيَارِيِّ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقَبُولِ الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ } اه.
وقد وردت مسألة مشابهة لفضيلة مفتي الديار المصرية في وقته الشيخ / بكري الصدفي ، في ربيع الأول 1331 هجرية ، ونص السؤال : " رجل مسيحي تزوج بامرأة مسيحية ، اتفقا في أثناء محضر الخطوبة قبل التكليل عليها شرطًا كتابيًّا محررًا من نسختين نصه : إذا مات أحدهما قبل الآخر لا يرثه الحي الباقي منهما ، فشرطها يكون ميراثها لإخوتها بعد وفاتها إذا لم تعقب ذرية بدون دخول زوجها المذكور في ميراثها ، وشرطه إذا توفي قبلها يكون ميراثه لأولاده الذين يموت عنهم سواء كان من زوجته المتوفاة أو منها بدون دخولها في ميراثه ، فهل هذا الشرط المحرر بينهما يسري ويعمل به إذا دعت الحال تقاضي أحدهما بعد وفاة الآخر أمام الشريعة الغراء أو لا يعمل به ؟ أفيدوا الجواب ، ولكم من الله الأجر والثواب " .
فأجاب رحمه الله : " الإرث جبري لا يسقط بالإسقاط مطلقًا ، كما هي النصوص الشرعية ، وعلى ذلك فالشروط المذكورة بين الزوجين في حادثة هذا السؤال لا يعول عليها . والله تعالى أعلم " انتهى نص الفتوى .
وقد صرَّح بعض أهل العلم في بطلان هذه المسألة إن ذكرت شرطًا في عقد النكاح ؛ قال الخطيب الشربيني في " مغني المحتاج " ( 3/ 226، ط . دار الفكر ) : [ ( وَإِنْ أَخَلَّ ) الشَّرْطُ بِمَقْصُودِ النِّكَاحِ الْأَصْلِيِّ ( كَأَنْ ) شَرَطَ أَنْ ( لَا يَطَأَهَا ) الزَّوْجُ أَصْلًا ، وَأَنْ لَا يَطَأَهَا إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً مَثَلًا فِي السَّنَةِ أَوْ أَنْ لَا يَطَأَهَا إلَّا لَيْلًا فَقَطْ أَوْ إلَّا نَهَارًا فَقَطْ ( أَوْ ) أَنْ ( يُطَلِّقَهَا ) وَلَوْ بَعْدَ الْوَطْءِ ( بَطَلَ النِّكَاحُ ) ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي مَقْصُودَ الْعَقْدِ فَأَبْطَلَهُ ، وَلَوْ شَرَطَ هُوَ أَنَّهَا لَا تَرِثُهُ أَوْ أَنَّهُ لَا يَرِثُهَا أَوْ أَنَّهُمَا لَا يَتَوَارَثَانِ أَوْ أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ بَطَلَ أَيْضًا ، كَمَا قَالَهُ فِي " أَصْلِ الرَّوْضَةِ " عَنْ الْحَنَّاطِيِّ ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي ، وَصَحَّحَ الْبُلْقِينِيُّ الصِّحَّةَ وَبُطْلَانَ الشَّرْطِ } اه.
