أعرف أن البعض لا يزال يعانى من صدمة نتائج الانتخابات الرئاسية، وما أفرزته من خوض جولة جديدة للإعادة بين الدكتور محمد مرسى والفريق أحمد شفيق، ولكنى أرجوكم أن تخرجوا من هذه الحالة سريعًا، فالوقت ليس فيه متسع للأمنيات والأحلام المثالية، نحن الآن أمام واقع يفرض نفسه على الجميع، يجب أن نعلم بأن واحدًا منهما سوف يصبح رئيسًا لمصر، فى أول انتخابات حقيقية شهدها العالم العربى، دعونا نتوقف عند بعض المشاهد من الجولة الأولى للانتخابات، ونحصل على بعض الدروس المستفادة، قبل دخولنا للمرحلة الحاسمة التى لن ينفع بعدها الندم. فى البداية دعنى أؤكد أنى لم أستغرب على الإطلاق من نتيجة الانتخابات، فقد نجح مرسى وشفيق لأن كلاً منهما لا يمثل نفسه فقط، وإنما يعتبر امتدادًا لمنظومة كبيرة تقف خلفه وتدعمه، ولها جذورها الممتدة فى المجتمع المصرى، لا يتحقق النجاح بأن يكون المرشح شخص له حضور وكاريزما، بل يحتاج إلى انتشار واسع للفكرة، واقتراب حقيقى ومباشر من الجماهير، وهو ما يتحقق حاليًا من خلال منظومتين؛ الأولى تمثلها جماعة الإخوان المسلمين، والثانية تمثلها منظومة الحزب الوطنى المنحل، تحقق النجاح لاقترابهما بشكل واقعى من احتياجات الشعب، فللإخوان باع طويل فى العمل الجماهيرى والخدمى، بينما شعر الكثيرون بالاطمئنان مع شفيق لأنه لامس وترًا مهمًا عند الكثيرين ممن يبحثون عن الشعور بالاستقرار، حتى لو كان ذلك مع رجل مبارك الأول. سأكون صريحًا لأبعد الحدود.. وأقول إن الخاسر الأول هم شباب الثورة، صحيح أنهم قاموا بدور وطنى رائع خلال العام ونصف المنصرم، ولكنهم فى نفس الوقت ارتكبوا العديد من الأخطاء التى أدت فى النهاية لهذه النتيجة، كنت كثيرًا ما أحذر من أن التهديد الأول الذى يواجهنا هو خسارة التعاطف الشعبى مع الثورة، وبعدها عن هموم ومشكلات المواطن الذى من أجله قامت ثورتنا، وهو ما حدث بالفعل، وأدى لشعور المجتمع بأن اهتمامات الثوار ليس لها علاقة برجل الشارع، علمتنا نتائج الانتخابات أن النجاح الحقيقى يكون بالتحرك على المسارين السياسى والاجتماعى معًا، وإلا فإن الناس ستنصرف إلى من يشعر بمعاناتهم. دعونى فى النهاية أقدم مجموعة من الرسائل المهمة، أبدؤها بتوجيه كل التحية والتقدير لشباب حملة (أبو الفتوح) و(صباحى)، فقد قدموا وبكل صدق أفضل نموذجًا للمنافسة الشريفة والمحترمة، حتى وإن كان مرشحهم خسر جولة انتخابية، فقد ربح الوطن رصيدًا جديدًا من أفضل الرجال، ومهما اختلفت الأفكار.. فنحن جميعًا فى مركب واحد هدفه الأساس بناء الوطن، أما رسالتى الثانية فأقدمها لشباب حملة (مرسى).. فقد واجهتهم العديد من الصعوبات، وذلك مع الإعلان المتأخر عن دخول الإخوان لحلبة المنافسة، ثم استبعاد المرشح الأصلى، وضيق وقت الفترة المخصصة للدعاية، والحملات المكثفة للتشويه الإعلامى، وبالرغم من كل ذلك.. فقد قدم الشباب فى ثلاثة أسابيع نموذجًا متميزًا فى العمل والإبداع، وارتفعت أسهم مرشحهم حتى توجت بتصدره لأصوات المصريين فى داخل مصر وخارجها. الرسالة الأخيرة واجبة فى حق الكثير من رموز ونخب ومثقفى المجتمع المصرى، الذين كثيرًا ما اختلفوا مع الإخوان، وخاضوا ضدهم العديد من المعارك السياسية الساخنة، ولكن ذلك لم يمنعهم من الإعلان الفورى وبدون تردد عن دعم (مرسى) فى مرحلة الإعادة، أثبت هؤلاء الرجال عن نقاء معدنهم ووطنيتهم الحقيقية، وأكدوا بشكل كامل أن ما يجمعنا كمصريين أكثر بكثير مما يفرقنا، وبالفعل.. فالفرصة الآن مواتية أكثر من أى وقت مضى لنلتف جميعًا حول هدف واحد، يتمثل فى إعادة بناء مصر وتحقيق مطالب الثورة، دعونا نقدم مصلحة الوطن فهو يستحق منا الكثير. [email protected]