قال البروفيسور دوج باندو، كبير باحثي معهد "كاتو" للدراسات السياسية بالولاياتالمتحدةالأمريكية، إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كان أحد الرؤساء المفضلين للرئيس دونالد ترامب، على الأقل حتى وقت قريب، لكن دعم "ترامب" للوحشية والقمع في مصر لا يزال يشوه سمعة أمريكا خارجيًا، لذا يجب أن تتوقف إدارة "ترامب" عن دعم الديكتاتورية في مصر. وتابع "باوند"، في مقاله، أن مع تولي الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حكم البلاد في 2016، وضعت السلطة المصرية قائمة طلبات واسعة لواشنطن بما في ذلك زيادة المساعدات، ورفع القيود المفروضة على المساعدات العسكرية، وإعلان جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، وتسليم منتقدي النظام. وعلاوة على ذلك، فسّر الرئيس "السيسي" على ما يبدو موقف الرئيس "ترامب" الإيجابي معه، على أنه ضوء أخضر لتصعيد حرب النظام على الشعب المصري، لافتًا إلى أن بعد قمة مايو في السعودية، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن "قوات أمن الدولة اعتقلت العشرات من أعضاء المعارضة، كما تم حظر أكثر من 100 موقع إلكتروني معارض للنظام، وقد تم سجن المحامين والناشطين في مجال حقوق الإنسان بسبب تنظيم الاحتجاجات وتجميد أصولهم، وقال المحامون والقضاة إن السلطة القضائية مكدسة بموظفين مؤيدين ل"السيسي". ونوه "باوند" بأن الحكومة الأمريكية فهمت منذ فترة طويلة الطابع الوحشي للنظام في مصر، حيث أشار التقرير الأخير لوزارة الخارجية الأمريكية لحقوق الإنسان، إلى أن "أهم مشاكل حقوق الإنسان هي الاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الأمن، وأوجه القصور في الإجراءات القانونية الواجبة، وقمع الحريات المدنية". وفي السياق ذاته، كتبت منظمة العفو الدولية عن استخدام "الاعتقالات التعسفية الجماعية لقمع المظاهرات والمعارضة"، بينما اعتبرت منظمة هيومن رايتس فيرست، أن الفترة الحالية في مصر "أسوأ قمع حكومي منذ عقود"، وقال فريق منظمة الأممالمتحدة، المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي إن مصر لديها عدد كبير من " المختفين قسريًا"، الذي ازداد بصورة ملحوظة في عام 2015، ولم ترد الحكومة على طلب اللجنة للزيارة "على الرغم من رسائل التذكير المرسلة ". وألمح "باوند" إلى أن كلًا من واشنطنوالقاهرة ترغبان في "الاستقرار"، ولكن طمس حتى أكثر الانتقادات متواضعة هو مثل بناء مرجل دون صمام "أمان"، فعندما يحدث انفجار لا مفر منه فإنه سوف يحرق الكل بلا استثناء، على سبيل المثال، في عام 2011، لاحظت دائرة أبحاث الكونجرس، "انتفاضة شعبية في مصر تظهر في الأفق، تكافح بصورة خاصة العلاقة الأمريكية، التي استمرت لعقود مع نظام "مبارك" السابق"، وهذا ما دفع إدارة "أوباما" لإصلاح الضرر من خلال دعم الرئيس محمد مرسي بقوة، وكسب عداء منتقديه. وحتى شهر مضى يبدو أن واشنطن قد تحولت مرة أخرى إلى دعمها الانعكاسي للنظام الحاكم، إلا أن حقوق الإنسان أولا حذرت الإدارة الأمريكية من أن مصر "تتجه إلى حالة من عدم الاستقرار الشديد"، فضلاً عن افتقار المعارضة إلى قيادة منظمة ومسئولة. وفي أبريل، شاهدت ميشيل دان من مؤسسة كارنيغي، أن "انتهاكات حقوق الإنسان والقمع السياسي، الذي لم يسبق لها مثيل والتي تمارسها الحكومة منذ عام 2013 يثير النيران بدلًا من إخمادها". وقبل عامين وجد مكتب المحاسبة الحكومي، أن وزارة الخارجية الأمريكية "لم تقم بتقييم نتائج المليارات الدولارات كالمساعدات الأمنية لمصر"، وأوضحت الوكالة أن "عدم وجود تقييم للمساعدات الأمنية لمصر يثير تساؤلات حول كيفية تنفيذ هذا البرنامج بدعم من 1.3 مليار دولار في التمويل الأمريكي سنويًا، وكيف عرف أن هذا يساهم في تحقيق الأهداف الإستراتيجية ومستويات التمويل اللازمة للنجاح دون تقيم دوري". لكن وزارة الخارجية صدمت في أغسطس المسئولين والمراقبين في كل من القاهرةوواشنطن بإلغاء ما يقرب من 96 مليون دولار من المساعدات وتعليق 195 مليون دولار أخرى، ومن الناحية العملية، فهي مجرد صفعة في المعصم، حيث ستقوم القاهرة بجمع 1.3 مليار دولار أخرى مستحقة من الولاياتالمتحدة بصورة أو بأخرى، مؤكدًا أن كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة سيساعد على إبقاء نظام "السيسي" واقفًا على قدميه. وعلق "باوند" على ذلك بأن لا يمكن لواشنطن أن تعيد تشكيل العالم، ولكن يجب أن تقيد أفعالها اعتبارات أخلاقية، في الحد الأدنى، يجب على الولاياتالمتحدة أن ترفض الاعتراف بالنظم التعسفية، أن لم يكن لها مبرر مقنع لفعل ذلك، موضحًا أن لا يوجد أي شيء في مصر اليوم يستدعي المساعدة، ولا تحتاج القاهرة إلى رشوة للتخلي عن الحرب مع إسرائيل، ومع إن الإرهاب مشكلة متزايدة، ولكن الأموال والأسلحة الأمريكية ليست الحل. واختتم الباحث الأمريكي والصحفي، دونج باوند، مقاله، قائلاً: "إنه رغم أن خفض الدعم الأمريكي لن ينهي الانتهاكات الواضحة لحقوق الإنسان في مصر، ولكن يجب على واشنطن أن تأخذ جانب شعب مصر بدلا من حكامه، فعلى المدى الطويل قد يساعد هذا على تعزيز الاستقرار والديمقراطية".