وقال الشيخ العلاًّمة الدردير في " الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي " ( 2/ 238 ، ط . دار الفكر ) : [ ( وَ ) فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ وُجُوبًا ( مَا ) أَيْ : نِكَاحٌ ( فَسَدَ لِصَدَاقِهِ ) إمَّا لِكَوْنِهِ لا يُمْلَكُ شَرْعًا ؛ كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ، أَوْ يُمْلَكُ وَلا يَصِحُّ بَيْعُهُ ؛ كَآبِقٍ ، ( أَوْ ) وُقِعَ ( عَلَى شَرْطٍ يُنَاقِضُ ) الْمَقْصُودَ مِن الْعَقْدِ ؛ ( كَأَن لا يَقْسِمَ لَهَا ) فِي الْمَبِيتِ مَعَ زَوْجَةٍ أُخْرَى ، ( أَوْ ) شَرَطَ أَنْ ( يُؤْثِرَ عَلَيْهَا ) غَيْرَهَا ؛ كَأَنْ يَجْعَلَ لِضَرَّتِهَا لَيْلَتَيْنِ وَلَهَا لَيْلَةً ، أَوْ شَرَطَ أَن لا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا ، أَوْ نَفَقَةً مُعَيَّنَةً كُلَّ شَهْرٍ أَوْ يَوْمٍ ، أَوْ أَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَيْهَا وَعَلَى أَبِيهَا ، أَوْ شَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى وَلَدِهَا أَوْ عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا ، أَوْ شَرَطَتْ زَوْجَةُ الصَّغِيرِ أَو السَّفِيهِ أَو الْعَبْدِ أَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَى الْوَلِيِّ أَو السَّيِّدِ فَإِنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ فِي الْجَمِيعِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَيُلْغَى الشَّرْطُ كَمَا قَالَ ، ( وَأُلْغِيَ ) الشَّرْطُ الْمُنَاقِضُ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ }
ومما تقدم يتبين عدم جواز اشتراط عدم التوريث بين الطرفين في عقد النكاح ، وأنَّ الراجح إذا تم الاتفاق على هذا الشرط حصول صحَّة العقد وبطلان الشرط ؛ فيجري التوارث بين الزوجين بحسب ما هو مشروع ومعلوم من الدين الإسلامي الحنيف . والله سبحانه وتعالى أعلم . } ا.ه
الصورة الثانية : التنازل عن الإرث قبل قبضه :
قد تعتاد بعض المجتمعات تعنيف المرأة وتوبيخها إذا أخذت حقها في الميراث مما يجعل النساء يتنازلن عن ميراثهن ابتداءً لعلمهن بما يترتب على أخذ حقهن من اللوم ، واعتبارهن خارجات عن التقليد الجاهلي المتبع في المجتمع . وهذا التنازل لا يجوز ، ولا عبرة به ، ولا يصير به مال المرأة المتنازلة حلالاً لأنه تنازل عن غير طيب نفس ، وقد قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } ( النساء : 29 ) ، وعنْ حَنِيفَةَ الرَّقَاشِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ } ( رواه أحمد وصححه الألبانى ) .
وهذا ما أفتت به اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية ردا على سؤال مفاده : { رجل توفي والده وله ثلاث إخوة وأختان ، ولما جاء أخوهم الكبير ليقسم بينهم الميراث قالت له إحدى أختيه : أنا سامحة في حقي لكم ، وأنا لا أعلم هل هي سامحت هذه الأخت في حقها استحياء منها أم سامحت عن طيب نفس ؟ ماذا نفعل ، هل نقبل منها أم لا ؟ وهذا الميراث الذي سامحت فيه هو قطعة أرض بها أشجار تين أو زيتون ؟ أفتونا جزاكم الله خيرا . فأجابت : إذا عُلِم أن المرأة سَمَحَت عن نصيبها مِن ميراث والِدها لإخوتها عن طيب نفس ، فلا بأس بذلك ، وإن كانت نفسها لم تَطِب بذلك دُفِع إليها نَصيبها من الميراث . } اه .
إذا تقرر هذا فإن تنازل الوارث - ذكراً كان أو أنثى -عن ميراثه جائزٌ شرعاً بالشروط والضوابط التالية :
أولاً: يصح التنازل عن الميراث بعد موت المورِّث فقط : وليس حال حياته ، أي بعد استحقاق الميراث لا قبله . ومعنى الاستحقاق أن يثبت الحقُ ويجب ، وثبوت الميراث للوارث لا يكون إلا بعد موت المورث . وبناءً على ذلك لو تنازل بعضُ الورثة عن ميراثهم قبل وفاة المورث ، فالتنازل باطلٌ لا يصح .
ثانياً : يشترط فيمن يتنازل عن ميراثه أن يكون بالغاً عاقلاً رشيداً : فلا يصح التنازل من الصغير– من هو دون البلوغ -ولا من المجنون أو المعتوه ، لأن التنازل عن الميراث قد يعود بالضرر عن المتنازل ، فلا بد أن يكون راشداً ، لقوله صلى الله عليه وسلم :{ رُفع القلمُ عن ثلاثةٍ ، عن الصبي حتى يبلغ ، وعن النائم حتى يستيقظ ،وعن المجنون حتى يفيق } ( رواه أبو داود ، وصححه الألباني )
ثالثاً : يجب أن يكون التنازل عن الميراث بإرادة المتنازل وبدون إكراه : فلا يصح تنازل المكرَه ، وفي معنى الإكراه تعنيفُ المرأة المطالبة بميراثها وتوبيخها ، واعتبارها خارجةً عن تقاليد العائلة أو القبيلة . فإن حصل التنازل في حالة الإكراه والتعنيف ، فهذا التنازل لا عبرة به ولا يصير به مال المرأة المتنازلة حلالاً ، لأن التنازل وقع بدون رضاً ولا طيب نفسٍ ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :{ لا يحل مالُ امرئٍ مسلمٍ إلا بطيب نفس منه } ( رواه أحمد وصححه الألباني ) وعن أبي حميدٍ الساعدي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا يحل للرجل أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفسه ، وذلك لشدة ما حرَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم من مال المسلم على المسلم } ( رواه أحمد وصححه الألباني ) .
