كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، عن تلاعب صحف إسرائيلية بتصريحات زعيم حركة "حماس"، يحيى السنوار، التي ركزت عناوينها على عدة جمل، منها "إذا قامت إسرائيل بفعل شيء غبي سنقوم بسحقها"، أو "إذا بدأت إسرائيل حربًا فسوف نسحقها"، لافتة إلى أن الهدف من وراء ذلك هو إفشال عملية السلام بين الطرفين. في هذا الصدد، تساءلت صحيفة "هآرتس"، لماذا اختار المحررون الإسرائيليون هذه العناوين على وجه الخصوص؟ متجاهلين الجزء الخاص الذي قال فيه "السنوار"، إن "حماس" في الوقت الراهن لا تريد مواجهة مع إسرائيل. وتابعت الصحيفة، أن إجابة هذا السؤال واضحة، بأن العناوين السابقة تهدف إلى إقناع الشعب الإسرائيلي، بأن "لا يوجد شريك للسلام"، بجانب إيصال رسالة للإدارة في إسرائيل تجاهل التفكير في أمر مفاوضات السلام. في حين لم يذكر أي صحفي أن إسرائيل أعلنت نفس التحذير، "سوف نواجه الاستنزاف بالقصف"، كما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو في 2014. وأوضحت الصحيفة أن من وجهة نظر إسرائيل، فهي تري هذه العناوين العدوانية، جزءًا من الحديث البطولي الذي يجعل كل إسرائيلي يقف شامخًا، كما أنه يذكر الجميع في المنطقة بقوتنا الإقليمية، ولكن عندما يتخذ الفلسطينيون نفس المسار، ويهدد أحد زعمائهم في تصريحات علنية بشن الحرب على إسرائيل، فهذا يذكرنا مرة أخرى ب"طبيعة عدونا"، وأنه لا يوجد إمكانية للتغيير. ولهذا السبب، وبدلًا من تقديم التفسيرات في وسائل الإعلام العبرية، قدمت الصحيفة ملخصًا مشروحًا لتصريحات "السنوار" باللغة العربية: وقال "السنوار" في مقابلة إعلامية، إن "حماس ليست مهتمة على الإطلاق بالحرب مع إسرائيل، وكلما طال تأجيل الحرب لمدة ساعة أو سنة، فإنها تخدم المصلحة الفلسطينية، ومن الأفضل بقاؤها لأطول فترة ممكنة". وتابع: "وإذا نجحت حكومة الاحتلال في الهجوم عسكريًا، فإن قوات المقاومة ستستعيد ما فقدته في الحرب الأخيرة، وهي مستعدة لإجراء المواجهة التالية على مدى فترة طويلة وحتى لسحق الإسرائيليين"، مستطردًا "حماس لديها أسلحة رادعة تجعل إسرائيل تفكر ألف مرة قبل مهاجمة غزة، وإذا تصرفت بحماقة، فمن الممكن أن تندم عليها". وأردف "السنوار"، "حماس تنسق بشكل وثيق مع كتائب القدس، الجناح العسكري للجهاد الإسلامي الفلسطيني، ومستعدة للتعاون مع جميع فصائل المقاومة المسلحة". وعلقت الصحيفة على ذلك، أن يحيي السنوار، يحتاج إلى منافسيه السياسيين في فتح والجهاد الإسلامي الفلسطيني والجبهة الشعبية وتحرير فلسطين؛ لمنع تآكل شرعيته السياسية وصورته الوطنية في ظل التنسيق الأمني مع مصر، ولكن أيضًا لتحذير قيادة حماس في الضفة الغربية والخارج من الاقتراب من الرئيس الفلسطيني، محمود عباس خلف ظهره. ونوه "السنوار" في مقابلته، بأن "مؤسسات حماس تدرس الآراء الشخصية لأعضاء كتائب القسام التي اقترحت خلق فراغ سياسي وأمني في القطاع، ولكن أي قرار في هذا الشأن سيكون خاضعًا لإجماع وطني للجميع". وفي هذا الشأن، قالت الصحيفة إنه "ليس من قبيل الصدفة أن "السنوار" قال "الاجتهادات"، "الرأي"، أو "الحكم الديني المستقل"، ورسالته هي أنه عندما تختلف وجهات النظر السياسية والعسكرية، ينتصر "التوافق الوطني". وأشار قائد حركة "حماس"، إلى أن "حماس ترى الانقطاع بين الضفة الغربية وقطاع غزة انتحارًا لمشروع التحرير الوطني الفلسطيني، وبالتالي فهي لا تقلل من إمكانية المصالحة مع السلطة الفلسطينية وحركة فتح، موضحًا أن "حماس" أنشأت لجنتها التنفيذية بسبب الفراغ الذي خلفته حكومة الإجماع الوطني، وهي مستعدة لحلها إذا قامت حكومة الإجماع الوطني بواجباتها في غزة". وأكد "السنوار"، أن "حماس تعتقد أن علاقاتها مع مصر تتطور وتتحسن، وفتح معبر رفح والتفاهمات التي تم التوصل إليها في القاهرة سيؤدي إلى انخفاض البطالة والفقر في غزة". ولفتت الصحيفة إلى أن اختار "السنوار" التنسيق الأمني مع مصر "إنشاء قطاع أمني على الحدود بين غزة ومصر والقبض على المتسللين"، على حساب الابتعاد إلى حد ما عن قطر وتركيا، لأن مفتاح الأزمة الاقتصادية في غزة تقع على عاتق الدولة الحدودية معها. وفي سياق متصل، استطرد "السنوار": "أن من المهم الحفاظ على الحريات العامة، بما في ذلك حرية الكلام والفكر، كشرط للتنمية والتغيير"، واعدًا بمحاربة الفساد ودراسة الحوادث المبالغ فيها"، ويمكن اعتبار ذلك بمثابة اعتراف بالاستياء المتزايد من المثقفين والصحفيين والمحامين ورجال الأعمال في غزة ضد حكومة "حماس"، وخوفهم من أن حماس سوف تسلك طريق تنظيم "داعش". واختتمت الصحيفة تقريرها، مؤكدة أن "السنوار" ليس صهيونيًا ولن يعترف بإسرائيل، لكنه يريد أن يستفيد لمرة واحدة من الفرصة ليصبح ابنًا شرعيًا في نظر السلطة الفلسطينية والقادة العرب والمجتمع الدولي. وأضافت أن فكرة "الإجماع الوطني"، التي استخدمتها قيادة حماس مرة أخرى لتفسير انسحابها من الرؤية المتطرفة لدولة فلسطينية من النهر إلى البحر، وقبولها لدولة فلسطينية في حدود 1967، هي أيضًا متكررة: ليس في سياق هدف حماس (حدود الدولة المستقبلية)، ولكن فيما يتعلق بطبيعة الحكومة في القطاع ونوع النضال المناهض لإسرائيل سوف تمليه.