في أوروبا يتعاملون في منظومة الحكم كلنا شركاء الوطن بمعنى لا للصوت الواحد؛ فمن أساسيات منظومة الحكم قيمة الوطن من قيمة المواطن، وقيمة المواطن من قيمة الوطن وهذا شعار الأمة، أي إعطاء وتنفيذ القرارات لا تتم إلا عن اقتناع ومناقشة؛ حيث إن الوزير يشارك في صنع القرارات وعندما يشعر بالتهميش يستقيل بل ويحترم من قياداته؛ فالحرية أساس العلاقة بين شعوب أوروبا وحكوماتهم، وهذا هو سر تقدمهم ولكن عكس ذلك لدى دول العالم الثالث والأوطان العربية؛ وإن كان لكل قاعدة استثناء. إسماعيل فهمي ومحمد رياض وحسن بلبل.. في أعقاب حرب أكتوبر وفي عهد السادات أعلن للذهاب لإسرائيل لاتفاقية "كامب ديفيد"، اعترض وزير الخارجية إسماعيل فهمي وشرح للسادات مدى انعكاسها على البيت العربي وخطورتها وقدم استقالته وتبعه مسعداه محمد رياض وحسن بلبل. محمد إبراهيم كامل: بعد استقالة إسماعيل فهمي عين محمد إبراهيم كامل خلفًا له وكان لمصر سفيرًا في ألمانيا وعند المحادثات وجد اختلافًا ما بين ما يعلمه وبين الاتفاقية، وكان شديد الصرامة مع الوفد الإسرائيلي بروح الأمة والوطن، وقد شكوا منه للسادات لإصراره على الحفاظ على البنود وبالأخص أن مدينة القدس عربية وهذا ما أغضب الوفد الإسرائيلي باعتبارها عاصمة موحدة لديهم، وقد رفض محمد إبراهيم الاستمرار مع العلم كان رفيقًا للسادات وزملاء السجن أيام الاحتلال، ففضل سيادة الأمة والوطن على صداقته وقدم استقالته عندما شعر بأنه مجرد موظف لتنفيذ ما يملي عليه وليس شريكًا لوطنه. السيد فهمي، كان وزيرًا للداخلية في ذلك الوقت وعندما رفع السادات بعض الأسعار حدثت انتفاضة الأمة 77 كلّفه السادات بمواجهتها بالذخيرة الحية ولكنه رفض؛ حرصًا على أبناء وطنه وصورة أبنائه من الشرطة أمام الأمة فأعفاه من منصبه فطلب الفريق محمد عبدالغني الجمسي من السادات إلغاء قرار رفع الأسعار فوافق ونزل الجيش الشوارع لتأمين المنشآت ثم بعد ذلك أعفاه من منصبه وهذا موقف من وزيرين يعبر عن الانتماء للأمة والوطن قد رحلا وعاشت ذكراهما لدى قلوب أمتهما. شيخ العرب عبدالحليم موسى: كان وزبرًا للداخلية في عهد السادات وكان العلاقة مستاءة بينه وبين الجماعات الإسلامية والنتيجة حدوث مواجهات بينه وبين رجال الأمن، وسالت الدماء بينهم وقد دفع رجال الأمن وضحوا كثيرًا ودفعوا الثمن غاليًا من دمائهم وأيضًا من الإسلاميين؛ نتيجة قرارات الصراع السياسي بين السادات والإسلاميين. فعمل شيخ العرب على إنهاء الصراع ووقف نزيف الدماء بين كل الأطراف حرصًا على أبنائه من رجال الأمن وأبناء وطنه فطلب من السادات عمل جلسة حوار للمصالحة والإفراج عن السياسيين والجماعات الإسلامية فرفض السادات من خلال حاشيته من المقربين من الحزب الوطني فأعفاه من منصبه وقوبل القرار بارتياح. اللواء أحمد رشدي: كان وزيرًا للداخلية في عهد حسني مبارك شعاره أمن الوطن والمواطن وكان يتابع بنفسه تفقد العمل لنزوله في مواقع العمل كالشوارع والميادين وكم من قضايا كبار المسئولين للفساد تولاه بنفسه ومنها شقيق رفعت المحجوب ولم يبال بأحد أيضًا محاربته لتجار المخدرات وملاحقته لفساد كبار المسئولين ولكنه لم يعجب بعض من الحزب الوطني وحاشية الرئيس فدبرت له مشكلة الأمن المركزي تسببت في انتفاضة الأمن المركزي وأعفي بسببها وبعد إعفائه رفض حراسته وعاش كمواطن عادي محبة بين أبناء وطنه وكانوا يسرعون إليه لتحيته وقد رحل عنا وترك ذكرى طيبة لدى الأمة أبناء وطنه. رحم الله هؤلاء الوزراء وجعل مثواهم الجنة فقد عاشوا رجالاً في قلوب أبناء وطنهم، فهم نموذج لما بعدهم ونتمنى من وزراء العالم الثالث والأوطان العربية أن يحذو حذوهم، فهم مثال أي وزراء بروح الوطن وشركاء مصير وليسوا مجرد موظفين أو تباعين يكتب ما يملى عليهم وتنفيذه، فلهم منا ومن شعبهم العظيم باقة ورود على قبورهم، هكذا يكون الرجال وزراء بروح الوطن.