وجه قيادات إسلامية دعوات لجماعة "الإخوان المسلمين" خلال الآونة الأخيرة تطالبها بالخروج من المشهد السياسي، والعودة مجددًا للعمل الدعوي، مرجعين ذلك إلى أن وجودها أصبح عائقًا كبيرًا أمام الشعب في تحقيق أي إنجاز. الدعوة الأكثر إثارة للجدل صدرت من عاصم عبد الماجد، القيادي ب "الجماعة الإسلامية"، الذي طالب "الإخوان" بالخروج من المشهد السياسي، مبررًا ذلك بأن "وجودهم كان ولا يزال عائقًا أمام تبلور ثورة شعب تتجمع نذرها في الأفق، وأصبح من المحتم الآن الحديث عن إخراجهم معنويًا من المشهد". وقال عبد الماجد، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، إنه "بعد رفض قيادة الإخوان الحالية المتكرر لكل النصائح التي وصلتهم سرا وعلانية بالخروج من المشهد السياسي ليس كعقوبة لهم على أخطائهم الكارثية منذ تولي الدكتور مرسي حتى يومنا هذا وإنما لأن وجودهم كان ولا يزال عائقا أمام تبلور ثورة شعب تتجمع نذرها في الأفق.. أصبح من المحتم الآن الحديث عن إخراجهم معنويا من المشهد". وأضاف: "إخراجهم المعنوي لا يعني فقط العمل بمنأى عنهم بشكل كامل، وإنما أيضًا مفاصلة هذه القيادات وإدانتهم بوضوح ، لأنهم عقبة كأداء أمام تحول السخط الشعبي". عبد الماجد أوضح أن "الشعب لم ينفضّ عن الإخوان لقلة وعيه كما يتهمه دراويش الإخوان .. الشعب الذي وقف خلف الإخوان في خمس استحقاقات انتخابية .. أيقن أن الإخوان أكبر مقلب شربه في تاريخه". وتابع: "الشعوب لا يملأ عينها الضعيف.. الشعوب أذكى مما نتصور.. ذاكرة الشعب لن تنسى للإخوان ما فعلته بهم قبل مضي عشرات السنين.. الشعوب لا تفرق بين قيادات الجماعة وقواعدها ولا بين شيوخها وشبابها.. الإخوان بوضوح أصبحوا في نظر الناس عنوان الضعف والفشل". وقال إنه "لو يحسن الإخوان صنعا لأعلنوا اعتزالهم المشهد السياسي اعتزالا كاملا، وأغلقوا على أنفسهم محاريب عبادتهم في انتظار الفرج، ولا بأس أن يأخذوا في يدهم مناصريهم من الجماعة الإسلامية أيضا، أما إذا رأوا أن مصلحة الجماعة أن تظل في المشهد فليس أمامنا إلا ما قلته لكم أعلاه". أيضًا، دعا الدكتور إبراهيم الزعفراني، القيادي "الإخواني" السابق، الجماعة بأن تتخلى عن المنافسة على السلطة، والخروج من المشهد السياسي، والرجوع مرة أخرى إلى الدعوة. وناشد الزعفراني، الدكتور محمد بديع، المرشد العام ل"الإخوان"، في رسالة نشرها عبر صفحته على "فيس بوك"، أن يعلن خلال حضوره إحدى جلسات محاكمته ذلك، قائلًا "أناشد فضيلتكم اليوم كما وقفتم وقفتكم الحكيمة تعلنون كلمتكم الواضحة بأعلى صوت وأقوى عبارة "دعوتنا سلمية .. وسلميتنا أقوى من الرصاص"، أن تعلنوا من خلال إحدى قاعات المحكمة أن رسالة جماعة الإخوان المسلمين الرئيسية هي في بناء المجتمع وتهيئته للمستوى الذي يأمله من الحياة الحرة الكريمة والخلق القويم والإلتزام بتعاليم الدين الحنيف". القيادي المستقيل من "الإخوان"، أضاف: "لقد ناشدت قيادات الإخوان خارج السجون عدة مرات