فاز الدكتور محمد مرسى بانتخابات الرئاسة.. الفرز كان على الهواء مباشرة وتنقله لجنة بلجنة، فضائيات محسوبة على الفلول وليس على الإخوان.. والفلول هم سند أحمد شفيق فى الانتخابات وهو رمزهم، أى أن شهادة الفوز غير الرسمية ل مرسى - حتى إعلانها من اللجنة العليا يوم الخميس - مصدرها الفضائيات الداعمة لشفيق، بل الأهم من الفضائيات أن النتيجة محسوبة من واقع الشهادات التى حصل عليها مندوبو مرسى، كما حصل عليها مندوبو شفيق من قضاة اللجان الفرعية عن نتائج كل لجنة.. لامجال إذن لإنكار حملة شفيق وادعائها أنه هو المتقدم فى الفرز، على حملة شفيق أن تقر بالهزيمة وأن تتحلى بالروح الرياضية وبقواعد المنافسة الشريفة الديمقراطية، وعلى شفيق نفسه أن يقر بالهزيمة وأن يهنئ خصمه الفائز إذا كان يريد تدشين سلوك سياسى ديمقراطى حضارى مع أول انتخابات ديمقراطية حضارية حرة. انتصار مرسى هو انتصار للثورة، فقد كان صعبًا جدًا على الثورة أن يكون شفيق خصوصًا هو أول رئيس لمصر الثورة.. شفيق كان لغمًا يهدد الاستقرار المأمول للأوضاع فى البلاد نزعه الشعب بتصويت الأغلبية ضده بعد أن فشل قانون العزل فى ذلك.. مشيئة الله ألا يخرج شفيق من السباق بهذا القانون حتى لا يتحول إلى شهيد وحتى لا تكون شرعية الانتخابات مهددة بالبطلان لعدم دستورية القانون لوكانت المحكمة نظرت القضية بعد الانتخابات. المصريون هم من عزلوه كما سبق وعزلوا كثيرًا من الفلول فى انتخابات مجلسى الشعب والشورى.. الثورة كان يجب أن تحكم منذ اليوم الأول لانتصارها، لكنها لم تحكم وتركتنا للمجلس العسكرى ليتلاعب بها وبنا حتى كاد يقضى عليها لولا فوز مرسى، حيث جاء فى اللحظة الحاسمة فأعاد الروح إليها وأحيا الأمل فى استمرارها وأزاح جانبًا من الإحباط العام الذى تراكم خلال عام ونصف العام. الآن لدينا رئيس منتخب بنزاهة وشفافية، وهذا المنصب بالذات له رمزية خاصة لدى المصريين بدليل هذا الاهتمام غير المسبوق بالانتخابات عربيًا وعالميًا كأنها انتخابات عابرة لحدود مصر، وبالفعل هى كذلك وقد لخص هذا المعنى الرئيس التونسى عندما قال: إن مصير الربيع العربى يتوقف على تلك الانتخابات.. أى نهوض فى مصر هو نهوض للعرب، وأى خطوة باتجاه الديمقراطية فى مصر تنعكس إيجابيًا على كل العرب. المهمة صعبة أمام مرسى لكنها ليست مستحيلة، والنجاح فيها يتطلب العودة إلى مناخ أيام الثورة ال 18، حيث كان الكل فى واحد.. الآن الكل يجب أن يعود ليكون على قلب رجل واحد من أجل هدف وطنى جامع وهو إنقاذ مصر من الحفرة التى تم إسقاطها فيها؛ لجعل الشعب ينفض عن ثورته ولا يفكر فى التغيير أبدًا ويقبل بالأمر الواقع. كلمة مرسى فجر الاثنين كانت موفقة ومطمئنة وعاقلة وتشيع مزيدًا من الثقة فى هذا الرجل المحترم، والذى سيكون رئيسًا محترمًا ورجل دولة مسئولاً إن شاء الله.. لقد تعرض الرجل وحزبه وجماعته لحملة تشويه هستيرية لا تمت لحرية الرأى والتعبير بصلة، بل هى حملة غل وكراهية سوداء أعجز عن فهمها، مع ذلك فقد ارتكب الإخوان أخطاءً مكنت خصومهم والمتربصين بهم من لف الحبل حول عنقهم، لكن تلك الحملات رغم تأثيرها السلبى على صورة الإخوان لدى بعض المصريين إلا أنها فشلت فى تسويق الفزاعة الجديدة القديمة من الإسلاميين، الشعب المصرى يؤكد مرة أخرى أنه شعب معلم وأنه يجيد الاختيار، وأنا أتوقع أداءً جيدًا من مرسى إذا لم يضع المجلس العسكرى العراقيل أمامه وإذا لم تواصل بعض القوى السياسية نهج العداء المبدئى لتيار الإسلام السياسى. ومن المهم التأكيد على أن الملايين التى اختارت شفيق هم مواطنون مصريون محترمون كانت لهم وجهة نظر أخرى هدفها أيضًا مصلحة مصر ورأوها تتحقق مع شفيق، مثلما أن الأغلبية التى اختارت مرسى رأت فيه من يحقق مصالح البلاد فى هذه الفترة الحساسة والمرتبكة. تثبت انتخابات البرلمان ومن بعدها الرئاسة أن تيار الإسلام السياسى رقم مهم فى المعادلة السياسية المصرية، والمصلحة فى التعاون معه فى إطار شراكة سياسية تضم جميع القوى الوطنية دون إقصاء أو تهميش بشرط احترام الدستور ودولة القانون والقبول بنتائج الديمقراطية وتداول السلطة أى قبول الكل بوضوح بقواعد اللعبة السياسية الديمقراطية. [email protected]