عقب الحادث الإرهابي، الذي وقع بمنطقة الواحات أمس الأول، أصدر الفريق أحمد شفيق، المرشح الرئاسي الأسبق، والفريق سامي عنان، رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، والمرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة القادمة، بيانين نعيا فيهما الشهداء. غير أن اللافت للانتباه، هو أن كلا البيانين، حملا نفس المضمون، وبدا أن شفيق وعنان متفقين إلى حد التطابق في نقاط عدة؛ أبرزها وجود خلل وتقصير واضح، ربما يصل –من وجهة نظرهما- إلى حد الخيانة، وأيضًا طالبا بتوخي الحذر، واستعمال لغة العقل والرشد، مع عدم التعجل في الانتقام، قبل فهم حقيقة ما دار في الحادث. ووقعت أمس الأول اشتباكات بين عناصر مسلحة وقوات الشرطة في منطقة الكيلو 135 بطريق الواحات، أسفر عن استشهاد 16 من قوات الشرطة وإصابة 13 آخرين، بحسب بيان وزارة الداخلية. واستنكر شفيق، في تغريده له على حسابه على موقع "تويتر"، الهجوم الإرهابي، قائلًا: "ما هذا الذي يحدث لأبنائنا، هم على أعلى مستويات الكفاءة والتدريب، هل ظلمتهم الخيانة أو ضعف التخطيط لهم، أو كل الأسباب مجتمعة، أرجوكم لا تتعجلوا في الانتقام قبل أن تستوعبوا وتفهموا حقيقة ما دار أمس على أرض بلدنا الجريح وفي عمله". وأضاف: "أرجوا أن تدركوا أن ما حدث لم يكن مجرد اغتيال كمين منعزل، ولا هو مهاجمة بنك في مدينة حدودية، أبدًا لمن لا يفهم ولمن لا يريد أن يفهم، ما دار كان عملية عسكرية كاملة الأركان، أديرت ظلما ضد أكثر أبنائنا كفاءة ومقدرة وإخلاصًا". وتابع :"عفوًا لا أستطيع أن أنطق أو أكتب عزاء لأسر أبنائنا، أحباتنا الشهداء، فالكارثة مروعة، العزاء لمصر، ولكل محب لمصر". فيما علق عنان على الحادث، قائلًا: "حدث جلل أصاب مصر في أرقى وأكفأ قواتها. نَحّوا العواطف جانبا الآن، لغة العقل والرشد هي ما نحتاجها حاليا. ابحثوا عن الأسباب والدوافع وضعوهما في سياقهما الصحيح. شخَّصوا المرض بواقعية وبعقلانية. أدركوا حجم الكارثة التي نمر بها ونعيشها". وتساءل عنان في تدوينة عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي ""فيسبوك": "هل أبناؤنا أعز وأكفأ ما نملك ضحية الخيانة، وضعف وسوء التخطيط، وعدم دقة المعلومات"، متابعًا: "احترموا عقولنا تمتلكوا قلوبنا". واستطرد قائلًا: إن "مصر تتشح بالسواد؛ حزنا وغما ونكدا على هذه الكارثة المروعة"، مختتمًا: "رحم الله الشهداء، وعجل بشفاء المصابين، والعزاء لمصر ولشعب مصر العظيم". الدكتور حازم عبد العظيم، الناشط السياسي، والقيادي السابق بحملة الرئيس عبد الفتاح السيسي قال في تصريحات إلى "المصريون"، إن "البيانين الصادرين عن شفيق وعنان يؤكدان أن ما جرى أمس ليس طبيعيًا، وأن هناك خيانة حدثت وتقصير ربما متعمدًا". وشدد على أهمية ما حمله بيان كل من شفيق وعنان، نظرًا لأنهما "كانا قادة عسكريين وخدما في الجيش لفترات طويلة، والخبرات الواسعة التي يتمتعان بها جعلتهما يتوقعان ذلك". وأوضح أن "هناك أسرارًا خفية كثيرة لديهما حول ما يحدث"، لافتًا إلى أن "الخيانة التي تم الإشارة إليها في البيانين، لا نستطيع توضيح المقصود منها بالضبط، هل ما حدث متعمد أم ماذا بالضبط؟". واعتبر أن البيانين "بمثابة رسالة للسلطة الحالية وعلى رأسها الرئيس عبدالفتاح السيسي، مفادها أن ما حدث خلل كبير وتقصير في الغالب متعمد، وربما نتج عن خيانة". ورأى الناشط السياسي، أن "بيان شفيق أرعب السلطة، والدليل على ذلك أنها أطلقت أذرعها المختلفة سواء وسائل الإعلام أو اللجان الالكترونية للهجوم عليها وانتقاده، والتشكيك فيه". واستطرد: "كذلك بيان عنان، سعت الدولة للتشكيك فيه، وأنه ليس صادر عنه، لكن أنا أؤكد أنه صادر عن الفريق، وليس كما يدعون". وخلص قائلًا: "في النهاية، هما يؤكدان أن السبب الرئيسي فيما حدث يرجع إلى التقصير والإهمال، وعدم الاعتماد على خطط ونظم حماية، لا سيما أن القوات الأمنية المهاجمة لم تعتمد على الغطاء الجوي، هذا بالإضافة إلى أن الاتصال ظل مقطوعًا لقرابة 12 ساعة، ورغم ذلك لم يتحركوا أو يحركوا قوات لمعرفة ما يحدث هناك". متفقًا معه في الرأي، قال الدكتور أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسية، عضو "جبهة التغيير"، إن "مضمون البيانين يؤكد أن شفيق وعنان يريان أن هناك خيانة بالفعل حدثت، وأن هناك ملابسات كثيرة غير مفهومة"، متابعًا: "الخيانة من وجهة نظري أيا كانت هي في النهاية مسألة تحتاج لعقوبات شديدة ضد المقصرين". وأوضح دراج ل"المصريون"، أن "البيانين يحملان رسالة مباشرة منهما للنظام ولمن يفهم، فحواها أن هناك خللاً واضحًا وتقصيرًا ظاهرًا، وأن النظام الحالي لن يستطيع التغلب على كل هذا، بل لابد من نظام آخر". ولفت إلى أن "السلطة لا تسمح لأحد بالتحدث أو الانتقاد، ودائمًا ما تحاول التعتيم على جميع الأحداث، لذا أصوات المعارضة غير ظاهرة". وأشار إلى أن "حركة حسم لم تعلن عبر موقعها الرسمي، وقوفها وراء الحادث، لكن تم الإعلان عن تبنيها الحادث، وهذا يشير إلى أن هناك تلفيقًا، ومحاولة لإخفاء الحقائق وعدم المكاشفة". ولفت إلى أن "السلطة لا تستطيع سد الثغرات الموجود بالأجهزة الأمنية، بل تسعى إلى تسخير جميع المؤسسات لخدمتها، وتحقيق مصالحها، وذلك يؤدي إلى النتيجة التي حدثت أمس الأول".