رابعاً : أن يكون التنازل صريحاً لا حياءً : لأن ما أُخذ بسيف الحياء فهو حرام ، فلا يجوز للمسلم أن يأخذ مال غيره بالحياء ، ويؤيد هذا المعنى ما ورد في الحديثين السابقين .
خامساً : يشترط أن يكون التنازل في حال الصحة : لا في حال مرض الموت ، لأن تصرفات المريض مرض الموت لها أحكامٌ خاصةٌ ، ومرض الموت هو : المرض المخوف الّذي يتّصل بالموت ، ولو لم يكن الموت بسببه ، وهذا مذهب جمهور الفقهاء ، قال ابن المنذر :{ أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن حكم الهبات في المرض الذي يموت فيه الواهب : حكم الوصايا } ا.ه .
سادساً : إذا كان الميراث المتنازَل عنه عقاراً ، فلا يصح التنازلُ عنه إلا بقبضه : وقبض العقار يكون بالتخلية والتمكين من التصرف فيه باتفاق الفقهاء ، لأن التنازل عن الميراث يُعدُّ هبةً ، والهبةُ لا تلزم إلا بالقبض ، وإن كان عقاراً فقبضه بالتخلية بينه وبين المشتري ، بلا حائل دونه ، وتمكينه من التصرف فيه ، بتسليمه المفتاح إن وجد ، بشرط أن يفرغه من متاع غير المشتري عند الشافعية ، واعتبر الحنفية التخلية – وهي : رفع الموانع والتمكين من القبض - قبضاً حكماً على ظاهر الرواية ، وروى أبو الخطاب مثل ذلك عن أحمد وشرط مع التخلية التمييز ، ( الموسوعة الفقية الكويتية ) .
إذا تحققت شروط التنازل عن الميراث ، فلا يجوز الرجوع فيه لأنه هبةٌ ، والهبةُ لا يجوز الرجوع فيها بعد القبض ، ويدل على حرمة رجوع الواهب في هبته أحاديث منها :عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { العائد في هبته كالعائد في قيئه } ( رواه البخاري ومسلم ) وعنه أيضاً قال النبي صلى الله عليه وسلم : { ليس لنا مَثلُ السَّوْء ، الذي يعود في هبته كالكلب يرجع في قيئه } ( رواه البخاري ) . قال الإمام البخاري في صحيحه : { باب لا يحل لأحدٍ أن يرجع في هبته وصدقته } ، وقال الإمام النووي : { باب تحريم الرجوع في الصدقة والهبة بعد القبض إلا ما وهبه لولده ،وإن سفل } واستثني الوالد من الحكم السابق ، فيجوز للوالد الرجوع فيما وهبه لولده ، كما هو مذهب جمهور الفقهاء ، لما صح في الحديث عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا يحل للرجل أن يعطي عطيةً أو يهب هبةً فيرجع فيها ، إلا الوالد فيما يعطي ولده ، ومثل الذي يعطي العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب ، يأكل فإذا شبع قاء ، ثم عاد في قيئه } ( رواه أصحاب السنن وأحمد ، وقال الترمذي حسن صحيح وصححه العلامة الألباني ) . ويؤيد ذلك أيضاً ما ورد في إحدى روايات حديث النعمان بن بشير أنه قال : { إن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : { إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكلَّ ولدك نحلته مثل هذا ، فقال : لا ، فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأرجعه } ( رواه البخاري ومسلم ) وفي رواية عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير: ( فاردده ) . قال الحافظ فى الفتح : { وحجة الجمهور في استثناء الأب أن الولد وماله لأبيه ، فليس في الحقيقة رجوعاً ، وعلى تقدير كونه رجوعاً ، فربما اقتضته مصلحة التأديب ونحو ذلك } . وقد ألحق