منذ أكثر من عام أن يتخذوا هذا القرار الشجاع فلم أجد منهم أي صدى ، واليوم أناشد شخصكم الكريم بما تحملونه من أمانة المسؤولية أمام الله ثم أمام الدعوة الإسلامية والأمة الإسلامية وأمام شعبنا المصري". واستطرد: "وبناء عليه يتم إعلان فضيلتكم من منطلق مسؤوليتكم وموقعكم خروج جماعة الإخوان الطوعي من المنافسة على السلطة، دونما إخلال بدور الجماعة الوطني في الوقوف مع وخلف كل أبناء مصر المخلصين والقيادات الوطنية الشريفة الساعية لتخليص البلاد من الظلم والدكتاتورية، وإقامة دولة العدل والحرية واسترداد حقوق كل من ظلموا". لم يكن عبد الماجد والزعفراني، الوحيدين اللذين طالبا بذلك، بل دعا الدكتور ممدوح المنير، القيادي ب"الإخوان"، الجماعة بالابتعاد عن المشهد كتنظيم سياسي خدمة لأهداف القوي الداعمة لثورة الخامس والعشرين من يناير، مؤيدًا ما طرحه الزعفراني. وقال المنير، عبر صفحته على "فيس بوك"، إن "الإخوان بوضعهم الحالي "كقيادة و تنظيم" أصبحوا عائق كبير أمام الثورة، رغم انه لا خلاف على أنهم أكثر من ضحى و بذل مخلصا متجردا في سبيلها، بل أكثر من حافظ على الثورة محفوظة في وجدان الشعب المصري بلا منازع و لا ينكر ذلك إلا جاحد أو حاقد . ومضي قائلاً: "لكن رغم ذلك فشلت "قيادة الإخوان" في تحويل هذه الثورة إلى نصر أو حتى إلى ندية في الصراع لو سلمنا بأن الخصم فاجر و مدعوم من الغرب و لكن في أسوء الأحوال كان من الممكن أن تدير الصراع معه بشكل أكثر ندية و قوة ، و ليس حالة العجز التي وصلنا إليها بإرادتنا نحن و ليس فقط لقوة الخصم". خالد الزعفراني، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، قال إنه "يجب قبل مطالبة الجماعة بالخروج من المشهد، دعوتها لإجراء مراجعات على الفكر القطبي الذي تسير عليه، واعتماد منهج الأزهر، لأن استمرار تمسكها بهذا الفكر، لن يساعدها على اتخاذ أي خطوة إيجابية". وأضاف ل"المصريون": "منذ 30 يونيو، وهناك دعوات كثيرة وجهت للإخوان لكي تخرج من المشهد، وقد طالبتها بذلك، إلا أنه من الصعب تحقيق ذلك، أو أن تتحول لجماعة دعوية، فالجماعة الآن تمارس السياسة، ولها تواجد خارجي ولها علاقات ببعض الدول". ولفت إلى أن الجماعة ليس أمامها سوى التحول لحزب سياسي، ومن يرى أن ذلك خطأ، يتجه للعمل الدعوي فقط ولا يتدخل في الشئون السياسية. فيما أيد المحلل السياسي، خالد الأصور، الدعوات المطالبة بخروج الجماعة من المشهد السياسي، قائلاً إنه سبق وطالب بذلك في مقال له بعنوان "مبادرتي" بجريدة "البديل" عام 2014. وأضاف عبر صفحته على "فيس بوك": "أتبنى هذا الخطاب من الزعفراني، سبق وطالبت بذلك في مقال مبادرتي بجريدة البديل منذ عام 2014... لذا فأنا أتبنى". من جانبه، قال عباس قباري، منسق عام حركة التقييمات في جماعة الإخوان، في تصريحات له، إن المعادلة في مصر الآن التي تسير وفقها الأحداث هي معركة بين ثورة قامت وتخلى عدد كبير من أبنائها وبين ما اسماه "انقلاب" يستعيد ما فقده.