أكثرُ الفقهاء الأمَّ بالأب في جواز الرجوع في الهبة . قال الشيخ ابن قدامة المقدسي : { وظاهر كلام الخرقي أن الأم كالأب في الرجوع في الهبة ، لأن قوله " وإذا فاضل بين أولاده " يتناول كل والد . ثم قال في سياقه " أمر برده "فيدخل فيه الأم ، وهذا مذهب الشافعي ، لأنها داخلة في قوله { إلا الوالد فيما يعطي ولده } ولأنها لما دخلت في قول النبي صلى الله عليه وسلم { سووا بين أولادكم } ينبغي أن يتمكن من التسوية والرجوع في الهبة ، طريق في التسوية ، وربما تعين طريقاً فيها إذا لم يمكن إعطاء الآخر مثل عطية الأول ، ولأنها لما دخلت في المعنى في حديث بشير بن سعد ، فينبغي أن تدخل في جميع مدلوله لقوله ( فاردده )وقوله ( فأرجعه ) ، ولأنها لما ساوت الأب في تحريم تفضيل بعض ولدها ينبغي أن تساويه في التمكن من الرجوع فيما فضله به تخليصاً لها من الإثم وإزالة للتفضيل المحرم كالأب ، والمنصوص عن أحمد أنه ليس لها الرجوع ، قال الأثرم : قلت لأبي عبد الله الرجوع للمرأة فيما أعطته ولدها كالرجل ؟ قال ليس هي عندي في هذا كالرجل لأن للأب أن يأخذ من مال ولده والأم لا تأخذ وذكر حديث عائشة : { أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه } أي كأنه الرجل ، قال أصحابنا : والحديث حجة لنا ، فإنه خص الوالد وهو بإطلاقه إنما يتناول الأب دون الأم ، والفرق بينهما أن للأب ولاية على ولده ويحوز جميع المال في الميراث والأم بخلافه ، وقال مالك للأم الرجوع في هبة ولدها ما كان أبوه حياً فإن كان ميتاً فلا رجوع لها ، لأنها هبة ليتيم ، وهبة اليتيم لازمة كصدقة التطوع ، ومن مذهبه أنه لا يرجع في صدقة التطوع } اه . ( يراجع المغني لإبن قدامة )
سادسا : تفضيل النساء على الرجال فى الإرث :
وقد يحدث تفضيل للمرأة على الرجل فى الإرث ، وقد يستمد هذا التفضيل أصله من الشرع ، أو ينبنى على فتوى خاطئة ، أو إتباع الهوى ، وذلك على التفصيل الآتى :
1- التفضيل المبنى على نصوص الشرع :
ويكون التفضيل مبنيا على نصوص الشرع ، فى الحالتين الآتيتين :
أ - إرث النساء أكثر من الرجال :
وقد سبق ذكر هذه الحالة عند الحديث عن حالات " إجتماع الرجال والنساء فى الإرث " ، فيرجع إليها .
ب - إرث النساء وحرمان الرجال :
وأيضا سبق ذكر هذه الحالة عند الحديث عن حالات " إجتماع الرجال والنساء فى الإرث " ، فيرجع إليها .
2- التفضيل المبنى على الخطأ فى الفتوى :
كثير من الأمهات يوصين بذهبهن الذى يمتلكنه لبناتهن دون أبنائهن بزعم أن الذهب محرم على الرجال ، ولا تلبسه إلا النساء ، فتوصى الواحدة منهن قبل وفاتها لبناتها ، دون أبنائها ، وذلك بناء على إفتاء نفسها بجواز فعلها هذا ، ولا تدرى هذه المسكينة ، أن هذا الفعل لا يجوز ، ويحرم عليها فعله ، وهو من باب تفضيل النساء على الرجال فى الإرث المخالف للشرع ، وذلك للآتى :
أولا : لأنه وصية لوارث : وقد نهى النبى صلى الله عليه وسلم عنه ، فعن أبى أمامة الباهلى رضى الله عنه قال : سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ في خطبتِه عامَ حجَّةِ الوداعِ : { إنَّ اللَّهَ تبارَك وتعالى قد أعطى كلِّ ذي حقٍّ حقَّهُ فلا وصيَّةَ لوارثٍ } ( رواه الترمذى وصححه الألبانى ) .
ثانيا : لأنه وصية بأكثر من الثلث : فقد لا يكون للمرأة مال تتركه لورثتها سوى ذهبها ، فإذا أوصت به كله لبناتها ، فقد خالفت الحد المسموح به بالوصية ، وهو ثلث التركة فقط ، فعن سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه قال : { كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يَعودُني عامَ حجَّةِ الوَداعِ ، مِن وجعٍ اشتدَّ بي، فقُلتُ : إنِّي قد بَلَغ بي منَ الوَجعِ ، وأَنا ذو مالٍ ، ولا يَرِثني إلَّا ابنةٌ ، أَفأتصدَّقُ بِثُلُثي مالي ؟ قال : لا . قُلتُ : بالشَّطرِ ؟ فَقال : لا . ثُمَّ قال : الثُّلثُ ، والثُّلثُ كَبيرٌ ، أو كَثيرٌ إنَّك أن تَذَر وَرَثتكَ أَغنياءَ ، خيرٌ مِن أن تَذرَهُم عالةً يَتَكفَّفونَ النَّاسَ . } ( رواه البخارى )
3- التفضيل المبنى على إتباع الهوى :
وهذه الحالة لها عدة صور منها :
أ – تفضيل الأب لبناته على إخوانه وأخواته : فبعض الرجال أو النساء قد لا يرزق بالذكور ، ويرزق بالإناث فقط ، وتكون له تركه كبيرة ، ويعلم أنه إن مات ، فسيأخذ إخوانه من التركة بعد زوجته وبنته ، فيعمد إلى تفضيلهما على إخوانه وأخواته ، بكتابة كل تركته لهما ، حتى لا يرث إخوانه وأخواته شيئا من الإرث ، ومن يفعل هذا فقد رد حكما على الله تعالى ، وهو داخل تحت قوله صلى الله عليه وسلم : { وإنَّ الرجلَ ليَعمَلُ بعملِ أهلِ الجنةِ ، حتى ما يكونُ بينه وبينها إلا ذراعٌ ، فيَسبِقُ عليه الكتابُ ، فيَعمَلُ بعملِ أهلِ النارِ ، فيَدخُلُ النارَ } ( رواه البخارى )
ب – مساواة النساء بالرجال فيما لا تجوز فيه المساواة : وقد يقع فيها بعض أولياء أمور النساء ، فيسوون بين أبنائهم وبناتهم فى الإرث بزعم أن الكل أبناؤهم ، وقد تقع فيها بعض الدول ، كما وقعت فيها دولة عربية أصدر برلمانها قانونا بتسوية النساء بالرجال فى الإرث ، وأيدته فى ذلك دار الإفتاء بها ، بزعم أنه يؤدى إلى تدعيم مكانة المرأة ويضمن ويفعل مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة فى الحقوق والواجبات ، التى نادى بها الدين الإسلامى فى قوله تعالى { ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف } ، فضلا عن المواثيق الدولية التى صادقت عليها تلك الدولة التى تعمل على إزالة الفوارق فى الحقوق بين الجنسين .
وهذا الكلام مبنى على إتباع الهوى ، ومخالفة الشرع ، فهذا التشريع لا يؤدى إلى تدعيم مكانة المرأة فى المجتمع ، بل يؤدى إلى إنقسام المجتمع وزرع الأحقاد بين شقيه ، وإستدلالهم بالآية إستدلال فى غير موضعه حيث إجتزؤا الآية ، ولم يتموها ، فقد قال تعالى : { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ، وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ، وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ } ( البقرة : 228 ) ، ففى الآية وللرجال عليهن درجة ، وهذه الدرجة لم تأت من الهوى ، وإنما أتت من الشرع ، فكل ما فضل الله به الرجال على النساء مستند إلى الشرع ، وليس إلى الهوى ، والأصل عدم التفرقة ، ولا يجوز التفضيل بغير نص ، وقد ورد النص بالتفضيل فى بعض الحالات ، قال تعالى : { لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ ? نَصِيبًا مَّفْرُوضًا } ( النساء : 6 – 7 ) ، وقال : { وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا } ( النساء : 32 ) .
سابعا : الحلول العملية لهذه النازلة :
يكمن الحل لهذه النازلة التى عمت البلاد ، فى الآتى :
1- نشر التوعية بين المسلمين بخطورة حرمان النساء من الإرث ، أو تفضيلهن على الرجال ، وأن هذا من تعدى حدود الله التى بينها فى آيات المواريث .
2- السعى إلى إستصدار قانون يجرم هذا الفعل ، ويشدد العقوبة عليه حرمان النساء من الإرث ، أو تفضيل النساء على الرجال فى الإرث بالهوى ، لما ثبت عن عمر ، وعثمان رضى الله عنهما أنهما قالا : { إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن } .
3- العمل على معالجة الأسباب التى تؤدى إلى حرمان النساء من الإرث السابق ذكرها .
والله الموفق .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.